أسدلت غرفة جرائم الأموال الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بمراكش، الستار على محاكمة القابض الجهوي السابق لإدارة الجمارك بمراكش، المتورط في اختلاس أموال عمومية قدرت بحوالي خمسة مليارات سنتيم، حيث قضت بتأييد الحكم الابتدائي الصادر في حقه من طرف الهيئة القضائية بغرفة جرائم الأموال الابتدائية قبل سنة تقريبا، وهو 12 سنة سجنا وغرامة 10 ملايين سنتيم. كما أيدت الهيئة الحكم القاضي بإرجاع المبلغ المختلس والمحدد في 59 مليون درهم، وتعويض إدارة الجمارك بخمسة ملايين درهم.
وحسب المعطيات المتضمنة في الملف، تعود وقائع القضية إلى سنة 2018 عندما تسلمت السلطات الأمنية المغربية المتهم من لدن منظمة الشرطة الجنائية الدولية «الإنتربول»، بحكم مذكرة البحث الدولية التي كانت تلاحقه بعد أن نجح في الفرار إلى الخارج، مباشرة عقب تفجر فضيحة الاختلاسات المالية التي هزت المديرية الجهوية للضرائب، بعد أن اكتشفت لجان افتحاص من المصالح المركزية لإدارة الضرائب ثقوبا مالية ضخمة في نظامها المحاسباتي.
المتهم كان قد نجح في مغادرة أرض الوطن، وجرى اعتقاله بفضل تنسيق أمني مغربي هولندي، حيث تم تقديمه إلى العدالة وإدانته ابتدائيا بـ12 سنة سجنا.
وكشفت التحريات المنجزة في الملف أن الظنين قام بالاستيلاء على مبلغ يفوق خمسة مليارات سنتيم، وهي العملية التي تفجرت بعد رفض الخازن الجهوي لعمالة مراكش التوقيع على وضعية مالية بإدارة الجمارك موقعة من طرف القابض الجهوي الجديد، بمبرر أنها تتضمن اختلالات محاسباتية وتناقضا كبيرا بين المداخيل والمبالغ المرجعية المستخلصة من المداخيل والمعلنة من طرف بنك المغرب، حيث تفاعلت معه الإدارة المركزية وفتحت تحقيقا عاجلا، أكد الاختلاسات وحجمها، وبالتزامن مع عملية التفتيش والافتحاص فر المتهم إلى الخارج.
وفي هذا السياق، قال محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، “إن الحكم المذكور يعتبر منصفا بالنظر لخطورة الأفعال المرتكبة وصفة ومكانة الشخص الذي ارتكبها لكونه يعد موظفا عموميا ومن المفروض أن يتحلى بالنزاهة في تسيير المرفق العمومي وأن يجسد في سلوكه معاني الاستقامة وتقديم القدوة في ممارسة المهام العمومية”، حسب الغلوسي، الذي أضاف أنه “على القضاء أن لا يتساهل مع أي شخص كيفما كان، سولت له نفسه المساس بالمال العام وزعزعة الثقة في المؤسسات والمرافق العمومية، وهو ما يفرض أن تكون أحكامه رادعة وتتناسب وخطورة جرائم الفساد المالي”.