شوف تشوف

الافتتاحية

الحق والواجب

من حق المواطنين أن ينتقدوا ويحاسبوا مسيري الشأن العام، لكن من واجب المواطنين أن يصوتوا من أجل اختيار من يسير هذا الشأن.
واليوم لا تبدو التوقعات متشائمة تجاه نسبة المشاركة الممكنة في استحقاقات الثامن من شتنبر، ومع ذلك فإن الأمر لا يدعو للاطمئنان والثقة المبالغ فيها، بل يستدعي من الحكومة والأحزاب والإعلام ومؤسسات المجتمع المدني تكثيف الجهود التوعوية وأدوات تحفيز شرائح واسعة من الناخبين خلال الأيام الأخيرة من أجل دفع بعضهم للخروج من حالة السلبية تجاه المشاركة المكثفة، خصوصا وأن كل المؤشرات جيدة لتحقيق الهدف المطلوب، فالأجواء العامة للحملة الانتخابية، وبخاصة ارتفاع الكتلة الناخبة من 15 مليونا و702 ألف و 592 ناخبة وناخبا خلال انتخابات 2016 إلى 17 مليونا و983 ألفا و490 ناخبا، أي بزيادة مليونين و280 ألفا و898 ناخبا جديدا، وتزايد عدد المرشحين للانتخاب التشريعية إلى 5046 مرشحا برلمانيا خلال انتخابات 8 شتنبر بدل 4742 مرشحا خلال استحقاقات 2016، أي بزيادة 304 مرشحين برلمانيين إضافيين.
ناهيك عن الارتفاع الصاروخي لعدد الترشيحات المقدمة المتعلقة بالجماعات الترابية إلى 157569 مرشحا خلال الاستحقاقات المقبلة مقارنة مع 130925 خلال استحقاقات 2015، أي بزيادة تفوق 20% وهو ما يعادل 26644 ترشيحا إضافيا والتحسن الملحوظ في عدد المرشحين للجهات الذي انتقل إلى 9892 ترشيحا خلال استحقاق الأسبوع المقبل مقابل 7588 ترشيحا خلال استحقاقات 2015.
هي مؤشرات تحمل أكثر من دلالة ولعل أهمها أنها مشجعة على المشاركة على خلاف ما يتوقعه البعض.
لا نريد أن نغطي الشمس بالغربال ونرسم صورة وردية عن الأوضاع القائمة، أو ننكر أن هناك امتعاضا شديدا وسط الرأي العام حول قدرة هذا الموعد الانتخابي، الذي يأتي بعد عشر سنوات عجاف، في أن يحقق التغيير المنشود ويؤدي الجدوى منه في تحسين أوضاع المغاربة. فالولايتان الماضيتان حفرا أخاديد عميقة من انعدام الثقة بين الناخبين، لاسيما داخل الطبقة الهشة منهم، وبين ممثليهم، لكن ليس الحل اليوم هو إشهار ورقة العزوف الانتخابي، الذي لن يخدم سوى مصالح المتسببين في ما آلت إليه الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، حيث يتمنون في قرارات أنفسهم ضعف المشاركة لتمنحهم كتلتهم الانتخابية القارة البقاء جاثمين على قلوبنا لولاية ثالثة.
في الواقع، تقف بلدنا حاليا عند مفترق طرق حاسم ويتحدد مسارها المؤسساتي ومصيرها بين الدول بما ستؤول إليه الاستحقاقات المقبلة سواء كانت المشاركة مكثفة أم ضعيفة، فكل الرهانات التنموية والاجتماعية والاقتصادية والجيواستراتيجية التي تنتظر المغرب خلال العقدين المقبلين رهينة بمآلات الانتخابات المقبلة، لذلك ليس مهما أن تصوت لهذا الحزب أو ذاك، بل الأهم كما قال الملك محمد السادس في خطاب الذكرى 62 لثورة الملك والشعب 2015 أن يمارس المواطن السلطة التي يتوفر عليها، للحفاظ على مصالحه وحل بعض مشاكله، ومحاسبة وتغيير المنتخبين، ولا سبيل إلى ذلك سوى الذهاب بكثافة للتصويت يوم الاقتراع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى