طنجة: محمد أبطاش
عادت النيران لالتهام غابات بالشمال، عشية أول أمس الاثنين، بكل من ضواحي وزان وشفشاون وطنجة هذه المرة، ثم منطقة بني عروس بالعرائش، حيث إن الأخيرة كانت أضخمها وأخطرها على الإطلاق، مما تسبب في وفاة سيدتين، وفقا لأولى المعطيات المتوفرة، في حين تم التمكن من إطفاء بقية الحرائق.
وعاشت منطقة بني عروس، طيلة ليلة أول أمس الاثنين، على وقع حالة استنفار قصوى، بفعل سرعة امتداد النيران لمزيد من المساحات، رغم الجهود الكبيرة التي بذلتها فرق الإطفاء المكونة من وحدات برية، مدعومة بطائرات من نوع «كنادير» تابعة للقوات الجوية، وطائرات أخرى من نوع «توربو تراش»، التي تنفذ طلعات جوية متواصلة.
وتؤكد بعض المصادر أن أسباب هذا الحريق بالذات تعود لتماس كهربائي على مستوى منطقة «تازيا»، قبل أن ينتقل إلى منطقة مجاورة تدعى «أمسملي»، نتيجة الرياح القوية التي تشهدها المنطقة. مشيرة إلى سماع دوي انفجارات، يرجح أنها ناجمة عن قنينات الغاز الموجودة في بعض المنازل المتضررة، في حين أن أكبر المداشر المتضررة هو دار الحيط، بعدما تمكنت النيران من الوصول إلى منازل المواطنين ليلا، وهو ما أدى إلى تسجيل حالات اختناق في صفوف السكان، مما تسبب في وفاة سيدتين في الحين.
ميناء طنجة.. نيران مستعرة
اندلعت نيران مخيفة، عشية أول أمس الاثنين، على مستوى الميناء المتوسطي بالقرب من غابة الدالية، وخاضت على وقعها مصالح الوقاية المدنية حربا ضروسا ولحظات تحبس الأنفاس بين خطوط النيران وعناصر الوقاية المدنية، التي كانت مكبلة بقلة أفرادها والموارد البشرية من جهة، وقلة الإمدادات أيضا، لكون كل العناصر واللوجستيك تم توجيهه إلى مدينة العرائش والمدن المجاورة، كما عاينت «الأخبار». في حين أن طائرتين فقط كانتا تحاول إخماد النيران بطلعات جوية، عبر جلب المياه من محيط قاعدة عسكرية مجاورة، وسط صعوبة في التضاريس الجبلية، مما جعل النيران تتسع رقعتها لتلتهم هكتارات مهمة من الغطاء الغابوي.
نيران بمناطق صناعية
لحدود الساعة العاشرة ليلا كما عاينت الجريدة، فإن مصالح الوقاية المدنية وفي ظل غياب دعم جوي، نظرا لكون الطائرات تتوقف عن الطلعات بعد غروب الشمس، ظلت تحاول جاهدة إطفاء هذه النيران دون جدوى، مستعملة كل الوسائل المتاحة عبر ملء المياه انطلاقا من الورشات الموجودة بالقرب منها، ثم التوجه إلى مياه البحر، إلا أن وجود وحدتين لهذه المصالح فقط لمحاصرة هذه النيران ساهم في توسع رقعتها.
وعملت هذه المصالح بكل ما في استطاعتها كما عاينت «الأخبار»، إذ بالرغم من أنها تمكنت من تطويق جانب من هذه النيران من التوسع اتجاه الطريق الرئيسية للميناء المتوسطي، ووجود شركات ومناطق صناعية توجد بها مواد قابلة للانفجار، فإن الوضع في سفح الجبل أرهق هذه العناصر، مما جعلها تستغيث بإضافة عناصر من القوات المساعدة والمتطوعين.
عمال وسكان
تمت الاستعانة بعمال للإنعاش الوطني، غير أن العياء سرعان ما تمكن منهم كما عاينت ذلك الجريدة. كما تدخل عدد من السكان القاطنين، لتقديم يد العون لمصالح الوقاية المدنية، وهي المساعدة التي مكنت شيئا ما من محاصرة ألسنة النيران في سفح الجبل على الأقل، ومنعها من التمدد باتجاه المناطق الصناعية للميناء، ومنازل القاطنين محليا.
وساهمت الغابات الكثيفة من حيث الأشجار والحشائش المترتبة عن فصل الصيف، في صعوبة وصول وحدات الوقاية المدنية إلى سفح الجبل.
إفريقيان في قبضة الدرك
في الوقت الذي ما زالت الأسباب مجهولة، فإن معطيات تحصلت عليها «الأخبار» من عين المكان، أكدت أن من الأسباب الرئيسية التي كانت وراء حريق الميناء المتوسطي وجود مهاجرين أفارقة، حيث يرجح أنهم وراء اشتعال النيران، حيث تدخلت مصالح الدرك الملكي بعد توصلها بإخباريات في الموضوع، مباشرة بعد هذه النيران، وقامت باعتقال اثنين منهم، وفقا لمصادر من عين المكان، وذلك بمساعدة السكان الذين عاينوا هذين المهاجرين مع بداية اشتعال النيران.
وحسب المعطيات، فإن الدرك قاد المشتبه فيهما إلى أقرب مخفر، لإخضاعهما لتحقيقات مطولة، حول إمكانية وجود دوافع انتقامية لتشتيت انتباه السلطات وبالتالي تسهيل الهجرة السرية عليهما، أو وجود دوافع أخرى تسببت في اندلاع هذه النيران، كإشعال النار لطهي الوجبات الغذائية، نظرا لكونهما كانا يعيشان بهذه الغابات.
ذهول وصدمة وقلة موارد
شكلت هذه النيران المفاجئة بالقرب من الميناء المتوسطي، حالة من الصدمة والذهول في أوساط القاطنين القريبين منها، حيث تقول أصوات من عين المكان إنه لأول مرة يشاهدون حريقا بهذه الكثافة بالقرب من منازلهم، مؤكدين أنهم لم يكونوا يتخيلون في غمرة الحرائق المشتعلة بالشمال، أن تندلع هذه النيران بالقرب من منازلهم، ووجود ميناء عالمي يتوفر على أحد الإمكانات في مواجهة الكوارث.
وعبرت مصادر محلية عن عدم رضاها، بسبب غياب إمدادات لمساعدة رجال الوقاية المدنية على قلتهم، رغم وجود ميناء متوسطي هو الأكبر إفريقيا، حيث كان من الأجدر تحريك الوسائل التابعة للشركات الخاصة بالميناء، ما كان سيساهم على الأقل في محاصرة النيران، حيث إن المشهد لفقدان هكتارات من الغطاء الغابوي صادم للغاية لكل من عاين الوضع.