شوف تشوف

الرأي

الدواوين الوزارية.. الباب المثالي لحديثي النعمة

مصطلح “حديثي النعمة” يطلق على من ابتسم له الحظ بعد الفقر والشح واكتسى لباس الثراء بعد التقشف والفاقة، هم طبقة من تجار الأزمات، أزمات الاقتصاد والسياسة والثقافة وغيرها. لذلك ليست مبالغة إن تحدثنا عن حديثي النعمة، الذين يلجون لدائرة الضوء من خلال ريع حزبي، منظم بإحكام من طرف القانون، يسمى أعضاء الديوان.
يتفهم الجميع إلى حد كبير، أن يستقدم كل وزير طاقمه الخاص عندما يستلم حقيبة قطاع ما، لكون القرارات التي يتم اتخاذها تحتاج لخبراء ومتخصصين ينصحونه، وعنصر الثقة هنا يعتبر حاسما في اختيار هؤلاء، لذلك غالبا ما يلجأ الوزير لطاقم منتم لحزبه، وهذا يسمح غالبا بتحول عضوية الدواوين الوزارية إلى نوع من الريع الحزبي “الشرعي” لكون القانون يسمح بهذه العملية، إذ تخصص لهؤلاء رواتب تبدأ بـ 17 ألف درهم شهريا على الأقل، دون الحديث عن التلاعبات المعروفة التي يلجأ إليها الوزراء لصرف تعويضات أخرى لهم تحت الطاولة، لذلك فصفة الخبراء التي يتقاضى بها هؤلاء رواتبهم من المال العام، تفترض أن يكرسوا خبراتهم لخدمة القطاعات التي يسيرها الوزراء وليس خدمة حساباتهم الخاصة. هذا على الورق طبعا، لكن ما يجري في الواقع مختلف تماما، إذ أن عضوية الديوان هي مرتع حقيقي لتشغيل الأبناء والبنات، الزوجات والخليلات والأصهار.
وفي قطاع التعليم حيث لا تتجاوز فترة الاستوزار العامين منذ بداية الألفية الثالثة، مر ما يناهز 200 شخص من دواوين مختلف الوزراء الذين تولوا هذه الحقيبة منذ حكومة التناوب، وفي كل مرة، هناك حكايات عنوانها استغلال النفوذ والجشع والريع، ولحد الساعة مايزال مسؤولون مركزيون أشباح، تم تعيينهم في مناصبهم قبيل مغادرة الوزير لمنصبه، كما حدث مثلا مع الوزيرين السابقين عبد الله ساعف والحبيب المالكي، أما الوزير السابق اخشيشن فوظف “حقه” القانوني في تشغيل أعضاء الديوان لاستقطاب بعض الخبراء لمشروعه السياسي الذي عرف آنذاك بـ “حركة لكل اليموقراطيين”، أما الوزيرة السابقة العبيدة فإنها مزاجيتها الأنثوية كانت حاضرة في تعيين أعضاء ديوانها، فمنهم من تم طرده في شهور، ومنهم من تم تعيينه نائبا إقليميا أو مديرا مركزيا، وما يزال حتى الساعة بعض المحسوبين عليها يقبضون زمام اتخاذ القرار في القطاع. أما الوزير السابق محمد الوفا، فقد كانت له أيضا لمسته الخاصة في هذا الموضوع، منها أنه كان يشتغل دون ديوان، معتمدا فقط على مديرة مكلفة بالتواصل، في حين أن حوالي 15 شخصا، ينتمون لحزبه يتقاضون رواتب شهرية بصفتهم أعضاء ديوانه دون حتى أن تطأ أقدامهم الوزارة يوما، أما الوزيران الحركيان، السابق “الكروج” والحالي “برجاوي” فقد اعتمدا بالكامل على أعضاء أغلبهم مسنود بشخصية حزبية معروفة، دون حتى أن تكون لهم علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالقطاع، فبالأحرى أن يقدموا بحوثا أو دراسات أو استشارات تهم القطاع. أما الوزير الحالي بلمختار فإنه وضع ابن المستشار الملكي الراحل مزيان بلفقيه رئيسا لديوانه، وهو خريج جامعة الأخوين، معتمدا أيضا على مسؤولة سابقة في إحدى المؤسسات الجامعية بجامعة القاضي عياض بمراكش، ويشهد كل العارفين بأحوال هذه الجامعة نوعية المشكلات التواصلية التي كانت تعاني منها، ليضيف أربعة أو خمسة آخرين، يستبيحون القطاع بشكل يتجاوز الحدود التي يرسمها القانون لمهامهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى