شوف تشوف

الرأيالرئيسية

التشريعات والقوانين في القرآن

القرآن كتاب جامع بين الوصايا الأخلاقية والتشريعات والقصص ومسلسل النبوات ومشاهد القيامة وجمال الطبيعة وعظة التاريخ، في سبعة مفاصل رئيسية من المهد إلى اللحد ومن الذرة إلى المجرة ومن بداية الكون إلى نهايته. وحول التشريعات قام الدهلوي في كتابه «إظهار الحق» باستعراض آيات التشريعات، فلم تزد على 200 آية، ونحن نعرف أن نظام المواريث ضُغِطَ في ثلاث آيات من سورة «النساء»، اثنتان في البداية وختام السورة عن نظام الكلالة في الإرث، حين الموت دون ذرية ترث. كانت الأولى في الفروع والأصول، والثانية في الأزواج والإخوة.

وفي سورة «البقرة» تطالعنا آيات الطلاق. هنا اعترف الإسلام بأن ثمة زيجات فاشلة وهي كثيرة، وأعرف أنا العديد من العائلات تعيش حالة الطلاق الصامت. فإن نزحت العائلة وهاجرت إلى الغرب وشعرت الزوجة بالتمكن من القوانين أنها لن تخذلها، هربت وتركت الزوج المشرقي، وهي حالات أعرفها حتى من الدائرة الصغيرة ممن حولي، وحين يقول البعض إن العائلات التي هاجرت تعرضت لنكسات من الطلاق، عليهم أن ينتبهوا إلى أنها كانت حالات من (الطلاق الصامت) تحول إلى طلاق واضح علني ومريح.

ولأن المسيحية حظرت الطلاق ومنعته، فقد اضطرت القوانين الأوروبية إلى أن تتبنى وجهة نظر الإسلام، فأباحت الطلاق. وحول الطلاق تحضرني حالة عجيبة من قصة صحافية بريطانية، ساقها القدر أن تقع في يد طالبان وتروي قصتها لمجلة ألمانية، ففي المقابلة التي أجرتها مجلة «دير شبيغل» الألمانية، عدد 42/ 2002، مع الصحافية البريطانية «فوني رايدلي Yvonne Ridley»، البالغة من العمر يومها 43 عاما، سألتها: لقد كنت لمدة عشرة أيام رهينة طالبان بعد أحداث 11 شتنبر، والآن تعلنين اعتناقك للإسلام لماذا؟ قالت رايدلي: عندما كنت في أفغانستان رهينة روعت بمنظر طالبان وقسوة عناصرها، لقد بصقت عليها، وصرخت في وجوهها كي تطلق سراحي، فأنا لست أكثر من أجنبية صحافية، ولكن يبدو أنها مع أولئك القساة كانت صرخة في واد ونفخة في رماد، فالجماعة كانت حريصة على إدخالي في الإسلام  بقوة السلاح، ومع الإكراه لا يبقى الإيمان إيمانا، ولا الكفر كفرا، وأباح الإسلام الكفر تحت إرهاب السلاح، بتقديم الحياة على العقيدة، لأن العقيدة لا تتشكل إلا بالاقتناع، ولأنها لا تزول مع الإرهاب والإكراه، فقال القرآن «إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان». سألها فريق مجلة «دير شبيغل= Der Spiegel»: «ولكن الغريب في قصتك الآن، هذا الحب للإسلام؟». أجابت رايدلي بطمأنينة: «ما زلت أذكر اليوم السادس من اعتقالي، عندما جاء إليّ إمام من طالبان وسألني إن كنت أريد اعتناق الإسلام؟ عندها أصبت حقا بالرعب، لأن قولي لهم لا بالرفض يعني إهانة دينهم.. وإن قلت له نعم، خنت ضميري وتظاهرت بالنفاق لهؤلاء والتملق لهم. لذا قمت باختيار الحل الوسط (هي تذكر بحكمة ملكة سبأ مع سليمان، فقالت كأنه هو..)، فقلت لهم إنني سوف أقرأ القرآن بعد إطلاق سراحي. وكان وعدا.. والغربيون شديدو التعلق بوعدهم وعدم الكذب». قالت مجلة «دير شبيغل» معقبةً: الوعد وعد. أجابت رايدلي: هذا مؤكد. تابعت رايدلي: «في البدء كان بالنسبة إلي لا يزيد على مشروع اطلاع أكاديمي، ولأنني بروتستانتية متدينة، فقد حركت مشاعري المناظر التي رأيتها في فلسطين من تطويق كنيسة مولد المسيح بواسطة القوات الإسرائيلية، ولم يتحرك رجل دين مسيحي ليقول شيئا أو يدين الفعل. عندها شعرت بأن المسيحية فشلت»!

قالت لها مجلة «دير شبيغل»: هل تعتبرين الإسلام بديلا؟ قالت رايدلي: على سبيل المثال قرأت ما يتعلق بحقوق المرأة في الطلاق، فاكتشفت أنه لو أرادت هوليوود إخراج فيلم بمحام بارع، لما نجحت في ما نجح فيه القرآن.. فتعجبت في نفسي وقلت لا يمكن أن يصدق المرء أن هذه النصوص قديمة.

سأل مراسل «دير شبيغل» بخبث: وما دور المرأة؟ أجابت رايدلي: إنه شيء مختلف عما كنت أفكر به بادئ ذي بدء، واليوم أعرف الكثير من النساء المسلمات اللواتي يدعمن بعضهن البعض، بما يجعل حركات تحرير المرأة في بريطانيا ليست بذات بال. والقرآن بذاته ليس المشكلة فيه وفي نصوصه، ولكن ما يفعل به البعض من التأويل المحرف. ولقد تمنيت بعد اطلاعي على القرآن والأشياء الكثيرة التي تعلمتها عن الإسلام، أن أكون قد عرفتها من قبل حتى أُنَوِّرَ بها عقول أولئك الجهلة من طالبان بنور القرآن.

هذه القصة تحكي ثلاث حقائق:

أولا: أن من يقف أمام انتشار الإسلام هم طوائف من المسلمين.

وثانيا: أن ترجمة القرآن ونشره في العالم أهم من كل غزوة وهجوم مسلح وتفجير وحرق سفارة ومرقص وحانة ودكان أشرطة فيديو.

وثالثا: أن الإسلام ينتشر بقوته الذاتية، فمع كل ضعف المسلمين يدخل الناس في دين الله أفواجا. ومن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام، ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا، كأنما يصعد في السماء. 

وكذلك فعلت الصحافية «رايدلي»، فقد رفضت إسلام طالبان؛ فلما رجعت إلى النبع الإلهي ولت إلى قومها منذرة، فقالت: يا قوم إني سمعت كتابا أنزل من بعد المسيح يهدي إلى صراط مستقيم، يا قومي أجيبوا داعي الله. 

خالص جلبي 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى