علمت «الأخبار»، من مصادر مطلعة، أن بعد مصادقة المجلس الحكومي على مشروع القانون المتعلق بإحداث الشركات الجهوية متعددة الخدمات، تستعد وزارة الداخلية لإدخال تعديلات على القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات، من أجل ملاءمته مع القانون الجديد.
وأوضح جواد العسري، أستاذ المالية العامة بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، أن مشروع القانون الذي صادق عليه المجلس الحكومي يتعلق بإحداث شركة مساهمة على صعيد كل جهة، يتمثل غرضها الرئيسي في تدبير مرفق الماء الصالح للشرب والكهرباء والتطهير السائل والإنارة العمومية عند الاقتضاء، أو تتبع تدبير هذا المرفق، بعد موافقة صاحب المرفق، حيث يمكن في الحالة الأخيرة أن تعهد الشركات الجهوية متعددة الخدمات لأشخاص اعتباريين خاضعين للقانون الخاص، بموجب عقود، ببعض من المهام الموكولة إليها. وأشار العسري إلى أن قطاع الماء الشروب والكهرباء يدبر حاليا عبر ثلاث آليات، وهي الوكالات المستقلة، والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، أو من خلال التدبير المفوض لشركات خاصة.
وأضاف العسري أن مشروع القانون الذي تقدمت به الحكومة، والذي من المنتظر أن يعرض على مجلس النواب في إطار استكمال المسطرة التشريعية المتعلقة بالمناقشة البرلمانية، تضمن آلية جديدة في تدبير مرفق عمومي ترابي سبق للقانون التنظيمي المتعلق بالجماعات، والذي يعتبر وثيقة تشريعية أسمى من القانون العادي بحكم الدستور، الذي ينص في الفقرة الأولى من المادة 83 على أنه تقوم الجماعة بإحداث وتدبير المرافق والتجهيزات العمومية اللازمة لتقديم خدمات القرب في الميادين التالية، وهي توزيع الماء الصالح للشرب والكهرباء، والنقل العمومي الحضري، والإنارة العمومية إلى غير ذلك من المرافق.
وأكد العسري أنه يستشف من النص التنظيمي الذي يعد وثيقة مكملة للوثيقة الدستورية أن مرفق الماء والكهرباء والتطهير يحدث ويدبر من طرف الجماعات، وبالتالي أي تدبير خارج الإطار الذي رسمه القانون التنظيمي يعد مخالفة دستورية. وأشار أستاذ المالية العامة بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء إلى أن المجلس الدستوري سبق له التصريح بمطابقة المادة 83 للدستور، ومن جهة أخرى تنص الفقرة الثالثة من الفصل السادس من دستور المملكة على أنه «تعتبر دستورية القواعد القانونية وتراتبيتها ووجوب نشرها مبادئ ملزمة»، وبناء عليه يمنع إقرار أو إصدار أو تنفيذ أو تطبيق أي نص مخالف لتشريع أسمى.
وأوضح العسري أن احترام الدستور وتراتبية القواعد القانونية يقتضيان ملاءمة النصوص التشريعية، في إطار الانسجام التشريعي الذي يعتبر مبدأ دستوريا أكده القضاء المغربي، في قرار المحكمة الدستورية رقم 66.17، كما أن السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية ملزمة باحترام تراتبية القواعد القانونية، وخلص إلى عدم دستورية المشروع الذي تقدمت به الحكومة في ظل قانون أسمى يمنع تدبير القطاع خارج ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة 83 من القانون التنظيمي للجماعات، بحيث يتعين تجميد المناقشة البرلمانية لمشروع القانون رقم 21. 83 إلى حين تعديل المادة 83 من القانون التنظيمي للجماعات، مشيرا إلى أن القانون التنظيمي للجماعات كان واضحا بخصوص المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، حيث إنه لم ينص على إمكانية تدبير المرفق من قبل المكتب الذي بقي يحتفظ باختصاصاته الأخرى غير اختصاصات توزيع الماء الشروب والكهرباء. وأبرز أن القانون التنظيمي للجماعات دخل حيز التنفيذ في شتنبر من سنة 2015، ومع ذلك فإن استمرار تدبير مرفق توزيع الماء الصالح للشرب والكهرباء لم يكن منسجما مع إرادة المشرع، بخلاف الوكالات المستقلة كمؤسسات عمومية ترابية، التي تبقى الآلية الأقرب للتصور الذي وضعه القانون التنظيمي للجماعات، باعتبارها مرفقا يحدث من قبل الجماعات.
وبخصوص إمكانية التخلي عن شركات التدبير المفوض بعد إحداث شركات جهوية متعددة الخدمات، أكد العسري أن التدبير المفوض كآلية لتدبير المرافق العمومية الترابية من قبل الأشخاص الاعتباريين الخاضعين للقانون الخاص، يجد سنده الدستوري فقط في الفقرة الثانية من المادة 83 من القانون التنظيمي للجماعات، بحيث يمكن اللجوء إلى هذا النمط التدبيري في مرافق أسواق البيع بالجملة، والمجازر والذبح ونقل اللحوم، وأسواق بيع السمك، وهي المرافق التي سمح فيها المشرع للجماعات بإمكانية إشراك فاعلين من القطاع العام أو الخاص في إحداثها وتدبيرها، كما منح للجماعات إمكانية اعتماد سبل التحديث في التدبير المتاحة، كالتدبير المفوض، وإحداث شركات التنمية المحلية أو التعاقد.
وأضاف العسري أنه على الرغم من المنع الوارد في القانون بخصوص توزيع الماء الشروب والكهرباء، فإن المشروع الذي صادق عليه المجلس الحكومي قبل بإمكانية التعاقد مع الأشخاص الاعتباريين الخاضعين للقانون الخاص، من خلال المادة العاشرة من المشروع.
محمد اليوبي