شوف تشوف

الرأيالرئيسيةرياضة

البادي أظلم

 

مقالات ذات صلة

حسن البصري

 

بسبب مباراة في كرة القدم، يسود التوتر العلاقات الليبية النيجيرية.

بدأت الحكاية من لاغوس، حين حطت طائرة خاصة تحمل في جوفها بعثة المنتخب الليبي لكرة القدم، فما أن وطئت أقدام الليبيين أرض المطار حتى تبين أن الوجهة المقصودة هي مدينة كانو التي توجد شمال لاغوس، وأن على الفريق قطع مائتي كيلومتر لبلوغ هدفه، ليس على متن الطائرة، بل في جوف حافلات تخترق البراري.

استغرب قائد الطائرة الليبية لرفض السلطات النيجيرية السماح له بالنزول في مطار أويو القريب من كانو، وحين احتدم النقاش شرعت شرطة المطار في حملة تفتيش لكل من رمت به الأقدار في هذه الرحلة.

كان أفراد البعثة الليبية أمام خيارين «الخصم أمامكم والمطار وراءكم»، فركبوا على مضض حافلات صغيرة غير مكيفة، وانطلقوا في رحلة فتى الأدغال، استمرت خمس ساعات، حتى اعتقد بعض اللاعبين أنهم سيسقطون كرهائن في قبضة بوكو حرام.

حين وصلت البعثة الليبية إلى مدينة كانو، علم أفرادها أن حافلة كانت تقل طاقم قناة «سوبر سبورت»، قد تعرضت لهجوم من قبل مجهولين مسلحين، أثناء توجههم إلى المدينة ذاتها، من أجل تغطية مباراة نيجيريا وليبيا، سقط فيه ثلاثة قتلى.

جثم الرعب على أجساد أفراد البعثة الليبية، ولكنهم خاضوا المباراة تحت الإكراه وانهزموا بهدف يتيم، ثم غادروا مكسوري الوجدان مدينة كانو، وهي بالمناسبة عاصمة الطلاق في العالم.

بعد أيام، سيشد المنتخب النيجيري الرحال إلى ليبيا لمواجهة أحفاد عمر المختار في بنغازي. هبطت الطائرة النيجيرية في مطار الأبرق، على بعد 300 كيلومتر من بنغازي. تبين لرئيس البعثة النيجيرية أن الليبيين بصدد معاملتهم بالمثل، وأن سيناريو لاغوس نفسه سيتكرر في الأبرق، تفتيش دقيق، انتظار طويل، وسيارات نقل متهالكة في الانتظار، ومنع من تناول وجبات غير مرخص لها.

تمددت أجساد اللاعبين والمدربين على كراسي المطار، وتحركت خطوط الهواتف بين ليبيا ونيجيريا، وفي اجتماع طارئ قرر الضيوف غير المرحب بهم العودة إلى بلدهم وعدم خوض مباراة ثأرية لغة واصطلاحا، وحين توصل «الكاف» بالخبر، أحال القضية على لجنة الانضباط التي يرأسها الجنوب إفريقي ريموند ياك.

‏اختار الاتحاد الليبي لكرة القدم تنزيل مبدأ «المعاملة بالمثل»، وجعل المنتخب النيجيري يشرب من الكأس ذاتها لمباراة الذهاب، مستعيدا أمجاد العقيد معمر القذافي الذي كان يدين بعقيدة المعاملة بالمثل، ويستنفر تمثيلياته الدبلوماسية لتطبيق هذه القاعدة التي اعتبرها عنوانا لكرامة المواطن الليبي، وضمنها في كتابه الأخضر.

اليوم، يمكن القول إن الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم في ورطة حقيقية، بسبب الأزمة الليبية النيجيرية، فإذا أقرت بمعاقبة أي طرف بسبب احتجازه في المطار، سيكون عليها الرجوع إلى ساعات الاحتجاز التي عاشتها البعثات الرياضية المغربية في الجزائر، آخرها مع النهضة البركانية في مطار هواري بومدين.

وإذا تناولت لجنة الانضباط التابعة لـ«الكاف» القضية من زاوية عدم السماح لطائرة كل فريق بالهبوط على أرضية مطار المدينة التي ستحتضن المباراة، ستجد نفسها في موقف حرج مرة أخرى، لأن الجزائر لم تفتح مجالها الجوي للمنتخب المغربي ولأندية مغربية. وفي جميع الحالات سيكون موتسيبي في امتحان جديد.

وفي سياق المعاملة بالمثل، هل سيفرض المغرب التأشيرة على جماهير المنتخب الجزائري التي تمني النفس بمتابعة «الكان» التي سنستضيفها سنة 2025؟

هل سيذكرها بأن البادئ أظلم، وأن من يحفر حفرة قد يسقط فيها؟

سننتظر قرار لجنة الانضباط، وقرار الدبلوماسيين والسياسيين، لكننا متمسكون كمغاربة بالمعاملة بالأصل وليس بالمثل.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى