مصطفى عفيف
أمام النقص في التساقطات المطرية وشح مياه الآبار، عاد الجدل، من جديد، وسط عدد من الفلاحين وفعاليات المجتمع المدني بكل من أولاد صالح بإقليم النواصر ولعسيلات بإقليم برشيد، حول سعي عدد من الفلاحين إلى سقي أراضيهم الفلاحية باستعمال المياه العادمة القادمة من محطة التصفية ببرشيد، إذ يعمدون إلى تحويل مجراها لسقي الأراضي الفلاحية، سواء منها المخصصة لزراعة الحبوب أو المواد العلفية، وذلك باستعمال مضخات لضخ المياه، في وقت يعمد البعض الآخر إلى استعمال تلك المياه في سقي الخضر والرعي، وهو تصرف اعتبره فلاحو المنطقة ضروريا بفعل تأخر الأمطار، ما أصبح يهدد الفلاحة البورية والسقوية بالتلف.
وباتت هذه الوضعية عملا روتينيا بالنسبة لعدد من الفلاحين بالمنطقة في غياب أي رادع من الجهات المختصة للحد من هذه الكارثة التي أضحت تهدد المنتجات الغذائية، سواء منها لحوم الأبقار والمواشي وكذا الحليب ومشتقاته، نتيجة تناولها تلك الأعلاف المسقية بمئات الأمتار المكعبة من المياه المشبعة بالمواد الكيماوية الخطيرة أو الناتجة عن تسميد الأراضي الفلاحية من فضلات الدجاج والديك الرومي.
هذا الأمر أصبح عاديا بالنسبة لعدد من الفلاحين، خاصة أصحاب الأراضي المحاذية للطريق الإقليمية رقم 3042 بين برشيد وسبت لعسيلات، وكذا الطريق الإقليمية رقم 3011 المؤدية إلى حد السوالم، حيث يقف مستعملو الطرق المذكورة على حجم الخطر الذي ينتشر على طول قنوات صرف المياه العادمة القادمة من محطة التصفية ببرشيد في اتجاه واد مرزك بإقليم النواصر، من خلال وجود العشرات من مضخات مياه الري المزودة بمحركات البنزين وقنينات الغاز، التي يقدم أصحابها على نصبها لضخ المياه العادمة مباشرة من القناة الرئيسية في عملية متواصلة طوال النهار، وأمام مرأى الجميع، لسقي الحقول المجاورة، سواء منها الأراضي الزراعية أو تلك المخصصة للماشية مثل الذرة والفصة، وكذا بعض الخضروات الموجهة للتسويق والاستهلاك.
وتتم عملية استغلال قناة المياه العادمة في سقي الأراضي الفلاحية بكل من برشيد والنواصر بتواطؤ مفضوح مع الجهات المعنية، التي عهد إليها بمراقبة وحماية المواطنين من كل خطر، في وقت يسجل غياب المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، الذي لم يقم بأي إجراء في هذا الباب.
وتتجاهل الجهات المعنية هذه الظاهرة المتكررة كل عام، ما يعرض المنتجات الغذائية للخطر، حيث تتعرض الأبقار والمواشي للأعلاف الملوثة بالمواد الكيميائية الخطيرة. وهي تحذيرات تكررت دون جدوى، وفي ظل غياب المكتب الوطني للسلامة الصحية، يبقى الاستغلال غير المسؤول لمياه الصرف مستمرًا بدعم غامض من جهات معنية، ما يضع المجتمع والبيئة في مواجهة تحديات خطيرة.