النعمان اليعلاوي
أصدر قضاة المجلس الأعلى للحسابات ملاحظات حول النشاط المنجمي للمجمع الشريف للفوسفاط، وهي الملاحظات التي تفاعلت معها الشركة المغربية بإيجابية، حيث كانت فرصة لتحسين أدائها في الجوانب التي أثارها التقرير.
وكانت جهات انتقدت ما أسمته تستر مجلس جطو على أرقام وتفاصيل الحسابات الداخلية للمكتب الشريف للفوسفاط، وهو الاتهام الذي لا يستند على تحليل دقيق وعميق لوضعية مؤسسة المكتب الشريف الفوسفاط التي لا تعتبر فقط شركة وإنما مؤسسة استراتيجية تساهم بشكل فعال وأساسي في التوازن المالي للمملكة، بفضل عائدات مبيعات الفوسفاط والمنتجات المتفرعة عنه.
وإذا كان المجلس الأعلى للحسابات حجب بعض أرقام وحسابات تقريره (الاحتياطي، السيولة، الحصص…)، فلأن ذلك يدخل ضمن خانة المعلومات الحساسة والسرية التي ستتضرر من نشرها، وحصول المنافسين في السوق عليها، تنافسية المكتب الشريف للفوسفاط.
ولهذا فالأمر لا يتعلق بحجب للمعلومات من طرف المجلس الأعلى للحسابات بل بحماية لمعطيات ذات طابع حساس.
تنويه بالمجمع
التقرير الذي يعتبر الأول من نوعه، نوه بأداء المجمع الذي يشغل أكثر من 20.000 عامل»، وحقق رقم معاملات يفوق 48.5 مليار درهم سنة 2017، حيث يساهم بنسبة 17 في المائة من الصادرات، و18 في المائة من احتياطي العملة الصعبة. وركز التقرير على النتائج الاستراتيجية التي سطرها المجمع منذ سنة 2008، والتي تهدف إلى مضاعفة الطاقة الإنتاجية بالوحدات الكيماوية إلى ثلاثة أضعاف في أفق سنة 2027 عبر إنجاز برنامج صناعي كبير، باستمارات وصلت خلال الفترة ما بين 2008 و 2016 إلى 85.6 مليار درهم، ويعتزم المجمع استثمار حوالي 100 مليار درهم أخرى خلال الفترة ما بين 2019 و2027.
ملاحظات وتفاعل إيجابي
كشف المجلس الأعلى للحسابات عن نتائج مراقبة تسيير المجمع الشريف للفوسفاط، والتي انصبت على النشاط المنجمي على مستوى المواقع المعدنية المستغلة من قبل الشركة.
واهتم المجلس الأعلى للحسابات، في مهمته، بمسلسل التخطيط وبرمجة الأنشطة المعدنية ومعالجة الفوسفاط، كما فحص استعمال وصيانة آلية الاستغلال، دون أن يغفل الجوانب المرتبطة بالبيئة.
وأوصى المجلس بتطوير نظام برمجة الإنتاج، عن طريق استكماله بمساطر موحدة ومعتمدة وموثقة، تشمل إعداد مشاريع الاستغلال السنوية المتعلقة بكل موقع ومنجم، وتوحيد الأداة الحالية لإعداد مشروع الاستغلال السنوي وتوحيد الطرق والمعطيات المستعملة في حساب كميات الفوسفاط المتوقع استخراجها.
تحول رقمي مرن وسريع وفعال
من جانبه، كشف المجمع الشريف للفوسفاط عن استراتيجيته لسنة 2019، وأوضحت مصادر مطلعة من داخل المجمع أن استراتيجية المؤسسة ترتكز على «ترسيخ الحلول الرقمية بشكل مستدام في جينات كل شخص»، موضحة أنه «لتحقيق هذه الغاية، عملت المجموعة على اعتماد عقلية جديدة تشمل طرق اشتغال مبتكرة ومرنة، واتخاذ القرارات على أساس البيانات ونهج يرتكز على «العنصر البشري» والذكاء الجماعي. كما «يعمل المجمع على تنمية المهارات الرقمية اللازمة لتطوير المجموعة وتنمية نظامها الإيكولوجي»، تشير المصادر، موضحة أن برنامج التحول الرقمي الذي تم إطلاقه سنة 2017 يعتمد على عدة محاور رئيسية، في مقدمتها «المخطط المنجمي، حيث يتم التخطيط متعدد الآفاق للأنشطة المنجمية على منصة واحدة لجميع المواقع، كما يتم نشر المخطط المنجمي في موقعين وسيغطي جميع المواقع المنجمية سنة 2019»، تشير المصادر.
وفي السياق ذاته، أشارت مصادر «الأخبار» إلى أن مخطط المجمع الشريف للفوسفاط يرتكز خلال 2019 على تنمية الاحتياطات المنجمية «حيث تمت نمذجة احتياطات منجم ابن جرير على مدار 30 سنة في إطار المخطط المنجمي، كما تمت مراقبة وتحسين أسطول الآليات في الوقت الحقيقي». واشارت المصادر إلى الدور الكبير الذي يلعبه برج تحكم مركزي على مستوى كل موقع لمراقبة آنية لحوالي 320 آلية متنقلة ومتصلة (الشاحنات، الجرافات، الحفارات وغيرها)»، مبرزا اشتغال المجمع على «التدبير المتكامل لسلسلة التوريد في المنجم، وهو ما يمكن من التدبير الشامل للأداء والجودة، كما يعمل، في إطار مشاريع 2019، على استكمال رقمنة أنشطة الصيانة بنسبة 100 في المائة سنة 2019؛ كما يتم العمل على تطوير خوارزميات التنبؤ بالأعطال باستخدام الذكاء الصناعي».
من جانب آخر، كشفت المصادر، بخصوص المخطط البيئي للمجمع الشريف للفوسفاط، أنه أطلق عملية إعادة التأهيل وغرس 1000 هكتار في السنة (الزيتون، الأرغان، الخروب وعدد من أنواع الأشجار المثمرة)، موضحة أن هذه المساحة تعادل مرتين الاستهلاك السنوي للأراضي، وذلك بهدف إعادة تأهيل وغرس جميع الأراضي المستغلة منذ قرن، موضحة أن مشاريع المجمع في 2019 تتمثل في الاختبارات الصناعية لترشيح وحل الغسل، بهدف القضاء بصفة نهائية على الأحواضd’épandage) (digues ابتداء من هذه السنة، وهو «ما سيمكن من تخفيض استهلاكنا من المياه في المنجم بحوالي 20 في المائة».
وكان المجمع الشريف للفوسفاط أطلق برنامجه للاقتصاد الدائري الذي يتمحور حول أربعة برامج رئيسية تشمل حماية الموارد، الإنتاج المستدام، الاستهلاك المعقلن وخلق القيمة من خلال التحويل وإعادة التدوير. وأشار المجمع إلى أن هذا البرنامج لا يهدف إلى خلق دينامية جديدة داخل المجموعة فحسب، بل أيضا إلى تعزيز ثقافة التعايش مع الأنظمة الإيكولوجية الصناعية والتعاون مع المجتمعات. كما وضعت مجموعة OCP برنامجًا للطاقة لتقليل بصمتها الكربونية، وتخطّط المجموعة -من خلال سلسلة من الإجراءات تهدف إلى تنويع مصادر الطاقة- لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة الكهربائية على المدى المتوسط.
كما أسس المجمع المنجم الأخضر في منطقة خريبكة، مشيرا إلى أن «هذا المنجم يؤكد مدى التزام مجموعة OCP بإعادة تأهيل المواقع الصناعية والمنجمية، وسوف يمكّن هذا المشروع -الذي صُمّم بالكامل وفقًا لنهج التنمية المستدامة- المنطقة من التمتّع ببيئة استثنائية وحيّ سكنيّ يمتد على مساحة تزيد عن 300 هكتار. استثمرنا 700 مليون درهم لتطوير مدينة خريبكة المنجمية التاريخية». كما كشف المجمع عن إطلاق خطة للتنمية المستدامة للبنية التحتية للمدينة، وخلق مساحات خضراء جديدة، وافتتاح مواقع سياحية، بالإضافة إلى تنفيذ مجموعات متنوّعة من الأنشطة توفّر فرصًا للعمل.