«الباطرونا» تشتكي من تزايد الإضرابات العشوائية
عبر الفريق البرلماني للاتحاد العام لمقاولات المغرب بمجلس المستشارين، عن تخوف «الباطرونا» من تزايد حدة الاحتقان الاجتماعي، وارتفاع عدد الإضرابات بالقطاعات الإنتاجية. وأكد عبد الإله حفظي، رئيس الفريق، أثناء مناقشة قانون المالية، أن مناخ الأعمال مازالت تعتريه صعوبات وإشكاليات يتطلب تذليلها انخراط الجميع، ومن جملتها إشكالية الإضرابات، التي تؤدي، في الغالب، نظرا لغياب شروط وكيفية ممارستها، إلى الإضرار بمصالح المقاولة والعمالة على السواء، كما تضر بالمصلحة العامة للبلاد، بالنظر إلى وقعها السلبي على وتيرة التنمية والاستثمار ومناصب الشغل.
وحذر رئيس فريق «الباطرونا» بمجلس المستشارين، خلال جلسة شهرية لمساءلة رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، حول موضوع «نجاعة سیاسات التشغیل ومحاربة الفقر وحماية القدرة الشرائیة للمواطنین»، من النتائج والضغوطات الكارثیة التي تتعرض لها المقاولات، خاصة مع تفشي الإضرابات العشوائیة غیر المسؤولة، مشيرا إلى تسجيل حوالي 218 إضرابا على مستوى 176 مقاولة، خلال السنة الماضية، بما یعادل 500 ألف یوم عمل ضائع، مع ما لذلك من تكلفة اقتصادیة ومالیة انعكست سلبا على مناخ الأعمال، وساھمت، إلى جانب أسباب أخرى، في انكماش الاستثمار، وفي إفلاس آلاف المقاولات، حیث تم تسجیل إفلاس 6420 مقاولة، الشيء الذي يجعل السنة الماضية سنة قياسية في أيام العمل الضائعة، مؤكدا أن ضياع أيام العمل يعني ضياعا مباشرا في الناتج الداخلي الخام، مع ما لذلك من وقع سلبي على وتيرة النمو، وعلى مناصب الشغل، لأن كل نقطة من نسبة النمو تعادل خلق ما يناهز 25 ألف منصب شغل جديد.
وتطالب «الباطرونا» بالإسراع بإصدار القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب وكيفية ممارسته، لتنظيم هذا الحق الدستوري، وخلق نوع من التوازن بين الحق في الإضراب وحرية العمل، وإعطاء مجال أوسع للمفاوضات وإعمال آليات الوساطة والتحكيم والمصالحة، بما يضمن حقوق الفئة العاملة، ومصالح المقاولة ووتيرة التشغيل، ويساعد على منح الثقة الضرورية للفاعل الاقتصادي، وتكريس المغرب وجهة مفضلة للاستثمار.
وكشف رئيس فريق «الباطرونا» عجز الحكومة عن التنزيل الفعلي للفصل 29 من الدستور، عبر إخراج القانون التنظيمي للإضراب وقانون النقابات، محذرا من التكلفة المترتبة عن ترك ممارسة حق الإضراب بدون قانون ينظمه، وتتمثل هذه التكلفة في الانعكاسات السلبية على مناخ الأعمال وعلى وتيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وخاصة مع تزايد الإضرابات، وظهور تنسيقيات وجمعيات لا ترتكز على أية أهلية أو شرعية تمثيلية، أو منظور نقابي، تعرقل أو توقف العمل بمؤسسات حيوية، وتضرب التمثيلية الديمقراطية للنقابات، من خلال تزعم إضرابات غير مضبوطة ولا مسؤولة، وبدون أي إخطار.
وكان الفريق البرلماني للاتحاد العام لمقاولات المغرب، طالب، أثناء مناقشة البرنامج الحكومي، بتسريع إقرار هذا القانون الذي طال انتظاره في خرق سافر للفصل 86 من الدستور. وسبق للفريق أن قدم، بتاريخ 26 يناير من السنة الماضية، مقترح قانون تنظيمي يحدد شروط وكيفيات ممارسة هذا الحق، تطبيقا لأحكام الفقرة الأخيرة من الفصل 29 من الدستور، لضمان وتحديد شروط ممارسة الحق في الإضراب بالنسبة للأجير، وحرية العمل بالنسبة لغير المضربين، مع تأمين سلامة المؤسسات وممتلكاتها. كما طالب الفريق ذاته بمراجعة مدونة الشغل، وبرر الفريق ذلك بأن نموذج الحماية الاجتماعية المعتمد أثبت محدوديته من خلال ارتفاع نسبة البطالة، ونسبة التسريح، وإفلاس المقاولات، وكذلك لملاءمة مقتضيات المدونة مع السياق الاقتصادي والاجتماعي الجديد، وكذا التنصيص على إعمال مرونة مسؤولة في العلاقة التعاقدية بما يضمن أمن وسلامة وجودة التشغيل.
هذا ومازال مشروع القانون التنظيمي المتعلق بتنظيم الإضراب «محتجزا» داخل لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، منذ حوالي ثلاث سنوات، فضلا عن أن النقابات عبرت عن رفضها لهذا القانون، ووجهت اتهامات للحكومة بإحالته على البرلمان بطريقة سرية، دون فتح استشارة مع الحركة النقابية، حيث استنكرت الأمانة الوطنية للاتحاد المغربي للشغل محاولة الحكومة تمرير مشروع القانون التنظيمي لحق الإضراب الذي تعمل على تحويله من حق إنساني كوني إلى صك إدانة، من خلال ما أسمته «مشروع القانون التنظيمي/التكبيلي لحق دستوري»، واتهمت الحكومة «بإحالته على البرلمان سنة 2016 في سرية تامة، وفي مفارقة غريبة، دون أدنى استشارة مع الحركة النقابية». واعتبرت النقابة هذا المشروع بمثابة قانون جنائي، ويجعل ممارسة حق الإضراب مستحيلة ويتدخل في الشؤون النقابية للمنظمات النقابية.