شوف تشوف

الدوليةالرئيسيةسري للغايةسياسية

الجنرال فاضل إبراهيم ودوره في اختفاء عسكريين بتهمة الخيانة

يونس جنوحي

إن ما يؤكد وجود المافيا العسكرية في الجزائر، حسب ما يقوله هشام عبود، كثرة عمليات الموت الغامض بين مسؤولي المؤسسة العسكرية.

فقد ذكر الوفاة الغامضة للجنرال «ماجور»، عبد الحميد السعيدي، الذي عوضه مباشرة، الجنرال صاحب عبد المجيد على رأس الأركان العامة للجيش في المنطقة الرابعة.

هذا التعيين الذي حظي به عبد المجيد صاحب لم يكن نابعا من فراغ. فهو الآخر كان مُستقطبا ومقربا جدا من الجنرالات الذين يقودون الجيش والبلاد. وكان فقط ينتظر دوره لكي يحصل على الترقية كما حصل عليها آخرون غيره. فهو أيضا من الذين تم إدماجهم في جيش التحرير الوطني سنة 1961، وعاش كواليس تصفيات خيرة أطر الجيش الجزائري الوطنيين، وتعويضهم بالذين لديهم ولاء للأشخاص وليس للمؤسسة. وهذه نقطة مهمة جدا شرحها هشام عبود في أكثر من مناسبة بين صفحات مذكراته.

 

جوقة العميان

أفضل توصيف لهذا المشهد هو جوقة العميان، رغم أنهم في الحقيقة كانوا يعرفون أكثر مما يعرفه المُبصرون. إلا أنهم كانوا يتصرفون كالعميان وهم يتبعون رؤساءهم. فالولاء الأعمى والمطلق كان أهم ميزة تخول لصاحبها بسهولة دخول نادي المستفيدين من المناصب والترقيات والمسؤوليات الجسيمة داخل المؤسسة العسكرية.

 

دماء في كل مكان

عندما تمت مباشرة كبرى العمليات المخابراتية في الجيش الجزائري سنة 1992، والتي وصل صيتها إلى خارج الجزائر، كانت بعض الأسماء تحتمي في ظل «مافيا الجنرالات». يقول هشام عبود إن أمثال الجنرال فاضل شريف إبراهيم، الذي احتك به عن قرب عندما كان عبود مديرا للديوان في قلب مقر قيادة الجيش الجزائري، لم يكونوا يخطئون أهدافهم. بل كانوا ينفذون التعليمات ويجتهدون في تطبيقها بحذافيرها أحيانا أو بإضافات لإثارة انتباه وإعجاب الجنرالات الآخرين.

ينحدر الجنرال ماجور فاضل شريف من منطقة سيدي بلعباس، ولم يكن منصبه العسكري يقل أهمية عن المناصب الأخرى التي يشرف فيها الجنرالات على منطقة القبايل والعاصمة.

من بين النقط الغامضة في مسار هذا الجنرال، أن لا أحد يعرف طبيعة المهام والمسار المهني الذي خطه لنفسه في السابق. وكل ما يتوفر عليه من معلومات، حسب ما يقوله هشام عبود، أنه كان من قدماء الجيش الفرنسي. وهذا دليل، حسب عبود دائما، على أن الجنرالات كانوا مخلصين لبعضهم في هذه الحالات. إذ يكفي أن يكونوا قد عاشوا ذكريات سرية مشتركة في الجيش الفرنسي قبل ميلاد الجزائر، لكي يوحدوا الصفوف بينهم.

الجنرال ماجور فاضل إبراهيم كان من خريجي المدرسة الفرنسية. فبعد اشتغاله في صفوف الجيش الجزائري خلال الحرب، عاد إلى الجزائر لكنه لم يمارس أي نشاط عسكري. وبعد تأسيس جيش التحرير الوطني ألحق مثل بقية أبناء جيله بالجيش لأنه كان متآلفا مع الحياة العسكرية ويعرف نظام الجيش وأهمية الانضباط. لكنه في بداية ثمانينيات القرن الماضي سوف يكون من المحظوظين الذين تم إرسالهم إلى فرنسا للاستفادة من تكوين عاد بعده أكثر قوة في الجيش.

 

خونة الداخل

اشتغل الجنرال ماجور فاضل إبراهيم على ملف لا يفضل الجنرالات اليوم إثارته في الجزائر. ويتعلق بأكبر عملية تصفية في صفوف الجيش الجزائري، والتي استمرت طيلة منتصف الثمانينيات من القرن الماضي.

فقد كان فاضل إبراهيم من الشخصيات الجزائرية التي يثير ذكرها الرعب في الأماكن العامة، بل وحتى داخل منازل الجزائريين..، لأنه كان من رموز المخابرات العسكرية.

وجهه الجامد وملامحه الشاحبة التي تستحيل قراءتها حتى في الصور، كلها عوامل ساعدته على التماهي مع الدور الذي فُصل له. وهكذا كان فاضل إبراهيم وراء عمليات اختفاء عسكريين اتُهموا بالخيانة. وهو الملف الذي لم يصل أبدا إلى الصحافة الجزائرية لكن الجميع كانوا يعرفون أن الجيش قام بتصفية عناصر كثيرة داخله وقتها بتهمة التخابر أو الخيانة، وكان القضاء العسكري الجزائري قد تكلف بالملف، لكن من خلال تلقي التعليمات من الجنرالات الـ11 الذين هندسوا تلك التصفيات وأزالوا بها معارضيهم من المشهد، إلى الأبد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى