شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةتقارير

الاستقرار الاجتماعي والإقليمي

ليست هناك زاوية واحدة ووحيدة لقراءة الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 23 لعيد العرش المجيد، فقد تطرقت مضامينه إلى قضايا الساعة بكل واقعية وتعقل، وحرصت رسائله المعلنة والمبطنة على مخاطبة الداخل والخارج، سواء بالتوجيه بإعادة النظر في مدونة الأسرة وفق النص والواقع، وتسريع إخراج مؤسسات المرأة إلى الوجود في إشارة إلى مجلس المناصفة ومجلس الأسرة، وتعجيل إخراج السجل الاجتماعي لتقديم الدعم المباشر للأسر المحتاجة، مرورا بالتنويه بأدوار الحكومة في مواجهة الوضعية الصعبة، والدعوة لمحاربة الاحتكار والمضاربة والتلاعب بالأسعار، ورفض العراقيل المقصودة في وجه الاستثمارات، التي يهدف أصحابها لتحقيق أرباح شخصية وخدمة مصالحهم الخاصة. بالإضافة إلى تخصيص حيز مهم لدعوة رئاسة الجزائر لتجاوز سوء الفهم، وتطبيع العلاقات البينية، والمطالبة بمنع خطاب التجييش بين الشعبين الشقيقين.

لكن الخيط الناظم بين كل هاته القضايا المتشعبة والمعقدة وذات الطابع الاستراتيجي في الخطاب الملكي، هو الجدلية القائمة بين الاستقرار الاجتماعي الوطني من جهة، والاستقرار الإقليمي من جهة أخرى، وهذه الثنائية كانت حاضرة بقوة في قراءة وتحليل الخطاب الملكي. فالخطاب يستبطن منظورا استراتيجيا غاية في الدقة، مفاده أنه مهما حققت بلدنا من درجات على مستوى الاستقرار الاجتماعي والمالي، فإن عدم الاستقرار الإقليمي مع جارة نشترك معها الكثير من الماضي والحاضر والمستقبل، سيخلق بيئة حاضنة للااستقرار العام، خاصة في ظل سياق عالمي تسوده حتى الآن حالة من الشكوك واللايقين.

والاستقرار الإقليمي المنشود لن يكون دون علاقة طبيعية بين المغرب والجزائر، والذي سيراعي منطق التوازنات والمصالح المشتركة بين الجارين، لذلك إن لم يتم التفاعل مع سياسة اليد الممدودة للملك مرة أخرى من طرف حكام الجزائر، فستخسر شمال إفريقيا فرصة تاريخية ذهبية لدخول عصر التعاون والشراكة، التي دخلها جل دول الجوار قبلنا. فالدولتان، وفق المنظور الاستراتيجي الملكي، تملكان المؤهلات لصياغة نموذج متفرد في علاقات الجوار، وتملكان أوراقا حقيقية للتعاون والتكامل، لو أحسنا استثمارها سيكون لها نتائج إيجابية، وهو ما يجب الانتباه إليه مع أي تطورات مستقبلية في المنطقة بأكملها .

الخلاصة أنه خطاب الواقعية والوضوح على مسارين، الداخل الوطني الذي يحتاج إلى مزيد من المجهودات الحكومية لبلوغ اليسر بعد العسر، ومسار عدم الانجرار إلى الفتنة مع الأشقاء الجزائريين، لتحقيق الرخاء والسلم الإقليميين.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى