شوف تشوف

الرأي

«الجنس في الجامعة»

 

مولاي التهامي بهطاط

 

هل نقول إن الستار قد أسدل على ما بات يعرف بـ«قضية الجنس مقابل النقط»، بعد صدور أحكام تراوحت بين الحبس النافذ والبراءة، أم أن حالة كلية سطات ليست سوى الجزء الظاهر من جبل الجليد، وإن معالجة هذا الملف بشكل جذري، تتطلب الغوص في الأعماق، وليس التوقف عند الأعراض الخارجية؟

لا نطرح هذا التساؤل استباقا لما قد تحمله درجات التقاضي اللاحقة من «مفاجآت»، ولكن لأن البعض قد يعتبر الأحكام الصادرة ضد المتابعين «مخففة»، قياسا على الأقل بما تداولته الصحافة من معطيات «صادمة».

إن ما يستدعي وقفة حقيقية ليس هو هذه النازلة حصرا، بل تحول هذا النوع من «الوقائع» إلى «ظاهرة»، تتفجر حلقاتها تباعا في أكثر من «حرم» جامعي، ما قد يقود إلى التطبيع معها في المستقبل. فالأحكام الزجرية، حتى لو كانت «قاسية»، لا يمكنها أن تجيب عن الأسئلة الحقيقية التي كان من المفروض أن تتصدى لها الجامعة نفسها، والوزارة الوصية قبلها.

ومن هذه الأسئلة: أية قيمة ومصداقية تبقى للشهادة الجامعية، بعد تواتر أخبار «تجارة» النقط؟ بل كيف يمكن إعادة الاعتبار للجامعة المغربية، بعدما تم وصمها بهذا العار الذي سيطول طالبات هذا الأستاذ المتحرش أو ذاك، حتى لو حصلن على شهاداتهن باجتهادهن؟

لا ندري لماذا لم تبادر أية كلية من الكليات، التي تفجرت فيها هذه الفضائح، إلى فتح تحقيق داخلي، ليس لسحب الشهادة من ضحايا هذه الجرائم، فهذا حق مكتسب، بل للتحقق مما إذا كانت هناك طالبات أخريات حرمن من نقط مستحقة، بسبب رفضهن الخضوع للابتزاز الجنسي؟

والأخطر من كل هذا يتمثل في «الانقلاب» الذي عرفته الجامعة التي انحدر مستواها، ككل شيء تقريبا في هذا البلد، حيث لم تعد كما كانت، مصنعا لتخريج رجال الغد، بل ورجال الدولة، إلى درجة أن «التبرهيش» صار طاغيا حتى في المدرجات التي كانت ساحات لنضالات وخطابات ثورية تؤكد باستمرار على أن «الكلية» ليست فقط مؤسسة تعليمية، بل مركز للتكوين السياسي.

فقبل أيام تداولت مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات «نشاط» فني، احتضنته مدرجات إحدى الكليات بالشمال، لا يختلف في شيء عما يعرض حاليا في سهرات السبت بالقنوات العمومية، التي لم تعد تجد حرجا في منافسة عروض كباريهات الدرجة الثالثة.

ليس عيبا أن «ينشط» الطالب، ويرفه عن نفسه بين الفينة والأخرى، لكن أن ينحدر «النشاط» إلى هذا المستوى السوقي المبتذل، فهذا مؤشر جديد على أن الجامعة لم تعد «جامعة»، وأن ما نشاهده من ضعف مستوى الخريجين، بمن فيهم حملة الدكتوراه، هو نتيجة منطقية لـ«رؤية» تعتبر الجامعة «خطرا» على مشروع اجتماعي بدأت ملامحه تتضح.

إنها إذاً، علاقة جدلية وسببية بين مقدمات تؤدي إلى نتائج.. يكفي للتحقق منها، مشاهدة مداخلات بعض أساتذة الجامعات، عندما يواجهون الكاميرا للحديث في مواضيع يفترض أنها من صميم اختصاصهم.. وهذا ناهيك عن قصص تجارة المطبوعات والتسجيل في الماسترات…

فهذا «الـﯕنس» من الجامعيين لا يمكن إلا أن يمهد الطريق أمام تحول «الجنس» إلى مادة «مقررة»، يتوقف النجاح على اجتيازها بالنسبة إلى الطالبات.. في انتظار أن تحدد «هيئة المناصفة ومحاربة كل أشكال التمييز»، نوعية «المادة البديلة» بالنسبة إلى الطلبة، لضمان تكافؤ الفرص بين الجنسين على الأقل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى