محمد وائل حربول
قضت محكمة الاستئناف بمدينة آسفي، بداية الأسبوع الجاري، بإدانة عدد من المستشارين والمنتخبين الذين من بينهم برلمانيون ورؤساء جماعات ترابية بإقليم اليوسفية بثلاثة أشهر حبسا نافذا وغرامة مالية قدرها 50 ألف درهم لكل واحد منهم، كما قضت كذلك بحرمانهم من الترشح والتصويت لمدة فترتين انتدابيتين، وهو الحكم الذي أخرج عددا من الحقوقيين على مستوى اليوسفية للإشادة به، خاصة بعد أن تمت تبرئة كل المتهمين ابتدائيا في وقت سابق.
وحسب المعلومات التي حصلت عليها «الأخبار» من مصدر حقوقي من اليوسفية، فإن أطوار المحاكمة الأخيرة جاءت على إثر القرار الذي اتخذ أخيرا والقاضي بنقض الحكم السابق الذي أصدر ابتدائيا واستئنافيا وبرأ 13 متهما من كل التهم الموجهة إليهم، إذ كشف المصدر ذاته أنه، ومباشرة بعد تبرئة المنتخبين المذكورين، خرج عدد من الحقوقيين والمحامين من هيئات تابعة لحماية المال العام ومحاربة الفساد على مستوى جهة مراكش-آسفي مطالبين بنقض القرار، وهو ما تم بالفعل حيث أحيل الملف مرة أخرى على استئنافية أسفي للبت فيه، وتم توجيه تهم لكل المعنيين يتعلق معظمها بـ«تهمة استمالة أصوات أعضاء المجلس الإقليمي السابق وتسلم شيكات على سبيل الضمانة».
وفي هذا السياق، قضت هيئة المحكمة ذاتها بإدانة كل من «ع،م» رئيس المجلس الإقليمي لليوسفية، والبرلماني السابق «ع،ا»، والبرلماني الحالي عن حزب الاستقلال «ح.ب» رئيس جماعة اجنان ابيه للمرة الثانية تواليا، والبرلماني السابق لولايتين متتاليتين «أ،ا» والرئيس الحالي لجماعة الخوالقة، إضافة إلى عدد من المستشارين الذين سبق وأن اشتغلوا أعضاء بالمجلس الإقليمي السابق لليوسفية، وهي الأسماء التي تتمتع بنفوذ كبير داخل الإقليم.
وبعد صدور الحكم، قال محمد الهروالي، المنسق الجهوي للمرصد الوطني لمحاربة الرشوة وحماية المال العام، إن هذه الأحكام لاقت ارتياحا نوعا ما من قبل الحقوقيين على صعيد الجهة، حيث إن هذا الملف كان أكد فيه المحققون على تورط كل الأسماء في تهمة استمالة أصوات أعضاء المجلس الإقليمي السابق، ليستدرك بالقول إن «المتابعات القضائية والأحكام الصادرة في هذا المجال ضد المنتخبين لا تزال لا ترقى إلى مستوى تطلعات المجتمع المغربي الذي أبان عن أنه يحاول القطع مع كل هذه الممارسات التي تمس بالمقام الأول بسمعة المملكة التي تسير بخطوات ثابتة نحو التنمية على كافة المستويات».
واعتبر الهروالي أن تدابير وإجراءات تشريعية وقضائية مثل هكذا أحكام ستكون كفيلة بمحاربة الفساد ونهب المال العام وستقوي مما لا يدع مجالا للشك من دور مؤسسات الحكامة في مكافحة كل أشكال الفساد، كما أنها ستكون كفيلة بردع المنتخبين مستقبلا، ليطالب في هذا الصدد بتسريع الأبحاث والمحاكمات ضد كل المتورطين واتخاذ تدابير حازمة في هكذا قضايا عبر تطبيق مقتضيات الفصل 40 من القانون الجنائي، القاضي بحرمان المدانين في هذه القضايا من الحقوق الوطنية.
وكانت ابتدائية اليوسفية قضت ببراءة المتهمين المذكورين من كل التهم المنسوبة إليهم، كما تم في ما بعد تأييد هذا الحكم استئنافيا بمدينة أسفي، فيما تعود تفاصيل هذا الملف إلى «شكاية تقدم بها عضو بالمجلس الإقليمي لليوسفية، ونائب المجلس الحضري للشماعية الحالي إلى النيابة العامة، يتهم فيها الرئيس السابق للمجلس الإقليمي، بتقديم مبالغ مالية لاستعطاف أعضاء المجلس الإقليمي السابق للتصويت لفائدته، مثبتا هذا بعدة شهود أدلوا بشهادتهم أثناء التحقيق».