الاعتداءات الجنسية على عاملات «الفريز» بإسبانيا تجر يتيم للمساءلة
محمد اليوبي
بعد الضجة التي أحدثتها قضية الاعتداء الجنسي على العاملات المغربيات، التي وصلت إلى البرلمان الإسباني، وبعدما تهرب عدة مرات من المثول أمام لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، قرر أخيرا محمد يتيم، وزير الشغل والإدماج المهني، المثول أمام اللجنة، التي ستعقد اجتماعا اليوم الثلاثاء، لمناقشة موضوع «وضعية العاملات في حقول الفرولة بالديار الإسبانية»، بناء على طلبات تقدم بها الفريق الاشتراكي والفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية وفريق التجمع الدستوري وفريق الأصالة والمعاصرة وفريق العدالة والتنمية.
ويأتي انعقاد اللجنة المذكورة، بعد الاتهامات التي وجهها الفريق الاشتراكي، على لسان النائبة البرلمانية، ابتسام مراس، عضو لجنة القطاعات الاجتماعية، للوزير يتيم بالتهرب من المثول أمام اللجنة، بعد الطلب الذي تقدم به الفريق بتاريخ 13 مارس الماضي، كما رفض الرد على سؤال شفوي وجهته إليه النائبة البرلمانية نفسها، بتاريخ 8 فبراير الماضي، قبل تفجر هذه القضية التي هزت الرأي العام المغربي والإسباني. وأوضحت مراس أنها وجهت سؤالا إلى الوزير بالتزامن مع توقيع الوزير يتيم على «اتفاقية مجحفة مع السلطات الإسبانية لتشغيل حوالي 16 ألف عاملة مغربية في حقول الفواكه الحمراء»، وأشارت إلى أن إسبانيا فرضت شروطا ومعايير يجب توفرها في العاملات المغربيات، منها أن يكن متزوجات ولهن أطفال ويقل عمرهن عن 35 سنة، ما قد يؤدي إلى التفكك الأسري.
وأكدت مراس أن الموضوع يستدعي مثول الوزير أمام اللجنة البرلمانية، لتقديم التوضيحات اللازمة حول الآليات الحمائية التي وفرتها الوزارة لهؤلاء العاملات.
ووصلت تداعيات قضية العاملات المغربيات ضحايا الاستغلال الجنسي بحقول وضيعات التوت الأرضي «الفريز» بإسبانيا، إلى قبة البرلمان، من خلال إحاطتين تقدم بهما فريقا الأصالة والمعاصرة والاتحاد الاشتراكي، في ختام جلسة سابقة عقدها مجلس النواب، تم خلالها توجيه اتهامات للوزير يتيم، بالتستر على هذه الجريمة. وقالت البرلمانية فاطمة الطوسي، عن فريق الأصالة والمعاصرة، إن «هذه الاعتداءات أصبحت قضية رأي عام دولي، ووزارة الشغل ما زالت تنفي وجود اعتداءات، وتعتبر أن الأمر مجرد تشويش».
وكشفت البرلمانية ذاتها خلال الجلسة عن أرقام صادمة، بخصوص ارتفاع حالات الإجهاض بإقليم «هويلفا» الإسباني، الذي يستقطب حوالي 15 ألف عاملة مغربية في حقول الفراولة، وقالت إن الأرقام التي تم تداولها في البرلمان الإسباني أثناء مناقشة الاعتداءات الجنسية على عاملات «الفريز»، تشير إلى تسجيل أكثر من 180 حالة إجهاض، منها حوالي 90 في المائة في صفوف العاملات المغربيات.
كما عبرت البرلمانية مراس عن أسفها لطريقة تعامل الوزير يتيم مع هذه القضية، وخاطبته بالقول: «نسجل بكل أسف، صومكم عن الكلام لما يزيد عن 3 أشهر في موضوع أثار الرأي العام الوطني والدولي، والذي يعني أزيد من 16 ألف عاملة مغربية يشتغلن في ظروف قاسية في الحقول الفلاحية الإسبانية»، وأشارت إلى عدم تجاوب الوزير وتفاعله مع المبادرات النيابية التي تقدمت بها، من أجل الحضور إلى لجنة القطاعات الاجتماعية لتدارس ومناقشة الإجراءات الحمائية التي وفرها لهؤلاء العاملات قبل توقيع العقود معهن، خاصة بعد المشاكل والتجاوزات التي طبعت النسخة الأخيرة، حيث اشتكت العديد من العاملات من تعرضهن للمضايقات والتحرش الجنسي والابتزاز، واحتجاز وثائقهم، والسب والقذف وسياسة التحقير والإذلال التي ينهجها أصحاب الحقول، وما صاحب ذلك من تداعيات نفسية واجتماعية عليهن وعلى أسرهن.
وأكدت مراس أن الأمر لا يتعلق فقط بالاعتداءات الجنسية، بل أيضا بظروف وشروط الاشتغال القاسية التي وافق الوزير عليها، خاصة ما يتعلق بالسن ووجود الأطفال، وبأماكن الإقامة وساعات العمل والمراحيض المشتركة وغيرها، وقالت: «لا يعقل أن توافقوا على هذه الشروط المجحفة في حق المرأة المغربية»، وأضافت: «لقد كان من المفروض أن يتم مرافقة هؤلاء العاملات من طرف أطر مغربية مؤهلة من أجل مصاحبتهن وحمايتهن من كل المضايقات والتجاوزات، وإيفادكم بتقارير دورية عن ظروف إقامتهن واشتغالهن بالحقول الإسبانية، وبالتالي تنوير الرأي العام الوطني عامة وذويهن خاصة».