يوسف أبوالعدل
أوقف فيروس كورونا الحركة الرياضية في العالم، مثلها مثل جميع القطاعات الحيوية التي تأثرت بهذه الجائحة التي باتت من خلالها الرياضة العالمية موقوفة التنفيذ، إلى حين عودة الحركة في البطولات العالمية التي توقفت بمختلف اختصاصاتها وأنشطتها.
كرة القدم الرياضة الشعبية الأولى في المغرب هي الأخرى تأثرت بهذا الوباء، بتوقف كل الدوريات المحلية والمسابقات الخارجية التي تنافس فيها الأندية الوطنية، سواء على المستوى الإفريقي أو العربي، إذ بات الانتظار مصير المسيرين والأندية واللاعبين والجماهير لتاريخ لم يحدد بعد، لكنه رهين بالحد من فيروس كورونا.
«الأخبار» ترصد لكم أكبر الخاسرين الكرويين من هذه الجائحة، خاصة في هذه الظرفية، وأيضا الفائزين من هذا التوقف الذي سيكون توقفا لاسترجاع الأنفاس وتصحيح الأخطاء.
الخاسرون:
الرجاء والوداد.. هل يتبخر حلم النهائي؟
كان الثاني من ماي المقبل، تاريخا لنصف نهائي دوري أبطال إفريقيا لكرة القدم، والذي كان سيجمع مناصفة بين الدار البيضاء في الذهاب والقاهرة في الإياب، كلا من الرجاء الرياضي والزمالك المصري، فيما سيكون النصف النهائي الثاني مشكلا من الوداد الرياضي والأهلي المصري، إلا أن الزحف المتطور لفيروس كورونا بسرعة في العالم وإفريقيا، جعل الاتحاد الإفريقي لكرة القدم يؤجل المباراتين، قبل أن يعلن في بداية الأسبوع الجاري عن تأجيل مباراة النهائي أيضا التي كان مرتقبا أن تجرى نهاية الشهر المقبل بملعب «جابوما» بمدينة دوالا الكاميرونية.
مسؤولو الرجاء والوداد باتوا يتمنون أن لا تلغى مسابقة الموسم الحالي، التي عانى من خلالها الناديان للوصول إلى هذا الدور، إذ لأول مرة في تاريخ الكرة المغربية نعيش على إيقاع وجود ناديين وطنيين في نصف نهائي العصبة، لكن هذا الحلم بات يلفه السواد، لغياب التنافسية عند لاعبي الفريقين، وكذلك لصعوبة إجراء مباراة النصف النهائي بعد الحجر الصحي ومواجهة النهائي، خاصة أن الأندية الأربعة يلزمها تحضيرات بدنية مكثفة.
الحسنية وبركان.. مشوار «الكاف»
ما قيل عن الرجاء والوداد يتطابق على المسابقة الثانية إفريقيا، وهي كأس الكونفدرالية والتي يتشكل رباعي نصف النهائي فيها من فريقين مغربيين هما النهضة البركانية، وصيف نهائي النسخة الماضية من الكأس ذاتها، وحسنية أكادير الذي أقصي الموسم الماضي من كأس الاتحاد الإفريقي بسبب الظلم التحكيمي الفاضح والواضح، على يد بطل النسخة الماضية الزمالك المصري، والراغب في تعويض ذلك في نسخة الموسم الجاري.
الفريق السوسي بات كأس الكونفدرالية الإفريقية أغلى أمانيه، لإسكات غضبة جماهيره على اللاعبين بسبب نتائجهم في البطولة الوطنية خلال الموسم الجاري، وهي المسابقة التي تلقى فيها محمد فاخر، مدرب الحسنية السابق، سيلا من السباب والشتم، بات مصيرها مثل مصير عصبة الأبطال، ناهيك عن التوقف الاضطراري للممارسة الكروية، ما يصعب على اللاعبين العودة إلى التنافسية من مستوى عال، ما جعل الاتحاد الإفريقي يعلن عن تأجيل نصف نهائي المسابقتين القاريتين والنهائي فيهما حتى إشعار آخر، حيث كان نهائي كأس «الكاف» سيجرى في المغرب، وجاء قرار التأجيل بسبب انتشار فيروس كورونا بإفريقيا، وغلق حركة الطيران بين أغلب دول القارة.
«الماص» والشباب.. حلم الصعود
يظل مسؤولو وجمهور شباب المحمدية والمغرب الفاسي الأكثر تضررا من توقف البطولة الوطنية لكرة القدم بقسمها الثاني، وهما الناديان اللذان كان يرسمان طريقهما نحو العودة إلى قسم الأضواء، وذلك باحتلالهما للرتبة الأولى في ترتيب بطولة القسم الثاني.
لاعبو الفريقين يصرون على الاستمرار في تداريبهم بإيقاعها المرتفع من الحجر الصحي، وأذهانهم معلقة مع مصير القسم الوطني الثاني، في ظل الأخبار المتصاعدة لانتشار فيروس «كوفيد- 19» بالعالم والمغرب تحديدا.
جماهير «الماص» وشباب المحمدية لا تتصور أن يكون الموسم المقبل من دون وجود فريقيهما في القسم الأول، ولا ترغب في أن يؤثر هذا التوقف على لاعبيهما، سواء عند العودة للممارسة الكروية نهاية الموسم الجاري، أو في حال تم إعلان موسم أبيض على الجميع.
كأس محمد السادس.. «كورونا» وأزمة الرجاء
تناسلت الأخبار في الساعات الأخيرة حول مصير كأس محمد السادس للأندية العربية الأبطال، التي وصلت إلى مرحلة نصف النهائي، والتي يمثل المغرب فيها فريق الرجاء الرياضي، الذي انهزم في مباراة ذهاب الدور المذكور بهدف لصفر أمام نادي الإسماعيلي المصري على ملعب «الإسماعيلية»، وكان على أهبة منازلته إيابا بالمركب الرياضي محمد الخامس بالدار البيضاء، قبل أن يمنع وباء كورونا الجميع من إجراء المواجهة أربع وعشرين ساعة قبل موعدها.
وكان الرجاء الرياضي يعول كثيرا على هذه المسابقة، من أجل التخفيف من أزمته المالية التي عانى منها خلال السنوات الأخيرة، وذلك عبر الفوز بهذه الكأس التي تصل قيمتها المالية إلى ستة مليارات ونصف المليار سنتيم. وبات مسؤولو الفريق الأخضر يضعون أيديهم على قلوبهم، بعد كل خبر يتم تداوله إلكترونيا يخص المسابقة، وآخره إمكانية توصل كل ناد من الأندية الأربعة المؤهلة إلى نصف النهائي بخمسمائة ألف دولار أمريكي، قيمة وصوله إلى هذا الدور، وذلك في حال إلغاء الكأس التي كان نهائيها سيجرى بالمجمع الرياضي الأمير مولاي عبد الله بالرباط.
المكاتب المسيرة.. مصاريف أكثر من المداخيل
باتت المكاتب المسيرة لجميع الأندية الوطنية المنضوية تحت لواء الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم متضررة من تجميد نشاط الدوري الوطني بسبب جائحة كورونا، خاصة أن المداخيل توقفت، وهذا التوقف يرادفه ارتفاع مصاريف اللاعبين والمؤطرين بمختلف اختصاصاتهم.
وأشعل رؤساء العديد من أندية القسم الوطني الأول والثاني شعار تخفيض الأجور، والانتظار في ما يخص المستحقات العالقة، من منح المباريات والمنح السنوية كان يعول اللاعبون عليها في هذه الظرفية من السنة، لكن اللاعبين باتوا يتمنون أن تحول أجورهم الشهرية إلى حساباتهم البنكية، دون التفكير في مصير مستحقاتهم العالقة.
وسيفرز شهر ماي المقبل العديد من الأضرار في ما يخص التكاليف المالية للأندية الوطنية، والتي طالب العديد منها بالمساعدة، سيما أن أغلب اللاعبين يعتبرون كرة القدم قوتهم اليومي، ومن غير الممكن أن لا يتوصلوا نهاية الشهر بأي شيء من أجورهم ومنحهم، ما يثقل كاهل المكاتب المسيرة التي وجدت نفسها من أكبر المتضررين من كورونا.
الفائزون:
اللاعبون.. واجبات دون أداء
اتفق كل لاعبو البطولة بقسميها الأول والثاني أن تداريب الحجر الصحي بعيدة كل البعد عن التداريب اليومية التي كانوا يقدمون عليها في حصصهم مع مدربيهم، معتبرين التداريب الحالية أشبه بيوميات روتينية لحجر صحي، يستعملونها أثناء عطلهم السنوية بشكل عادي.
اللاعبون والمدربون يتابعون أخبار كورونا، وأغلبهم تحصلوا على مستحقاتهم في توقيتها المحدد، خاصة خلال شهر مارس الماضي وأبريل الجاري، وماي في الطريق أيضا، لأن كل الأندية باتت تخشى أن يحسب عليها كونها لا تؤدي مستحقات لاعبيها وأطرها في هذه الظرفية الدقيقة التي يمر منها المغرب، والتي تتطلب التضامن والتكافل وأداء واجبات المستخدمين.
ورغم أن اللاعبين يسعون إلى العودة إلى نشاطهم الرياضي اليومي وملامسة الجلد المدور من جديد، إلا أن أغلبهم مرتاح البال نتيجة توصلهم بحقوقهم المالية دون جهد يذكر، في انتظار الفرج بانجلاء فيروس كورونا هذا الموسم، أو أن الأخير سيكون له رأي آخر.
الجامعة.. التوقيت لحل الملفات العالقة
تستفيد الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، وبالخصوص لجنة النزاعات التابعة لها، من توقف الممارسة الكروية من أجل حل العديد من القضايا والملفات الموضوعة فوق مكاتبها منذ أشهر، سواء القضايا التي تخص اللاعبين أو الأندية.
وتظل مباراة الدفاع الحسني الجديدي ضد الرجاء الرياضي برسم القسم الوطني الأول، أبرز القضايا التي يجب استغلال توقف الدوري الوطني بسبب فيروس «كوفيد-19» من أجل البت فيها، خاصة أن البطولة المغربية وصلت إلى جولتها الحادية والعشرين، وبات لزاما الإعلان عن نتيجة المواجهة، التي ألغيت بسبب رفض الفريق الأخضر العودة من الجزائر، بعد مباراة خاضها هناك عن كأس محمد السادس للأندية الأبطال أمام مولودية الجزائر، والسفر بعدها مباشرة إلى الجزائر مرة أخرى، وبالتحديد إلى مدينة تيزي وزو لإجراء نزال آخر عن دوري أبطال إفريقيا أمام فريق شبيبة القبائل.
الرجاء بات منافسا على لقب البطولة الوطنية، سيما أن لديه العديد من المباريات المؤجلة، ولن يوافق منافسوه على إكمال الدوري المحلي في حال العودة من الحجر الصحي الذي فرضه تفشي فيروس كورونا، والجامعة ما زالت لم تعلن عن قرارها بشأن مباراة الرجاء والفريق الدكالي.
المصابون.. شكرا «كوفيد- 19»
سيكون اللاعبون المصابون أبرز المستفيدين من توقف الدوريات الوطنية التي يمارسون فيها بسبب فيروس كورونا، سواء بالنسبة إلى لاعبي البطولة الوطنية أو المنتخب الوطني.
وسيستفيد اللاعبون المصابون من توقف الدوري المحلي، لاستعادة عافيتهم واستغلال الوقت لصالحهم، إذ سيشفى أغلبهم إما مع بداية عجلة البطولة في الدوران من جديد، أو مرت عليها جولات فقط، وهم الذين أكدت تقارير طبية سابقة بنهاية مواسمهم الكروية.
ممثلا الكرة المغربية في دوري أبطال إفريقيا سيستفيدان من إمكانية عودة لاعبيهما المصابين للحاق بمبارياتهما الإفريقية والعربية، فالفريق الأحمر يتماثل لاعباه صلاح الدين السعيدي وأشرف داري للشفاء، وباتا قريبين من الدخول إلى المرحلة النهائية للتداريب، فيما الرجاء تصله أخبار جيدة من مستشفى «أسبيتار» القطري، بشأن تحسن الحالتين الصحيتين للاعبيه محمود بنحليب ومحمد الدويك، اللذين قد يلتحقان بالفريق قبل نهاية الموسم الجاري في حال إتمامه.
الإلترات.. تلميع الصورة
كان توقف الدوري الوطني بسبب تفشي فيروس كورونا، سببا في معرفة الجانب الإنساني للعديد من الفصائل المغربية التي تنشط في المدرجات، لكنها أَظهرت منذ أول يوم بالالتزام بالحجر الصحي عملها الجمعوي، بمساعدة العديد من العائلات المتضررة، ملتزمة بالقواعد التي وضعتها السلطات المحلية للحد من تفشي «كوفيد- 19».
الحس التضامني للفصائل جعلها ترمم صورتها التي خدشتها العديد من الصور والفيديوهات التي وثقها العدسات حول شغب الجماهير بالملاعب المغربية، إذ كانت الأعمال الجمعوية الأخيرة والتضامنية ضد جائحة كورونا رسالة إلى الكل، مضمونها أن الجمهور المغربي يتمتع بحس وطني عال، قبل أن يكون منتميا لأي ناد في هذا البلد.