شوف تشوف

الرأي

«الحب في زمن الدمى»

رسمتك مرات عدة في مخيلة نخرها الترقب. كانت أقلامي تسقط على ورق مكسورة أجنحته كدمى متثاقلة، كثيرا ما كلمتني في ازدراء: كفي فاطمة، أفيقي، تعبت أرجلنا الضعيفة من بلادتك، انتظارك مضحك، أميرك لن يأتي بعد، إنه يسامر حصانه على الضفة الأخرى من الحلم!
كنت تهل علي بطلة فريدة في كل عهد مضى، وكأنك سابق للزمن، خالد في الوجود. أسكرتني حكاياك مذ كنت رضيعة. أتتذكر سباقاتنا متن السحاب؟ «أشكال قطنية مرحة» كما تحب تسميتها بدهاء جميل. امتطيناها لنعيش في مهلة غياهب ماض نبنيه على ذكريات المستقبل. حاضرنا محطة مستقلة تتحدى كل قواعد الفيزياء المعطلة! أتتذ كر كل الحدائق الاستوائية التي لم تحتوِنا بعد؟ وتلك الألحان الإغريقية اللتي لم يتسن لنا الرقص عليها؟ أتجيد الرقص حبيبي؟ لا يهم، ما دمت تحسن عزف الحب على قيثارة جسدي المرتعشة، تلملم برجولة حبالها المشاكسة وتسخر ألحانها كنيازك مشتعلة.
عذرا، لست راقصة باليه محترفة، أخط فقط جملا مستحيلة ثم أبعثر حروفها السليطة في شعر رديء. كلماتي كائنات متوحدة، أضمها شديدا، أكلمها، أحبها وأهديك إياها، لأنني لا أجيد الرقص ولا المشي على حبال متوازنة… أجل، لست فتاة مثالية، فمرحى بك على كوكبنا البسيط!
لا تكترث لحماقاتي، أطفئها بلهيب كل قبلة وتعال معا نمتطي مخمل الدنيا ونعبر زقاقاتها الضيقة. أوسع دهشتي وأعمقها قدرتك على استضافتي في أركان حياتي، ماسكا سبابتي الرقيقة بحنان متناه، تشير بأبوة لكم من الأشياء والأيام وحتى الألوان لنسميها معا من جديد. وأكثر ما يطرفني قبعاتك العجيبة: لا تخفي أرانب ولا بجع ولا مناديل قرمزية، بل هي أقمشة تنسدل منهمرة كماء الحياة، يتسرب بمكر ليغص في حناجر مدينتي الحزينة.
لا عجقة ولا هديل. موكب أمير وسندريلا الحنين. رعد وبريق. يرفع الستار: تصطف السيارات جنبا رغم عجرفتها لينبسط ساتان أزرق – لباسنا المفضل- يصل، رفيعا، خشونة الإسفلت بذيل السماء. سكون عسلي في ثغرة الغروب، ونحن نتقابل في إغراء عذري. هاك لوحتنا! تتراقص إشارات المرور في جنون، ترتطم ألوانها بالمارة فترديهم عازفين ومطربين يحتفون بزفنا في حمق وصبيانية! أرى بهلوانا ودببة طائرة، مكوكي الأحمر وحصاني الخشبي الأخضر! لم أدعو أحدا! فماذا تفعل سنوهويت هذه، والشاطر حسن ورجل المستحيل في حفلي؟ من أرى، دون جوان يغازل بائعة الكبريت هه! وتلك إيما بوفاري تبدو سعيدة، أتت محملة بالكتب عربون صداقتها لي، وذاك الدون كيشوط، يجب أن يركض دائما وراء شيء ما.. يصارع فراشات في خلسة. حذار أيها الأقزام السبعة!
وشكتم تلطيخ فستاني الأبيض بوحل أقدامكم المغتبطة! أقبلكم لاحقا، أحبائي! أبطال قصصي أحياء يرزقون، يبتسمون لي ويبتهجون، يا مرحبا!
إنها حقا تراجيديا مضحكة. ماذا لي لو اختفيت؟ كم لي من عوالم أستغرقها وأنت أبطال كل أساطيرها؟ بل أنت لوحدك أسطورة… دعني أكن صفحة لك… ركنا حتى…سطرا؟ أو حرفا، بل حبرا! ارشقه بألوانك أنت، دونه بعناد لغتك واسرد حكايتنا الجميلة. سمفونية الحب الذي أدمى قلوب القصائد قبل مولد الشعر. اختر من رواق المتميزين ما تشاء: كن شاعرا، ساحرا، أخا، صديقا أو حبيبا، إنه سواء. لأنك حتى لو كنتهم جميعا لن تستوفي كل إعجابي بك. أحبك بنبل واحترام. أحبك بصيغة الجمع!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى