شوف تشوف

الرأيتعليمسياسية

التعليم المظلوم

 

 

عبد اللطيف المناوي

 

تقف التحديات الاقتصادية والاجتماعية في مقدمة الملفات التي تؤرق العالم بعد الأزمات المتتالية، إلا أن تحديا لم تغفله المؤسسات الدولية الكبرى، بينما ضاع في أروقة وأزقة مناقشاتنا واهتماماتنا، وهو التحدي الخاص بالتعليم، الذي كان الاهتمام به متراجعا بالأساس في مجتمعاتنا النامية والمجتمعات الأخرى الهشة التي تعاني من توتر الأوضاع بداخلها نتيجة الحروب والصراعات، فما بالك بعد أزمات كبرى أثرت على العالم أجمع، مثل أزمة الجائحة، ومن بعدها الحرب الروسية – الغربية.

وفقا لأرقام البنك الدولي، فإن جائحة «كوفيد- 19» في شهورها الأولى تسببت في انقطاع أكثر من 1.6 مليار طفل وشاب عن التعليم في 161 بلدا، أي ما يقرب من 80 في المائة من الطلاب الملتحقين بالمدارس على مستوى العالم، بينما حذرت مؤسسة «ماعت» للسلام والتنمية وحقوق الإنسان أخيرا من استمرار تأثير الأزمات على قطاع التعليم، في الدول الهشة سياسيا واقتصاديا.

وركزت المؤسسة على بضع دول، من بينها بلد عربي واحد هو لبنان، حيث أكدت الدراسة أن 74 في المائة من السكان يعانون الفقر، وبلا شك أول حل يُطرح هو التوجه إلى التعليم الرسمي، ولكن سياسات إهمال هذا القطاع على مدى سنوات وغياب الرقابة على المدارس الرسمية، وضعت التعليم الرسمي خارج المنافسة.. كما ركزت المؤسسة على الأوضاع في أوكرانيا، باعتبارها المتضرر الأكبر من الحرب، إذ هددت الحرب حياة ومستقبل 7.5 ملايين طفل، ودمرت أكثر من 750 مدرسة.

بمرور الوقت، انتظمت العملية التعليمية في مدارس العالم مع هبوط حدة موجات كورونا، وأتت حكومة إلى لبنان، نأمل أن تتعدل معها الأوضاع، ومن المنتظر أن تستتب الأمور كذلك في أوكرانيا، مهما طال الزمن، وستعود العملية التعليمية في بلدان العالم المتوترة والهشة والنامية إلى سابق عهدها، ولكن من دون إطار واضح للنهوض بالعملية التعليمية، سيما أنها تأتي كهدف رابع بين أهداف التنمية المستدامة التي وضعتها الأمم المتحدة.

في السابق، كنت ألقي اللوم على حكوماتنا بإهمالها التعليم، والآن العالم كله بات يهمل التعليم، يجب أن يشمل الاستثمار في التعليم تمويل التكنولوجيا التعليمية، مع مراعاة الأفكار التي نجحت في سياقات مختلفة حول العالم، فقد جرى تخصيص أقل من 3 في المائة فقط لقطاع التعليم من الحزم التحفيزية، التي منحتها الأمم المتحدة لكثير من البلدان لتدارك الأزمة الصحية الناتجة عن الجائحة.

أقول في النهاية، إن الاستثمار في التعليم أهم كثيرا من الاستثمار في أمور أخرى، أو هو الحاجة إليه مُلحة أكثر من أي شيء آخر.. لا بد للعالم أن يقوم بتمويل التكنولوجيا التعليمية، على أن تكون مدروسة في بعض البلاد.. ودون عملية مدروسة بعناية لزيادة استخدام التكنولوجيا، سيكون مصير النوايا الحسنة والسياسات الجديدة الفشل والعودة إلى مربع صفر، وكأنك يا أبوزيد ما غزيت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى