شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

الحكومة الصامتة

على عدد من الأصعدة، تشهد الساحة المغربية حالة من التوجس والقلق. وهذا أمرٌ طبيعي بعد ما وصلت إليه الأمور من ندرة غير مسبوقة في كثير من حاجيات المواطن الأساسية. لسنا في مشهد كارثي بكل تأكيد، لكننا أمام سياق جد صعب ومنعرجات خطيرة وأفق غامض، والإغراق في توصيف هذا السياق لن يجدي نفعًا، ولن يقدّم إجابات عن أسئلة المغاربة العالقة والحارقة حول طاقتهم وغذائهم ودوائهم ومائهم، في فضاء حكومي محكوم بلغة الصمت وغياب فادح للتواصل القطاعي.

فحينما نفتح قنواتنا على محطات أجنبية، نجد أن الشغل الشاغل لكل المسؤولين الحكوميين بدولهم، هو مخاطبة الرأي العام حول الإجراءات التي سيتم اتخاذها في فصل الشتاء، الذي ستكون برودته هذه السنة غير طبيعية.. يبررون أمامهم لماذا قرروا تقليص الإنارة ببرج إيفيل وشوارع باريس، ولماذا تم اتخاذ إجراءات طارئة للحفاظ على الغاز في يناير المقبل، من بينها قطع منظم للكهرباء في المصانع وحتى المنازل ببريطانيا، وكيف يضعون الخطط والإجراءات لضمان التدفئة بألمانيا.

لكن حينما تحول المحطة إلى قنواتنا الإعلامية العمومية، تكتشف أنه لا أحد من الوزراء خرج ليخبر المغاربة عن حجم مخزون الغذاء الذي تم توفيره، وعن احتياط الطاقة والطرق التي سيتم بها تجاوز السيناريوهات الأكثر سوءا. لا أحد من أعضاء الحكومة تجرأ لمصارحة الرأي العام حول مخزوننا من الدواء، وماذا عن تدبير الماء في حال استمرار الجفاف. الجميع يختبئ وراء جدار الصمت، تاركين كرة الشك والريبة تكبر بغير حدود.

قد تكون الحكومة بصدد وضع إجراءاتها الاحترازية في مواجهة ندرة المياه والغذاء والطاقة والدواء، وهذا أمر طبيعي، لكن ذلك ليس سرا من أسرار الدولة ولا بد من التواصل الحكومي بشأنها، وهذا طبعا لا يدخل في باب الترف، بل بالعكس تماما هو واجب وضرورة حتمية لبعث رسائل الطمأنة للرأي العام، خصوصا في ظل السياق الصعب الذي نعيشه. وهنا لا نقصد بالتواصل الحكومي تلك الندوات الصحفية الأسبوعية للناطق الرسمي للحكومة، بل المقصود التواصل القطاعي للوزراء المعنيين بالقضايا المصيرية للمغاربة، ليكونوا على بينة من أمرهم. وهنا نقول لبعض الوزراء كفى من الاختباء وراء رئيس الحكومة، كفى من الخوف على مناصبكم والإذعان للرقابة الذاتية، كفى من الانحياز إلى لغة الصمت، لم تصلوا إلى مناصبكم بأصوات وأموال المغاربة، إلا لخدمة شؤونهم ومصارحتهم بكل صغيرة وكبيرة، ومن لم يستطع التواصل مع الرأي العام، فليترك مكانه لمن يستطيع فعل ذلك.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى