شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسيةوطنية

الجهاد الأكبر

الافتتاحية

خفت صدمة الزلزال وبدأ المغاربة والمتضررون يتقبلون تداعيات هذا القدر الرباني على حياتهم اليومية بكثير من الإيمان والصبر. صحيح أن الفترة التي تلت وقوع الزلزال تميزت بملحمة تضامنية وإنسانية منقطعة النظير، لكن هاته الجذوة المتقدمة ينبغي أن تستمر لشهور قادمة ولربما لسنوات حتى نتمكن من إعادة الأمور إلى أفضل من سابق عهدها. ومن هنا تتطلب إعادة إعمار منطقة الحوز والمناطق المجاورة لها نفساً طويلاً، شعبيا ورسميا.

لقد خرجنا من مرحلة الجهاد الأصغر إلى مرحلة الجهاد الأكبر، بالنظر لجسامة التحديات والعمل الجبار الذي ينتظر المغاربة، دولة ومجتمعا، في فترة إعادة الإعمار وتعويض المتضررين بما يتناسب مع خسائرهم المادية والنفسية. إنها معركة طويلة وشاقة ومعقدة ومحفوفة بالمخاطر، سيما أن السرعة التي تسير بها الإرادة الملكية في كل الملفات الاستراتيجية لا تقابل بنفس سرعات الفاعلين العموميين الآخرين.

بطبيعة الحال لا شيء مستحيل عن هاته الدولة بقيادة ملكها ومؤسساتها السيادية، لكن التعامل مع مرحلة ما بعد الزلزال يحتاج إلى كثير من الجدية والمعقول والدقة والاستعجال في الإنجاز مع ضرورة اعتماد معايير دقيقة للحفاظ على السلامة العامة لسكان المنطقة، خصوصا وأنها أصبحت تدخل ضمن المناطق المهددة بالزلازل.

لا ينبغي أن ننسى أن تلك المناطق الجبلية مقبلة على فصل شتاء صعب لا شك أنه سيزيد من عزلة المتضررين وسيعقد عمليات الإعمار، وهو ما يتطلب حلا ظرفيا يحفظ للمتضررين كرامتهم وحياتهم وسلامتهم واستفادتهم من الخدمات العمومية الصحية والتعليمية على وجه الخصوص بشكل منتظم وناجع، إلى حين إعمار المنطقة وتوفير الحد الأدنى من شروط العيش في الدواوير وتلك قصة أخرى.

وفي الأخير نقول إذا لم تكن للسلطات حيلة لدفع قدر الزلزال، فإن حيل السلطات العمومية مؤثرة في ما بعد الزلزال، وربما يكون ما جرى من كارثة دافعا لتحرك جدي وحقيقي لإعادة إعمار عشرات الآلاف من الدواوير قبل أن نجدها عرضة لأقدار أخرى. وما لم تأخذ السلطات العمومية الدرس الحقيقي من زلزال الحوز، لا يمكن أن تأخذها من أي درس آخر.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى