الحزب جدد تشكيل مكتبه السياسي في غياب المنصوري ووهبي يهاجم لشكر والاتحاد
محمد وائل حربول
عقد حزب الأصالة والمعاصرة، صباح أول أمس السبت بمدينة مراكش، الجلسة الافتتاحية للدورة الاستثنائية لمجلسه الوطني، وذلك بالاقتصار على حضور الأعضاء بالصفة فقط، بسبب تداعيات التطورات الوبائية، حسب ما أعلن عنه عبد اللطيف وهبي، الأمين العام للحزب،، فيما كانت من أبرز السمات التي ميزت الجلسة، غياب فاطمة الزهراء المنصوري، رئيسة المجلس الوطني لـ«البام»، التي أكدت مصادر خاصة لـ«الأخبار» أن غيابها جاء بسبب تلقيها للجرعة الثالثة من اللقاح ضد فيروس كورونا.
وفي كلمته، عبر عبد اللطيف وهبي عن افتخاره بالنتائج التي حققها حزبه، خلال الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة التي شهدتها المملكة، حيث أكد أنها جاءت نتيجة ثمرة مسار نضالي ولم تكن هبة من أحد، مشيرا إلى أن انعقاد المجلس الوطني بمراكش يجسد انتصارا لإرادة بناء تنظيم سياسي لكل الديمقراطيين، الذين يرفضون الانجرار «لواقع سياسي يراد فرضه، ويتوزعه اختيار بين استسلام لعولمة كاسحة متعنترة بمعطيات العلم والتطور التكنولوجي، وشعبوية مقنعة بخصوصيات ثقافية تاريخية تُدير ظهرها للعصر الحديث».
وشدد وهبي على أن حزبه «يعد عنصرا أساسيا في المعادلة السياسية الديمقراطية، ويتمتع بحضور وازن عند الحلفاء والخصوم على حد سواء»، مرجعا السبب في ذلك إلى كل أعضاء الحزب، الذين قال عنهم إنهم «كلما منحهم شعبهم الثقة لتحمل المسؤوليات، محليا أو جهويا أو وطنيا، كانوا على موعد مع النزاهة والفعالية التي تتأتى بإصغائهم الجيد للمشاكل الحقيقية التي يعيشها المواطنون». مضيفا أن الجهة الوحيدة التي يسمع لها باحترام وجدية، وذكاء كذلك، هي المغاربة وهم يخوضون تجربة عيشهم المرصعة بالتحديات والمشاكل والإبداع من أجل حياة كريمة، مشيرا إلى أن حزب الأصالة والمعاصرة أثبت جدارته على كل المستويات.
واعتبر وهبي أن أهم إنجاز حققه الأصالة والمعاصرة «القطيعة البناءة» و«الخطاب الجديد الذي تبناه الحزب في تناوله لكل شؤون الاقتصاد والسياسة داخل مجتمعنا، خطاب سياسي ديمقراطي في المعنى والأهداف»، حيث أوضح أن الحزب تمكن «من إعادة تشكيل ليس فقط مواقفه، بل كذلك كل الخريطة السياسية للبلاد، لأنه جاء بمرجعية عقلانية أساسها مصلحة الوطن والديمقراطية، دون افتعال لقضايا لا صلة لها بمشروعه التحديثي الديمقراطي الذي شكل نقطة انطلاقة عملية لتأسيس الحزب».
وأشار الأمين العام لـ«البام» إلى أن «حزبه لم يعد يتخذ مواقف وفق الأحكام المسبقة، أو خطاطات مستوردة من مجالات سياسية خارج وطننا. بل أصبحنا نحتكم لخصوصيات الفاعلين في الحياة السياسية المغربية، ومدى التزامهم بقيمنا وقوانيننا الوطنية من جهة، ومدى قربهم أو بعدهم عن مشروعنا السياسي الرامي إلى خدمة قضايا التقدم والتنمية ببلادنا».
وفي خضم كلمته، قال عبد اللطيف وهبي إنه لأول مرة أصبحت لحزب الأصالة والمعاصرة مرجعية فكرية سياسية تعبر عن تصوره من قضايا التاريخ والمجتمع التي تهم المغاربة، حيث شدد على أنه «صار لزاما على كل من يخاطب الحزب أن يقرأ أدبياته، إذا أراد أن يكون مخاطبا جادا»، معتبرا أن «كل موقف اليوم من نضالات الحزب السياسية والفكرية يجب أن ينطلق من خطه الفكري والسياسي الذي عبرنا عنه في أدبياتنا الحزبية. أما من اختار أن يفكر بالذاكرة ويظل سجين ماض لم يعد له أثر في الواقع، فإننا غير معنيين بظنونه وادعاءاته».
وأبرز وهبي أنه بعد سنوات من المعارضة السياسية، يوجد حزب «الجرار» اليوم «في حكومة أمامها مهام إنجاز نقلة نوعية في الاقتصاد المغربي، ليخدم التقدم الاجتماعي الذي طالما طمح إليه الشعب المغربي». مضيفا أن قبول الحزب العمل داخل الحكومة، جاء بـ«قرار من الناخب المغربي الذي شرفنا بأصواته في الانتخابات، ودفع بأفكارنا وتصوراتنا إلى سدة القرار الحكومي»، مؤكدا أن استجابة حزبه لهذا القرار الشعبي تعبر «عن أننا لا نريد أن نكون تجار مشاكل المجتمع المغربي، ونكتفي فقط بتشخيصها في خطاب شعبوي يتلذذ في كسل المعارضة من أجل المعارضة، بل إننا كنا دائما ونحن في المعارضة قوة اقتراحية تقدم البدائل، واليوم سوف لن ندخر جهدا لنترجم أهدافنا إلى واقع يخدم المواطن والوطن».
المجلس الوطني لـ«البام» يؤكد دعمه الكامل للحكومة
نوه المجلس الوطني للأصالة والمعاصرة، بالجهود الكبيرة التي بذلتها كل قواعد وقيادة الحزب منذ المؤتمر الوطني الرابع، والتي رسخت للحزب مكانته السياسية الريادية، ومكنته من احتلال المواقع المتقدمة، حيث اعتبر بيان المجلس الختامي أن النتائج التي حققها الأصالة والمعاصرة داخل المؤسسات، هي بفضل التمسك الجماعي بمبادئ الحزب، وتجسيده للصف الحداثي في الساحة السياسية والثقافية، ومناصرته العلنية لقيم التقدم وحقوق الإنسان والمساواة.
ودعا المجلس الوطني جميع أعضائه إلى تحمل المسؤولية الكاملة، والتعبئة الدائمة لتقوية التجربة الحكومية الحالية، وتوفير مختلف الشروط لإنجاحها، والإسهام بقوة في تحقيق آمال وطموح الشعب المغربي في الحرية، والديمقراطية، والتنمية، والكرامة، والعدالة الاجتماعية. كما دعا بالموازاة مع ذلك، قيادة «البام» إلى الإسراع باستكمال بناء وتجديد الهياكل الترابية للحزب، لتعزيز وتقوية البناء التنظيمي للحزب وطنيا، بما يسهل من مسؤوليته في تأطير المواطنات والمواطنين، وتكوينهم سياسيا، وتعزيز قدرة الحزب الفكرية في بلورة سياسات عمومية جديدة.
المكتب السياسي الجديد ضم كل وزراء الحزب وأسماء جديدة
بعد أزيد من سنة ونصف السنة على انتخاب الأمين العام الجديد للحزب عبد اللطيف وهبي، شكل حزب الأصالة والمعاصرة مكتبه السياسي، حيث ضمت اللائحة التي تم الكشف عنها خلال الجلسة الافتتاحية للدورة الاستثنائية للمجلس الوطني للحزب، وزراء «البام» الذين تم تعيينهم بحكومة عزيز أخنوش (ليلى بن علي، غيثة مزور، عبد اللطيف ميراوي، المهدي بنسعيد ويونس السكوري). كما تم إلحاق العربي المحرشي، المحسوب سابقا على تيار حكيم بنشماش، الأمين العام السابق للحزب، باللائحة.
وإلى جانب فاطمة الزهراء المنصوري، رئيسة المجلس الوطني، التي تغيبت عن جلسته الافتتاحية، أول أمس، فقد ألحق الأمين العام لـ«البام» كلا من أحمد التويزي، الخمار المرابط، هشام المهاجري، نجوى كوكوس وليلى بليغة بقيادة الحزب. فيما ضمت اللائحة بالموازاة مع هذا كلا من النقيب محمد الصباري، إبراهيم مجاهد، محمد اضمين، إلهام الساقي، فاطمة السعدي، أديب بنبراهيم، الحاجة الجماني وصلاح الدين أبو الغالي.
وخلال مداخلة له، قال هشام المهاجري، عضو المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة، إنه يتوعد عبد اللطيف وهبي بالمحاسبة خلال الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، إذا لم ينجح في تدبير المرحلة المقبلة للحزب، ولم يحقق نتائج أفضل من النتائج الأخيرة له. مضيفا أنه لو لم يحقق الحزب هذه النتائج الانتخابية الأخيرة، لكان رد فعل أعضاء المجلس الوطني والشعب مختلفا عن اليوم.
وأوضح المهاجري، رئيس لجنة الداخلية والجماعات الترابية وسياسة المدينة بمجلس النواب، أنه «رغم اختلافنا معكم، وهذا معروف منذ سنوات، فإنكم دبرتم الحزب بتميز في ظروف خاصة، سواء داخليا أو خارجيا»، مستدركا بالقول إن «الحساب سيكون معكم داخل المجلس الوطني من قبل الشعب عسيرا، إذا لم تنجحوا في هذه المهمة مستقبلا». معتبرا أن وهبي دبر هذا الاختلاف ولم يمنعه من الترشح، ولم يحرمه من التزكية الانتخابية، قبل أن يطالب بإعادة إحياء «هيئة المنتخبين»، التي أصبحت ضرورة كون الحزب يتوفر على عدد كبير من البرلمانيين والوزراء والمنتخبين الترابيين.
وهبي يقطر الشمع على الاتحاد الاشتراكي ولشكر
في رسائل منه إلى الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، قطر عبد اللطيف وهبي الشمع على إدريس لشكر، بسبب تصريحاته الأخيرة التي هاجمت عددا من القيادات على مستوى الحكومة، فضلا عن مهاجمته لحزب الأصالة والمعاصرة وأمينه العام، حيث قال وهبي إن حزبه دخل إلى الحكومة «بشجاعة مدنية ووطنية عالية، مثلما كان في المعارضة يمارس حقه في النقد والاقتراح بشجاعة مدنية ووطنية صادقة. ودخل إلى الحكومة من بابها الشرعي الديمقراطي، الذي فتحه له الناخب المغربي، وتقلد مسؤولية تاريخية لخدمته، ولم يبتز يوما أحدا، ليكون نشازا أو تماثيل في حكومة ما».
وأضاف الأمين العام لحزب «الجرار» أن حزبه لم يرض أن «يكون أقلية تتكرم عليها الأغلبية، ويشفق عليها خصومها الإيديولوجيون بمناصب حكومية استغلت لتهديد حرية التعبير بالمغرب»، معتبرا أن حزبه «لم يتشدق في أقبية المقرات بتقدمية مزعومة، ليغرر بما تبقى من المغرر بهم من بعض شباب المغرب، ويجتمع في الصباح في القاعات المكيفة الفسيحة جنبا إلى جنب مع من لا رابط فكري ولا رابط ثقافي معهم».
وأوضح وهبي أن حزبه اليوم يعتبر لبنة أساسية في المعادلة السياسية الحكومية بالمغرب، بفضل الثقة التي منحها له جزء هام من عموم المغاربة، فاتحا النار على إدريس لشكر وحزبه من جديد بالقول: «أما الذين يستعملون مفهوم الهيمنة لوصف التشكيلة الحكومية الحالية وعملها، من الواجب علينا أن نصحح لهم المفاهيم، فنحن ومعنا حلفاؤنا في الحكومة لا نهيمن، بل نشكل تحالفا، وفق شرعية منحتها لنا صناديق الاقتراع والدستور المغربي»، مستدركا بالقول إن «الهيمنة مجالها الثقافة والإيديولوجيا، وهي اليوم ولله الحمد هيمنة الثقافة الديمقراطية التعددية التي حققها الشعب المغربي بقيادة جلالة الملك محمد السادس حفظه الله، وليست هيمنة الفكر الأحادي المتياسر الذي طالما روج أكذوبة العلم العام للكاتب العام».
ولم يقف الأمين العام لـ «البام» عند هذا الحد، بل أضاف أن «من كان يريد المشاركة والهيمنة داخل الحكومة الجديدة رغم أنه أقلية، كان عليه أن يكون في مستوى مسؤولية حفظ أمانة تاريخ حزب وطني عتيد، ويصون أمجاده التي ساهمت في بنائها خيرة أجيال عديدة من المغاربة، تتحسر اليوم وبمرارة، على تحويله إلى تنيم يئن تحت قبضة الطماع الأنانية» معتبرا أن «الديمقراطية المغربية اليوم لم تعد تقبل أساليب سياسوية للاسترزاق والمحاباة المجانية، ولأن الحكومة ليست ناد للأصدقاء، بل أداة بمصداقية شعبية لبناء مستقبل المغاربة».
في إطار
كواليس الجلسة الافتتاحية
لم تمر الجلسة الافتتاحية للدورة الاستثنائية للمجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة دون وقوع حوادث ومفارقات، حيث تمثلت أولى المفارقات التي شكلت صدمة لدى كل الحاضرين، في غياب فاطمة الزهراء المنصوري، رئيسة المجلس الوطني للحزب، والتي تنعقد دورته الاستثنائية بمسقط رأسها مراكش التي تترأس مجلسها الجماعي للمرة الثانية، حيث قال أحمد أخشيشن الذي ناب عنها في كلمتها التي كانت ستقوم بإلقائها، إن غيابها جاء بسبب وعكة صحية ألمت بها.
تأخر إطلاق النشيد الوطني بسبب عطب تقني، الشيء الذي استدعى قيادة الحزب لترديده شفهيا، رفقة كل الحاضرين بالقاعة، قبل أن تتفاجأ بإطلاقه مرة أخرى من طرف التقنيين المتخصصين، وهو ما استدعى قيادة الحزب لترديده من جديد.
كان حضور محمد بن عيسى، وزير الخارجية الأسبق، مفاجئا لأغلب الحاضرين، حيث شوهد رفقة عدد من القياديين يتبادلون التحية، كما حضر كل من عبد اللطيف ميراوي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، والحبيب بنطالب، رئيس مجالس الغرف الفلاحية، رفقة ابنته البرلمانية فاطمة الزهراء بنطالب، فيما تغيب ابنه البرلماني وزوجته التي تشغل منصب رئيسة مجلس عمالة مراكش.