شوف تشوف

الرئيسيةسري للغايةسياسية

الجنرال نزار وقصة تقاعده وبقاء شبحه فوق رؤوس الجزائريين

يونس جنوحي

بنعباس غزيل الذي كان وجها عموميا جزائريا، عرفه الشعب عندما رشح لمنصب رئيس الوزراء سابقا، كان يعاني من المرض، حيث أجبره على ملازمة السرير لفترات طويلة، لكن كل هذا لم يمنعه، يقول هشام عبود، من أن يحظى بمنصب المستشار العسكري للرئيس بوتفليقة سنة 1999. الأكثر من هذا أن عددا من الأسماء بقيت في مناصبها ولم تتزحزح منها، رغم ما أشيع، في الشارع الجزائري وفي الإعلام، عن اعتزام الدولة طي صفحة “العُشرية السوداء”.

 

فُرجة

حسب ما يحكيه هشام عبود في هذه الصفحات الأخيرة من كتابه “مافيا الجنرالات”، فإن الأمر كان يتعلق سنة 1999 بفُرجة وليس بتحولات سياسية جادة.

إذ إن أسماء مثل فضيل الشريف ومحمد العماري وعبد المجيد صاحب، الذين تحدث سابقا عن أدوارهم أيام الشاذلي بن جديد خلال ثمانينيات القرن الماضي، بقوا في مناصبهم. بينما الرفيقان القديمان، اللذان تعود صداقتهما إلى مرحلة الطفولة، يقول هشام عبود، وهما الجنرال خالد نزار وعبد المالك گنيزية، أحيلا على التقاعد.

نعم، الجنرال خالد نزار أحيل على التقاعد ببساطة بعد أن قضى قرابة عقدين وهو على رأس الجيش يتحكم في كل مفاصل الدولة تقريبا ويهندس لرفاقه العسكريين تحركاتهم، إذ حمله الكثيرون مسؤولية الفظاعات التي عرفتها البلاد خلال مرحلة الشاذلي بن جديد ومحمد بوضياف.

يقول هشام عبود، أيضا، إن الجنرال نزار بقي يلعب دورا في الحكم، بصورة متخفية وغير مباشرة. أي أنه أصبح زعيما “روحيا” لرفاقه الذين حصلوا على ترقيات أو أنهم لم يتزحزحوا من مناصبهم. وكان هؤلاء في الحقيقة يدينون بفضل كبير للجنرال خالد نزار، لأنه المسؤول عن هندسة عملية بقائهم في تلك المناصب العسكرية والأمنية.

إذ رغم إحالته على التقاعد، إلا أنه كان لا يزال يحكم من خلال رجاله، وهؤلاء لم يكونوا ليتخذوا أي قرارات مفصلية دون أن يعودوا إليه. “لقد كانت حتى مضامين الخرجات الإعلامية مستمرة في الحديث عنه”، يقول هشام عبود، أي أن الجنرال نزار كان لا يزال حديث المسؤولين ومحور اهتمامهم حتى بعد تقاعده “الصوري”.

وهذا الأمر كان يصيب الجزائريين المتذمرين من الأوضاع في بلادهم بالإحباط. إذ إن مرحلة الجنرالات لم تنته حتى مع وصول بوتفليقة إلى السلطة، وهو الذي كان يمثل رمزا من رموز مرحلة الهواري بومدين وأحد رجاله المقربين والمخلصين.

 

رجال في الظل

الحيلة التي مارسها الجنرالات كانت تتمثل في المجيء بوجوه من المرحلة القديمة لبيع الوهم للجزائريين وللعالم. هذا الوهم يغذي نظرية العودة إلى مرحلة ما قبل تغول الجنرالات. بينما كانت الحقيقة أن الرئيس كان آلة سياسية “منزوعة الأنياب”، وأن الذين كانوا يحكمون الجزائر لا يزالون هم أنفسهم.

شعارات إنهاء العشرية السوداء، وإحلال ما عرف وقتها بـ”الوئام المدني” كانت كلها شعارات رسخها الجنرالات أنفسهم لكي يضعوا الجزائريين أمام مناخ سياسي جديد، لكن مع بقائهم في المناصب نفسها محافظين على الامتيازات ذاتها. ومن جديد، كان الرئيس بوتفليقة تحت أنظارهم ومطوقا بالأشخاص أنفسهم الذين أحاطوا بالرؤساء السابقين.

يتساءل هشام عبود قائلا: “كيف لهؤلاء الجنرالات الذين يقولون إنهم تخرجوا من كبريات المعاهد العسكرية المرموقة في فرنسا وروسيا، أن يفشلوا طيلة عشر سنوات في إزاحة وإبعاد عصابات تهريب السلاح وبيعه التي يتحكم فيها أصحاب الأشغال الشاقة وبائعو الدجاج وأصحاب السوابق القضائية؟”.

لقد كان تساؤل هشام عبود في محله، لأن الآلة الإعلامية سنة 1999 روجت لمجيء جيل جديد من العسكريين الذين درسوا في الخارج، لكنهم في الحقيقة كانوا تحت رحمة العصابة القديمة ولم يكونوا قادرين حتى على مناقشتهم، رغم أنهم وضعوا في مناصب مهمة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى