الحكومة توافق على 46 تعديلا على مشروع قانون المالية
صادق مجلس النواب في جلسة عمومية، مساء أول أمس الخميس، بالأغلبية، على الجزء
الأول من مشروع قانون المالية برسم السنة المالية 2023، كما تم تعديله، وحظي الجزء
الأول من مشروع القانون بتأييد 180 نائبا يمثلون فرق الأغلبية، ومعارضة 70 نائبا من
فرق المعارضة، وشهدت الجلسة غياب 142 برلمانيا، أي ما يقارب ثلث أعضاء مجلس
النواب.
وأفاد الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، في جوابه على تدخلات رؤساء
وممثلي الفرق والمجموعات النيابية، بمناسبة المناقشة العامة للجزء الأول من مشروع
قانون المالية، بأنه من أصل 210 تعديلات تم التقدم بها على الجزء الأول من مشروع
قانون المالية لسنة 2023، تم سحب 41 تعديلا، بينما حظي 46 تعديلا بالقبول، وأكد لقجع
أن الحكومة لم تلجأ في أي وقت من الأوقات للفصل 77 من الدستور، «وهو ما يعكس
الأجواء الإيجابية التي طبعت أشغال لجنة المالية والتنمية الاقتصادية».
وفي ما يتعلق بالتعديلات المقترحة على التدابير الجمركية، أوضح الوزير المنتدب أن
الفرق البرلمانية بمجلس النواب تقدمت بـ 47 تعديلا تهم مدونة الجمارك وتعريفة الرسوم
الجمركية والضرائب الداخلية على الاستهلاك، مبرزا أنه تفاعلا مع التعديلات المقترحة،
قبلت الحكومة 14 تعديلا تهم جميع المجالات الجمركية من تشريع، ورسوم جمركية،
وضرائب داخلية على الاستهلاك، وتهدف إلى تشجيع الاستثمار، وحماية صحة المواطنين،
وتخفيض تكلفة الحصول على الأدوية وتحسين تنقيط المغرب من طرف مجموعة العمل
المالي من أجل الخروج من المنطقة الرمادية.
ومن بين أهم هذه التعديلات، يضيف لقجع، «تعديل الفصل 16 المتعلق بقواعد المنشأ
المتعلقة بمنتجات الاستزراع المائي أو تربية الأحياء البحرية»، الذي يهدف إلى تأطير
شروط حصولها على المنشأ المغربي لتشجيع الاستثمار، وتثمين منتجات البحر، و«إعادة
هيكلة الفصل 30 المتعلق ببعض الأدوية والمنتجات الصيدلية» من أجل إعفاء بعض
الأدوية من رسم الاستيراد، وحماية الصناعة الوطنية من هذه المنتجات من خلال الرفع من
رسوم استيرادها، و «الرفع من الضرائب الداخلية على الاستهلاك المفروضة على بعض
المواد المضرة بالصحة» كالسجائر الإلكترونية، وتبغ الشيشة، وبعض المنتجات المحلات
بالسكر، وذلك حماية لصحة المواطنين.
أما في ما يتعلق بالتعديلات الجبائية فقد همت بالخصوص، «التنصيص على أنه عندما يقل
الربح الصافي المحقق من طرف الشركات عن مائة مليون درهم، لا يطبق عليها سعر 20
بالمائة إلا إذا ظل الربح الصافي المذكور يقل عن هذا المبلغ لمدة ثلاث (3) سنوات
محاسبية متتالية»؛ وكذا «تقليص نسبة التخفيض من 60 إلى 40 في المائة المطبق على
العائدات المتأتية من توزيع الأرباح المتعلقة بكراء العقارات المبنية من طرف هيئات
التوظيف الجماعي العقاري التي تفتح رأس مالها لمشاركة العموم عن طريق بيع الأسهم
الموجودة بنسبة لا تقل عن 40 في المائة».
كما تشمل هذه التعديلات «حذف المادة 20 من مشروع قانون المالية المتعلقة بالإقرار
بالحصيلة المفروضة عليها الضريبة المدلى به من طرف الشركات المدنية المهنية
للمحاماة»، و«التنصيص على إمكانية اختيار أداء دفعات مقدمة على الحساب برسم
الضريبة على الدخل تلقائيا من طرف المحامين إما لدى كاتب الضبط بصندوق المحكمة
لحساب قابض إدارة الضرائب وإما لدى قابض إدارة الضرائب»، و«مراجعة مبلغ الدفعات
المقدمة على الحساب وتحديده في ثلاثمائة (300) درهم كمبلغ موحد يؤدى عن جميع
مراحل التقاضي»، و«إعفاء المحامين الجدد من أداء الدفعات المقدمة على الحساب طوال
الستة وثلاثين (36) شهرا الأولى ابتداء من شهر الحصول على رقم التعريف الجبائي»،
وتخفيض المبلغ الجزافي للضريبة على الشركات أو الضريبة على الدخل من عشرين ألف
(000 20) درهم إلى عشرة آلاف (000 10) درهم، بالنسبة للأشخاص الذين لا يحققون
أي رقم أعمال أو الذين دفعوا المبلغ الأدنى للحد الأدنى للضريبة والذين يقدمون إقرارا
بالتوقف الكلي عن مزاولة النشاط خلال سنة 2023.
ومن ضمن التعديلات أيضا، تمكين الأشخاص الذاتيين أصحاب العوائد المتأتية من الأرباح
الموزعة من طرف هيئات التوظيف الجماعي العقاري من الاستفادة من تخفيض بنسبة 40
في المائة من مبلغ هذه العوائد، عند الإدلاء بالإقرار السنوي بمجموع الدخل، ومنح
الإمكانية لمالكي المركبات الخاضعة للضريبة الخصوصية السنوية على المركبات للاستفادة
من الإعفاء من أداء هذه الضريبة ومن الإلغاء التلقائي للزيادات و الذعائر، بالنسبة
للمركبات التي مضى على استخدامها أكثر من عشر سنوات، مع الأداء التلقائي خلال الفترة
الممتدة من فاتح يناير إلى غاية 31 دجنبر 2023، للضريبة الخصوصية السنوية على
المركبات برسم آخر سنة مستحقة، والإدلاء خلال نفس الفترة بوثيقة تثبت السحب النهائي
للمركبة من السير طبقا لأحكام النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل».
وفي سياق ذي صلة ، جدد لقجع التأكيد أن التدابير الجبائية التي جاء بها مشروع قانون
المالية أنه قد تم الالتزام التام في إعدادها بمقتضيات القانون الإطار رقم 69.19 المتعلق
بالإصلاح الضريبي الذي صادق عليه البرلمان بعد مناظرتين جبائيتين، مسجلا أن الحكومة
رغم ثقل الالتزامات لم تلجأ إلى مقاربة استثنائية، «بل آثرت الإبداع لتحقيق التوازن من
داخل الالتزامات المتوافق عليها من طرف كافة الفاعلين والمتضمنة في القانون الإطار،
ولكن بما يضمن تحقيق العدالة قبل تحقيق هاجس الموارد الضرورية».
وعليه، يقول لقجع، فإن مشروع قانون المالية لسنة 2023، يعكس إلى حد كبير إرادة
الحكومة لتنزيل أهداف القانون الإطار لتحقيق نظام مبسط وشفاف يوفر الرؤية للمستثمرين،
بالموازاة مع تكريس مبادئ العدالة والتضامن وعقلنة الامتيازات الضريبية.
وبالنسبة للتدابير الضريبية التي تهم المحامين وبعض المهن الحرة، أوضح المسؤول
الحكومي أن الأمر لا يتعلق برفع الضرائب بقدر ما يهدف إلى تحسين طريقة استخلاص
المستحقات الضريبية، منوها إلى أن الحكومة «أثبتت ذلك من خلال الحوار الذي فتحته مع
ممثلي هذه الفئات المهنية من أجل تعميق الفهم حول هذه التدابير، كما تجاوبت بشكل إيجابي
مع التعديلات التي تم اقتراحها. وستبقى الحكومة منفتحة لمواصلة الحوار مع مختلف
الهيئات».
وخلص إلى القول إن تنزيل الإصلاحات الكبرى والمهيكلة التي انخرطت فيها المملكة،
والتي يأتي على رأسها ورش الحماية الاجتماعية، وتأهيل قطاعات الصحة والتعليم،
وتحقيق النقلة النوعية في الاستثمار، وتعزيز الأمن المائي والطاقي والغذائي ، تحتاج إلى
تعبئة كل الهوامش والموارد اللازمة لتنزيلها بشكل مستدام من جهة، وللحفاظ على
التوازنات الماكرو اقتصادية وبالتالي تعزيز السيادة المالية من جهة أخرى.
مؤطر
25.51 بالمائة مداخيل إضافية للدولة
من شأن البعض من هذه الإجراءات الجديدة در مداخيل إضافية لفائدة ميزانية الدولة، لتحقق
عائدات رسوم الاستيراد أكثر من 14,84 مليار درهم مقابل 11,83 مليار درهم سنة
2022، وهو ما يعادل زيادة بنسبة 25,51 في المائة.
وفي تفاصيل التعديلات تهدف إعادة الهيكلة المقترحة للمنتجات الصيدلانية إلى تعديل رسوم
الاستيراد المطبقة على بعض المنتجات النهائية ارتباطا بتلك المطبقة على المدخلات
المستخدمة في تصنيعها. كما أنها تروم دعم الاستراتيجيات الوطنية الهادفة إلى تسهيل
حصول المواطنين على هذه المنتجات والنهوض بالصناعة الوطنية، وبشكل عام تحقيق
السيادة الصحية والأمن الصيدلاني. بخصوص بند تعريف الرسوم الجمركية رقم 34.02
أبرز مشروع قانون المالية أن بند التعريفة رقم 34.02 يغطي، في الوقت الراهن، عوامل
عضوية ذات نشاط سطحي ومحضرات غسيل، دون التطرق إلى تعريفة تهمها.
وفي هذا الصدد، يقترح مشروع قانون المالية، نظرا إلى انعدام وجود هذا البند الفرعي،
بلورة خط تعريفة خاص، ضمن التسميات التنظيمية، مصحوبا بمعدل رسوم الاستيراد بالغ
نسبة 40 في المائة للمنتجات المذكورة أعلاه. ومن أجل دعم قطاع التعبئة والتغليف الذي
يعاني من نقص كبير في المواد الخام على الصعيد الوطني وعلى مستوى السوق الدولية،
يقترح هذا المشروع تخفيض رسوم الاستيراد لتنتقل من 17,5 في المائة إلى 10 في المائة
بالنسبة للورق المزدوج لدعم قطاع التغليف ، بشرط تخصيصها في تعريفة رسوم جمركية.
ومن المرتقب خفض رسوم الاستيراد على البن غير المحمص والذي يستخدم كمدخل لإنتاج
البن المجفف بالتجميد. ويروم تخفيض التعريفة الجمركية هذا، من 10 في المائة إلى 2,5
في المائة، خفض تكلفة إنتاج المنتج النهائي، علما أن غالبية الواردات تستفيد من إعفاء من
رسوم الاستيراد بموجب النظام التفضيلي.
وبخصوص السيارات سيتم تخفيض رسوم الاستيراد على المدخلات ويتوخى هذا الإجراء
تشجيع ودعم الإنتاج المحلي لمرشحات السيارات وذلك استجابة للقدرة على منافسة
المرشحات المستوردة المعفاة من رسوم الاستيراد بموجب اتفاقيات التجارة الحرة، إلى
جانب تقليل تكلفة إنتاج هذه المنتجات انطلاقا من خفض معدل رسوم الاستيراد من 40 في
المائة إلى 17,5 في المائة بالنسبة للمكونات المعدنية وموانع التسرب المطاطية المستخدمة
في صناعة هذه المرشحات، ومن 40 في المائة و17,5 في المائة إلى 2,5 في المائة
بالنسبة للورق المستخدم كمدخل في تصنيع مرشحات السيارات، بشرط تخصيصها في
تعريفة الرسوم الجمركية.
محمد اليوبي