محمد وائل حربول (متدرب)
في آخر تقرير له حول المغرب، كشف البنك الدولي أن خلق مناصب الشغل في المملكة يعاني من عجز سنوي يصل إلى 300 ألف منصب شغل، وهي النسبة التي اعتبرها التقرير كفيلة بحل مشكل التشغيل إن هي توفرت.
واعتبر خبراء البنك الدولي أنه على الرغم من ارتفاع الأجراء الرسميين ما بين أعوام 2000 و2019 بمقدار وصل 1,3 ملايين فرد، فإن غالبية الأجراء والمشتغلين من المواطنين المغاربة، لا يزالون يشتغلون داخل القطاع غير المهيكل، وهو ما يمثل نسبة 54,6 في المائة من الأجراء، أي ما يعادل 3 ملايين شخص خلال سنة 2019.
وأضاف التقرير ذاته أن معدل القطاع غير المهيكل لا يزال مرتفعا للغاية، وغالبية المشتغلين فيه رجال ذوو مستوى تعليمي منخفض.
وأكد التقرير، الذي حمل عنوان «بناء الزخم للإصلاح»، الذي صدر بداية الأسبوع الحالي، على أن فئة المشتغلين في القطاع غير المهيكل لا تدفع أي ضريبة على الدخل، وليست لديها عقود منتظمة، والأهم من ذلك لا تشترك في أي نظام للتقاعد، ولا تستفيد من التغطية الصحية. واعتبر أن الزيادة القوية في عدد السكان في سن الشغل تحمل إمكانيات مهمة لتحفيز النمو الاقتصادي إلا أن المغرب لا يوفر فرص عمل كافية.
وأوضح خبراء البنك الدولي، في تقريرهم، أنه وبالرغم من أن عدد سكان المغرب في سن العمل ارتفع بمتوسط بلغ 372 ألف شخص سنويا ما بين أعوام 2001 و2019، فإن الاقتصاد الوطني المغربي، بالمقابل، لم يخلق سوى 112 ألف وظيفة إضافية في المتوسط سنويا، وهو ما ينتج عنه، سنويا، عجز بـ 262 ألف وظيفة، قبل أن يرتفع هذا العجز وقد ارتفع هذا العجز إلى 300 ألف بين أعوام 2010 و2019.
ووقف التقرير عينه على عوامل عدة تفسر عدم قدرة سوق العمل بالمملكة على استيعاب السكان في سن الشغل، منها ما يتعلق بنقص الوظائف اللازمة لتلبية المعروض من اليد العاملة من جهة أولى، ومنها ما يتجلى في ضعف جودة الوظائف المتوفرة من جهة ثانية، فضلا عن مساهمة عدد من العوامل في هذه التحديات، أبرزها النمو السكاني المرتفع، وضعف كثافة فرص الشغل التي يخلقها النشاط الاقتصادي، والتحسن البطيء في كفاءة استخدام عوامل الإنتاج، إضافة إلى التغير الهيكلي البطيء للاقتصاد الوطني.
وكشف خبراء البنك الدولي عن تطور معدل البطالة في المغرب، والذي انحصر في حدود 8 إلى 12 في المائة منذ الأزمة المالية، حيث كان جزئيا نتيجة معدل النشاط المنخفض، على اعتبار أن 54 في المائة من السكان في سن العمل، يصنفون ضمن السكان غير النشطين عام 2019.
ورصد خبراء المؤسسة المالية الدولية ضعف مشاركة المرأة في سوق الشغل المغربي، إذ لم تتعد نسبتها مقابل الساكنة النشيطة 22 في المائة، ناهيك عن ارتفاع نسبة فئة خارج المدرسة والشغل والتكوين (NEET) وسط الشباب، وهو ما ينتج عنه إقصاء الشباب المغربي من سوق الشغل، وهو ما يضعف اكتساب المهارات للشباب والمساهمة في نمو بلادهم.
وخلص التقرير إلى أن المغرب يواجه أربعة تحديات لتحسين أداء سوق الشغل فيه، أولها.. ضرورة تسريع التحول الهيكلي لخلق وظائف أكثر وأفضل في قطاعات إنتاجية أعلى، وثانيها.. تشجيع إضفاء الطابع الرسمي على مناصب الشغل وتحسين جودتها، وثالثها.. زيادة مشاركة المرأة في نسبة الساكنة النشيطة وضمانها وصولها إلى وظائف جيدة، ورابعها.. دعم الشباب في انتقالهم من التعليم إلى سوق الشغل.
وتتناقض الأرقام والمعطيات التي خلص لها تقرير البنك الدولي، المؤسسة المالية الأولى على مستوى العالم، بشكل صارخ مع الأرقام التي يقدمها محمد أمكراز، وزير الشغل والإدماج المهني في المغرب، حيث سبق وأن قال أمكراز أمام لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب في مارس الماضي، إن حصيلة المخطط الوطني للنهوض بالتشغيل (2017-2021) بلغت السنة المنصرمة نحو 660 ألف منصب شغل، موزعة بين القطاعين العام والخاص، إضافة إلى أن المخطط أدى إلى تحسين قابلية التشغيل لأزيد من مليون باحث عن شغل، ودعم التشغيل المأجور لفائدة أزيد من 500 ألف باحث عن شغل، ومواكبة إحداث أزيد من 20 ألف وحدة اقتصادية صغيرة. وهي الأرقام التي لا تمت بصلة لما حمله تقرير المؤسسة المالية الدولية التي كشفت تطور معدل البطالة في المغرب بشكل مقلق فضلا عن أن 54 في المائة، من السكان في سن العمل، يصنفون ضمن السكان غير النشطين عام 2019.