البيضة في الطاس
حسن البصري
قبل أن يتوجه فريق الاتحاد البيضاوي «الطاس» إلى مدينة طنجة لمواجهة الدفاع الحسني الجديدي، برسم نصف نهائي كأس العرش لكرة القدم، قام أعضاء من المكتب المسير لفريق الحي المحمدي بزيارة للمجاهد الاتحادي عبد الرحمن اليوسفي في بيته ووجهوا له دعوة حضور المباراة في مدينة طنجة، لكن ظروفه الصحية لا تسمح له بالانضمام لجمهور المدرجات وكوابح مشاعر حبه للطاس لم تعد تطاوعه.
شخصيا تمنيت لو أن الزيارة شملت عائلات مؤسسي «الطاس» كعبد السلام بناني الذي كان وراء استقطاب اليوسفي لمحراب الاتحاد البيضاوي، والعبدي والزاولي وأفيلال وغيرهم من أقطاب هذا الفريق الذي يعد جزءا من تاريخ وجغرافية الحي المحمدي كالغيوان والشابو وكيرة..
يشعر أفراد عائلة بناني بالغبن حين يكتشفون سقوطهم من شجرة الطاس، بنفس درجة الغبن التي تلف الكثير من الأسماء التي وهبت ما كسبت يدها للاتحاد البيضاوي، الذي لم يكن مجرد فريق يلعب الكرة بل كان سندريلا يعشقها أبناء الحي ولأجلها يتمرنون على كتابة أولى قوافي الحب العذري.
«الطاس» في مفكرة الجيل الحالي، هي محكمة دولية للرياضة، هي فضاء للتقاضي حينما يشعر المشتكي بأن أحكام قضاء القرب ترتطم بقائم العدل، ولكن «الطاس» في الحي المحمدي فريق يقضي نصف الأسبوع في الملعب والنصف الآخر في المحاكم، بعد أن اختار الرئيس «جر» كل من صلى على قبلة أخرى إلى القضاء. لذا لا ينصح بتتبع بلاغات الفريق من طرف الجمهور الناشئ، ولعل وصول «الطاس» لنهائي كأس العرش لأول مرة في تاريخه هو فرصة لمصالحة الفريق مع تاريخه والقطع مع التقاضي الاتحادي الذي لا خير يرجى من ورائه.
فاز أبناء الحي المحمدي، هزموا فرسان دكالة في موقعة البوغاز، قيل إن تقنية «الفار الله يعمرها دار»، وقيل في رواية أخرى إن الجديديين باعوا جلد الدب الأبيض قبل اصطياده، خاصة وأن الأخبار القادمة من الجديدة تؤكد أن خياطا حصل على حقوق خياطة البذل الرسمية لأعضاء المكتب المسير للدفاع الجديدي المخصصة للمباراة النهائية، التي ستجرى في مدينة وجدة، لكن الخياط سيكون المتضرر الأول من الإقصاء.
سيكون فريق كريان سنطرال حاضرا في نهائي يوم عيد الاستقلال، سيدخل التاريخ من بوابته الشرقية وجدة، وكأنه كان أحوج إلى منفلوطي يكتب قصص النجاح، وفي أمس الحاجة لرئيس صيدلاني يشم رائحة الدواء كل يوم، رئيس يجيد قراءة وصفات العلاج لناد يعاني من أورام قديمة، فقد سبق لكثير من الأطياف المهنية أن جلست خلف مقود القيادة دون أن تصل إلى نهائي كأس العرش، بل إن العربي الزاولي كان سائق شاحنة قبل أن يتحول إلى سائق فريق، وحين غادر العربي باطما المكتب المسير للطاس، قال لأبناء الحي المحمدي «اللي كَال لعصيدة باردة يدير يدو فيها»، كما تناوب على قيادة «البيضة» أطباء ورجال سلطة ونقابيون ورجال تعليم ورجال أعمال منهم من تحول إلى إطفائي ومنهم من جاء ليرمم الكسور.
بدا لي وكأن المباراة بين الطاس والدفاع، كانت تحت رعاية وزارة الصحة، فرئيس الفريق الجديدي طبيب والناطق الرسمي صيدلاني، وطبعا رئيس الاتحاد البيضاوي خريج كلية الصيدلة في روسيا ويعرف أن الطب والكرة لا يلتقيان إلا عند ضربة خطأ فيها شيء من سبق الإصرار والترصد.
وضعت العديد من الأندية رجال الصيدلة على رأسها، وسلمت مقاليد تسييرها لأشخاص يتعايشون مع الدواء، فقد كان بنزاكور رئيسا مرجعيا للمغرب الفاسي، وترأس الصيدلاني عزمي النهضة السطاتية، وعلى المنوال نفسه سار شباب خنيفرة مع الصيدلاني أوعابة، ورئيس المكتب المديري للوداد سابقا أحمد زكي والمسير الرجاوي الأمين والودادي الشياظمي واللائحة طويلة..
أما أم المفارقات في بطولتنا فأن يسلم فريق أمر تسييره لراق يؤمن بأن خير العلاج الكي والجلد.