التلاعب في معدات طبية بقسم القلب والشرايين وتهمة تبديدها تلاحق أشهر جراحي القلب في المغرب
نجيب توزني
أجرت الهيئة القضائية بقسم جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بالرباط، أول أمس الاثنين، مواجهات ساخنة بين المدير الأسبق للمستشفى الجامعي ابن سينا بالرباط ومسؤولين وموظفين اشتغلوا تحت إمرته ويتابعون في حالة سراح في قضية وصفت بالفضيحة، بعد اكتشاف اختلاسات وتبديد لأموال عمومية قدرت بالملايين .
واستمعت هيئة الحكم بغرفة الجنايات الابتدائية للبروفيسور ياسر السفياني، المدير السابق للمستشفى الجامعي ابن سينا، كشاهد في هذه القضية، قبل أن تواجه المتهمين الرئيسيين بتصريحاته التي بسط من خلالها كرونولوجيا الملف الفضيحة الذي فجرته التقارير السوداء للمفتشية العامة لوزارة الصحة ولجان المجلس الأعلى للحسابات، بعد تدخل عناصر الشرطة القضائية بولاية أمن الرباط على خط الأبحاث تحت إشراف الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف، قبل أن تنتهي بتحريك المتابعة القضائية في حق البروفيسور الجراح (و.م) الرئيس السابق لمصلحة القلب والشرايين وممرض رئيسي مكلف بالصيدلية المحلية وممثل إحدى الشركات المتخصصة في بيع المعدات الطبية وأطر صحية أخرى.
مناقشة الملف التي تابعتها “الأخبار” واستغرقت أكثر من ساعتين، استعرض خلالها البروفيسور ياسر السفياني مختلف الإجراءات التي قام بها قبل وبعد تفجر فضيحة التلاعب في المعدات الطبية بمصلحة القلب والشرايين، مذكرا بأنه كان يتوصل بتقارير رسمية مطمئنة للغاية من المصلحة المذكورة حول مخزون الأدوية والمعدات الطبية الغالية الثمن التي تستعمل لمعالجة أمراض القلب، مضيفا أنه كان يراسل كل مسؤولي المصالح بالمديرية بما فيها مصلحة القلب من أجل تحيين محتويات المستودعات وموافاته بالوضعيات النهائية لمخزون الأدوية من حيث العدد وصلاحية استعمالها. وأكد السفياني في شهادته أمام القضاء أن المفتشية العامة كشفت المستور بمصلحة القلب والشرايين بعد وقوفها على خلو سجلات الجرد من الإشارة لنوعية المعدات المستعملة وحجم مساهمات المرضى وهبات الجمعيات، وصيغ تدبير الفائض من الأدوية والمعدات، قبل أن تكتشف المفتشية انتهاء صلاحيتها، مؤكدا أنه لم يكن يعلم بذلك بسبب عدم توصله من المصلحة المعنية بما يفيد تقادمها.
وبعد إجراء المواجهة بين المدير السابق ورئيس المصلحة (و.م) والممرض الرئيسي ومدير الشركة، حاول المتهم الرئيسي وهو الذي اشتهر عالميا في تخصص جراحة القلب والشرايين تبرير التهم الموجهة إليه، حيث أكد أنه كان يواجه ضغطا كبيرا من طرف المرضى والراغبين في إجراء العمليات الجراحية المستعجلة، مما يدفعه لباب الاجتهاد في تقدير الأمور وتجاوز بعض الترتيبات الإدارية بعيدا عن سوء النية أو التبديد أو الاختلاس المعدات كما جاء في محاضر الشرطة، فيما أكد الممرض الرئيسي أنه كان يخبر رئيس المصلحة وإدارة المديرية بكل تفاصيل العمليات وجاهزية الأدوية ومجالات استعمالها.
وكانت الشرطة القضائية بالرباط قد فتحت تحقيقا تحت إشراف النيابة العامة، حول التلاعب في معدات طبية تستعمل عند إجراء العمليات الجراحية الخاصة بالقلب والشرايين، اقتناها المستشفى، توضع بالصيدلية ويعاد ترويجها، بعد أن يتم تسجيلها بالحاسوب حسب صنفها ورقم تسجيلها، وكشفت التحقيقات حسب المحاضر المنجزة تورط العديد من المسؤولين والموظفين في هذه العملية، بينهم جراح كان يشرف على العمليات التي تجرى للمرضى على القلب والشرايين، وموظف بالمركز ومدير شركة متخصصة في بيع المعدات الطبية تربطها صفقة بالمستشفى، ومسؤولها التجاري.
وهمت العملية حسب مضمون المحاضر، اختلاس أموال ناهزت 170 ألف درهم خاصة بتجهيزات طبية استقدمها أحد المرضى من أجل الخضوع للعلاجات الضرورية، إضافة لمعدات طبية أخرى بالمصلحة غير مصرح بها في السجلات بلغت قيمتها 6.5 ملايين درهم، وأخرى منتهية الصلاحية قدرت بمليون ونصف مليون درهم.