محمد اليوبي
بعد الجدل الذي أثاره مشروع القانون المتعلق بالمنظمات النقابية المعروض على أنظار البرلمان، بين الحكومة والنقابات، تم الاتفاق، في إطار مخرجات الحوار الاجتماعي، على إخراج هذا القانون من قاعة الانتظار، والمصادقة عليه قبل نهاية الدورة الثانية من السنة التشريعية الثانية، والتي ستتزامن مع نهاية شهر يوليوز 2023.
ويحدد القانون مدة ولاية زعماء النقابات، ويتضمن مقتضيات تهم على الخصوص «كيفية اختيار مرشحي النقابة أو المنظمة الذين سيكلفون بمهام الإدارة والتسيير في مختلف الأجهزة»، و«مدة ولاية الأعضاء المكلفين بالإدارة والتسيير داخل الأجهزة»، و«شروط الانخراط وإقالة واستقالة الأعضاء» وكذا «أحكام تكفل ضمان تمثيلية النساء والشباب في الأجهزة المكلفة بإدارة وتسيير النقابة»، و«الجهاز المكلف بمراقبة مالية النقابة أو المنظمة»، كما أكد على ضرورة احترام مواعد انعقاد المؤتمرات الوطنية والجهوية والمحلية، مشترطا أن «لا تتجاوز أربع سنوات»، ليردف أن «الفترة الفاصلة بين المؤتمرات العادية لنقابات العمال أو للمنظمات المهنية للمشغلين يجب أن لا تتجاوز المدة المنصوص عليها في النظام الأساسي في ما يتعلق بولاية الأعضاء المكلفين بإدارة وتسيير هيكل النقابة أو المنظمة على جميع المستويات»، كما أن النقابات أو المنظمات المهنية، مطالبة بـ«احترام تجديد هياكلها داخل الآجال المقررة في أنظمتها الأساسية تحت طائلة اعتبارها في وضعية غير قانونية وانعدام الأثر القانوني لأي تصرف صادر عنها قبل تسوية وضعيتها.»
وينص مشروع القانون على أن تمسك «المنظمات النقابية والمهنية للمشغلين، نظاما محاسبيا سنويا»، وبأن «تحتفظ بجميع الوثائق المثبتة لمحاسبة المنظمة لمدة عشر سنوات تبتدئ من التاريخ الذي تحمله هذه الوثائق». ويلزم القانون النقابات والمنظمات المهنية للمشغلين بصرف الدعم المالي السنوي الممنوح لهم «في الأغراض التي منح لأجلها»، معتبرا أن «كل استخدام كلي أو جزئي للدعم المالي الممنوح من طرف الدولة لأغراض غير التي منح لأجلها يعد اختلاسا للمال العام يعاقب عليه طبقا للقانون». وأكد المشروع على أن المجلس الأعلى للحسابات هو المؤسسة المخول لها «مراقبة صرف الدعم السنوي الذي تستفيد منه المنظمات النقابية الأكثر تمثيلا على الصعيد الوطني»، لينص في هذا الصدد على أن توجه هذه المنظمات إلى هذه المؤسسة الدستورية «داخل أجل أقصاه 31 مارس من السنة الموالية للسنة المالية المنصرمة، تقريرا مفصلا عن أوجه استعمال هذا الدعم عن السنة المعينة»، وهذا التقرير «يجب أن يكون مصادقا عليه من لدن خبير محاسب مقيد في جدول هيئة للخبراء المحاسبين، ومرفقا بالمستندات التي تثبت النفقات المنجزة برسم السنة المالية المعنية.»
وأوضح مشروع القانون أنه «في حالة عدم توجيه التقرير السنوي داخل الأجل المحدد، أو إذا كانت المستندات التي تم الإدلاء بها غير كافية، أو لا تبرر جزئيا أو كليا استعمال الدعم المحصل عليه في الغايات التي منح من أجلها، يوجه الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات إنذارا إلى رئيس النقابة من أجل تسوية وضعيتها داخل أجل أقصاه 30 يوما، أو إرجاع مبلغ الدعم إلى الخزينة العامة للمملكة»، وأضاف «في حالة عدم استجابة النقابة المعنية لإنذار الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، فإنها تفقد حقها في الاستفادة من الدعم السنوي، كما تفقد حقها في الدعم في حالة عدم عقد مؤتمرها الوطني العادي وفق الآجال المنصوص عليها في نظامها الأساسي، وذلك بعد انصرام أجل أٌقصاه ستة أشهر من التاريخ المحدد لانعقاد المؤتمر»، على أن «تسترجع المنظمة هذا الحق ابتداء من تاريخ تسوية وضعيتها بهذا الخصوص.»
وأصدر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي رأيه بخصوص هذا القانون، الذي مازال محتجزا داخل لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب. وأوضح المجلس أن هذا المشروع يهدف إلى تدارك بعض أوجه النقص في التشريعات الوطنية، وقدم بعض المقتضيات الجديدة تتعلق بضبط وتنظيم الجوانب المرتبطة بالعمل النقابي للعمال والتمثيل المهني للمشغلين، كما يسعى إلى تطوير حكامة المنظمات النقابية، وإضفاء شفافية على تدبيره.
وبخصوص ترسيخ الديمقراطية الداخلية للنقابات والهيئات المهنية، يسجل رأي المجلس أنه رغم التنصيص على بعض الإجراءات في مشروع القانون، كانعقاد المؤتمرات الوطنية في آجالها، وشفافية التدبير الإداري والمالي، إلا أنه لم يكن حاسما في مسألة المناصفة، وظلت بعض المقتضيات عامة (المادة 8) في ما يتعلق بتحقيقها، كتقلد مهام التدبير والتسيير.
وأشار المجلس إلى أن حصر مدة الانتدابات الخاصة بالمسؤوليات في أربع سنوات دون تحديد عددها لا ينسجم مع مبادئ الحكامة، ولا يساعد على إمكانية التداول وفتح الطريق أمام الشباب، وفضلا عن ذلك، فإن المادة 15، وإن أعطت إمكانية استمرار العامل المحال على التقاعد في الاحتفاظ بعضويته في نقابته الأصلية أو الانخراط في أي نقابة أخرى من اختياره، فإنها لم تحسم بطريقة صريحة في أمر تحمله المسؤولية من عدمها، أو استمرار تحمل المسؤولية إلى ما بعد نهاية فترة الانتداب، وهو ما يطبع عمل المشرع بالتردد في الأمور التي تعتبر مفتاحا لتفعيل آليات الديمقراطية.
وأوصى المجلس بضرورة تقوية صياغة مقتضيات المادتين 8 و15، بالحسم في عدد من القضايا التي من شأنها تكريس نهج الحكامة والديموقراطية في تسيير هياكل المنظمات النقابية والهيئات المهنية، ولا سيما في ما يتعلق بالدعم المالي المشروط بالمناصفة، وحصر عدد الانتدابات الخاصة بالمسؤوليات، وفتح المجال أمام الشباب في الولوج إلى الأجهزة التداولية لتجديد النخب، والحسم في تحمل المسؤوليات بالنسبة للمتقاعدين.