شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

البيانات الشخصية في مهب الريح

 

 

يونس جنوحي

 

آلاف الشباب المغاربة المقاولين فتحوا فروعا لشركاتهم في الصين والإمارات وتركيا، وغيرها من الدول التي تُهمين على تصدير السلع.

بفضل شبكة الأنترنيت، استطاع هؤلاء الشباب المغاربة أن يُثبتوا أنهم رجال أعمال ناجحون، ووجدوا لأنفسهم موطئ قدم في عالم التسويق، ويوجد بينهم من انقطعوا عن مقاعد الدراسة والتكوين منذ سنوات واتجهوا نحو الأعمال الحرة.

هؤلاء الشباب لا تعنيهم الانتخابات التركية الحالية، رغم أنه تقرر خوض جولة ثانية نظرا للتقارب في الأصوات بين أردوغان ومُنافسه، بقدر ما تعنيهم قوانين الصادرات التركية نحو المغرب.

لكن القانون الحالي الذي جرت مناقشته في الصين، خلال شهر ماي الحالي، لا بد وأن يكون مفصليا في تحديد مستقبل تجارتهم ومشاريعهم التسويقية. إذ إن البرلمان الصيني صادق، قبل أسبوع، على قانون مكافحة التجسس، وهو ما يمكن أن يُشكل مخاطر قانونية على الشركات الأجنبية التي توجد في الصين. وليس هذا فحسب، بل إن هذا القانون سوف يؤثر على الأفراد العاملين فيها أيضا.

وهذا القانون يحظر نقل أي معلومات تتعلق بالأمن القومي الصيني. لكن المشكل، حسب ما تناقلته وكالات دولية، أنه لا يحدد المعلومات التي تندرج في إطار الأمن القومي للصين أو مصالحها العليا، من الأخرى العادية.

هذا القانون سوف يدخل حيز التنفيذ في شهر يوليوز، ومن المنتظر أن تكون هناك عقوبات وغرامات على شركات أجنبية تفتح مكاتبها في الصين، حتى لو تعلق الأمر بمكاتب صغرى، تحت طائلة أن تتعلق معطيات معاملاتها التجارية بالأمن القومي الصيني أو مصالح الشركات الوطنية الصينية التي تتعامل معها.

يحدث هذا في وقت تواجه فيه فروع شركات عملاقة في الصين، إشاعات وحملات إعلامية تتعلق بذمتها المالية أو خدمة أجندات معادية للصين، وهو ما يعني أن شهر يوليوز المقبل سوف يكون ساخنا جدا بالنسبة لهذه الشركات.

هذا القانون سوف يمكن الحكومة الصينية من الوصول إلى البيانات والمعدات الإلكترونية والمعلومات المتعلقة بالممتلكات الشخصية، وأيضا سوف يمكنها من إغلاق المعابر الحدودية في وجه المعنيين في فترة إجراء تحقيق مكافحة التجسس ضدهم.

الشركات الأوروبية والأمريكية هي المعني الأول بهذه التعديلات على القانون الذي يعود إلى سنة 2014. وحسب ما أكدته الوكالات الأوروبية، فإن هذه التعديلات تعكس تخوف الصين من الأجانب الذين يؤيدون الديموقراطية في الصين.

لكن من يتحدث عن المقاولين الصغار، الذين أسسوا مشاريعهم في بلدانهم ويترددون باستمرار على الشركات الصينية لاستيراد السلع؟ هؤلاء الشباب المغاربة الذين يستوردون من الصين كل ما يتعلق بسوق الهواتف الذكية والمعدات المنزلية، وحتى السلع منخفضة التكلفة، يساهمون بملايين الدولارات في إجمالي الصادرات الصينية، وبحكم ترددهم الدائم على الصين، وافتتاح بعضهم لمكاتب صغيرة لتنظيم أمورهم الإدارية وما يتعلق بالجمارك، فهذا يعني أنهم معنيون أيضا بقانون مكافحة التجسس الجديد. وهذا يعني أيضا أن أرقام معاملاتهم وبياناتهم الشخصية سوف تصبح تحت طائلة المراقبة.

امتلاك الحكومة الصينية لمعلومات دقيقة، عن مُستوردين من هذا النوع، يعني أن الصين سوف تمتلك معلومات عن مُنافسين محتملين للشركات الصينية. ففي المغرب وحده، هناك آلاف المستوردين المغاربة الذين يعرفون جيدا السوق المغربي واحتياجاته، ويستوردون من الصين أطنان السلع الاستهلاكية والإلكترونية، بكلفة تصل إلى مئات ملايين الدولارات سنويا. وإذا استطاعت الحكومة الصينية مراقبة بياناتهم الخاصة التي يتوفرون عليها في الصين، فهذا يعني أنها قد تُنافسهم بشركاتها الكبرى في المستقبل، وتُغرق السوق الوطني بنفس السلع، لكن بأسعار تنافسية. وهذا بالضبط ما يُحاول خبراء الاقتصاد تحويل انتباهنا إليه في ما يتعلق بهذا القانون الجديد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى