شوف تشوف

الرئيسيةسري للغايةسياسية

التعيينات الجزائرية المشبوهة التي تحكمت في المنطقة الحدودية

يونس جنوحي:

رغم أن القادة العسكريين في الجزائر، والذين يقودون بطبيعة الحال إدارة الجيش ويتخذون القرارات، يمثلون «نخبة» الأطر العسكرية الجزائرية، إلا أن هشام عبود طعن بقوة في مستواهم العلمي والعسكري أيضا. إذ يقول في هذه المذكرات إنهم رغم هيمنتهم على الجيش، إلا أن مستواهم كان متواضعا، ولا يتوفرون على شواهد عليا في الجيش، ولا يستطيعون إثارة موضوع الأرشيف الفرنسي المتعلق بالضباط الجزائريين الذين تدربوا في مهام عسكرية خلال الحرب العالمية الثانية. إذ إن مستواهم سيكون محرجا.

 

ترقيات وترقيات

ليست كل الترقيات العسكرية تعني بالضرورة أن أصحابها من ذوي الكفاءة. إذ الملاحظ أن جل التنقيلات وعمليات توزيع المسؤوليات لم تكن نتيجة مباريات استحقاق، بقدر ما كانت لعبة ولاءات بين قيادات الجيش.

وفي هذا الإطار يتطرق هشام عبود لنقطة مهمة. يقول: «بمجرد ما انتهى الصراع باستفادة بومدين، تجمع الفارون حوله وأظهروا له الولاء والتبعية. إنهم دائما بجانب الأقوى. خصوصا عندما كانوا في مرحلة يحتاجون فيها إلى إظهار روح التضحية والفداء.

كانوا يبحثون عن طريقة لإظهار إخلاصهم، وإعادة ترقيع بكارتهم في أعين «العصابة» المكونة من الجنرال العربي بلخير وخالد نزار وعبد المالك كنيزية ورفاقهم. حيث كانوا يستثمرون كلما استطاعوا في المهام الموكولة إليهم».

ما يقصده هشام عبود، هنا، أن عددا كبيرا من العسكريين الذين كانوا يرغبون في الفوز بنصيب من نعيم السلطة والبترول الجزائريين، حاولوا إظهار الولاء للطبقة الحاكمة الجديدة في الجيش، والتي نمت في ظل الهواري بومدين، ثم سيطرت على البلاد بعد محاولات إبعاد الجيش عن الحياة العامة وتصفية تركة بومدين.

 

أشباح تنبعث من الرماد

هذا التوصيف الدقيق يليق جدا بـ«مافيا الجنرالات». إذ إنهم فعلا استطاعوا الانبعاث من رمادهم في بداية الثمانينيات بعد أن اعتقد عدد كبير من العسكريين أن أيام المجد في السلطة انتهت برحيل الهواري بومدين. يقول هشام عبود، في مقاطع متفرقة من هذه المذكرات، إن عسكريين شرفاء لقوا حتفهم، وفي أحسن الحالات تعرضوا للإقصاء، بينما مُنح أصحاب «المواهب» في الإجرام مناصب حساسة في الجيش والأمن، لكي تتقوى العصابة وتصبح متحكمة في مفاصل الدولة الجزائرية ابتداء من منتصف الثمانينيات.

وأعطى المثال بعدد الترقيات التي عرفتها مرحلة بداية التسعينيات. إذ يقول إن الكابيتان محمد بوطيلة عُين مديرا للمؤسسة التي تشرف على تكوين الجيش في مجال قيادة المدرعات والمعدات الثقيلة والصلبة. بينما عُين الكابيتان الزركيني رئيسا للمنطقة العسكرية في الجنوب الغربي. والليوتنان سليم السعدي مديرا مركزيا للقطارات قبل أن يشغل منصب الزركيني الذي عهد إليه بمحطات الاتصال. وأخيرا، يقول هشام عبود، عُين الليوتنان عبد المجيد اللاحوم مديرا للتعليمات، وهذا الأخير كان مديرا للبروتوكول عند الهواري بومدين عندما حاز على السلطة.

هؤلاء الذين تحدث عنهم هشام عبود أعلاه كانوا من أوائل الذين شغلوا المناصب الحساسة في الجيش، وترقوا لكي يصبحوا، مع تغول الجيش في منتصف الثمانينيات وبداية التسعينيات، النواة الأولى التي أفرزت المسؤولين الذين تعامل معهم هشام عبود واطلع على أسرارهم والوثائق التي تُدينهم بسرقة البترول والتورط في تجارة السلاح والإبادة الجماعية للجزائريين بهدف السيطرة الأمنية على الجماعات المسلحة.

لماذا يسرد عبود، إذن، كل هذه الوقائع؟ الجواب أنه يرسم خريطة للمناصب التي تقاطعت مع بعضها البعض مشكلة غابة من البذل العسكرية التي قسمت ثروة الجزائر كلها، على زمرة من المحظوظين جدا، بحيث لم يترددوا لحظة أثناء ملء جيوبهم من المال العام الجزائري، باسم السلطة.

هشام عبود

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى