الاتجار في التلاميذ
لا ينبغي أن تمر الأرقام التي كشف عنها وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شكيب بنموسى، أمام البرلمان حول جرائم المخدرات بمحيط المؤسسات التعليمية مرور الكرام، فهي بمثابة ناقوس خطر ينبغي أن يستنفرنا جميعا قبل فوات الأوان. فأن يعلن وزير التعليم أن عدد القضايا المنجزة في مجال مكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات بمحيط المؤسسات التعليمية، بلغ خلال الثلاثة أشهر الأخيرة 1178 قضية مع توقيف 1266 شخصا منهم 53 قاصرا، فهذا يعني أننا أمام طوفان يمكن أن يأتي على أجيال بكاملها.
إن خطورة تجارة المخدرات بمحيط الإعداديات والثانويات، لا تقل درجة عن جريمة الاتجار في البشر، فكلاهما يتاجر بمسلوبي الإرادة ويحولهم إلى قنابل اجتماعية في المستقبل، مستعملا سلطة المال والنفوذ والترهيب. نقوم بهذه المقارنة لأن هناك قصدا جنائيا واضحا في إدراج التلاميذ في عالم المخدرات وإسقاط المراهقين في عالم الإدمان وتحويلهم إلى زبناء خاضعين نفسانيا وذهنيا وجنسيا لسلطة تجار المخدرات. وللأسف فالأمر لا يقف عند هذا الحد، بل يتم تسخير قاصرين في عملية وساطة في تجارة المخدرات، وبالتالي تحويلهم إلى مشروع زبناء للسجون، وبدل أن يتحول هؤلاء التلاميذ إلى أطر ورجالات الغد يستفيد منهم الوطن، يصبحون عالة عليه ومصدرا للتهديد الاجتماعي.
إن المقاربة الأمنية لوحدها في مواجهة المخدرات بباب مدارسنا غير كافية، فهي مقاربة بطبيعتها بعدية وردعية، ولذلك فالمسؤولية اليوم هي مسؤولية جماعية تقتسمها الأسرة والإدارة التربوية وجمعيات الآباء وجمعيات المجتمع المدني والجماعات الترابية والبرامج التعليمية والإعلام العمومي كل من موقعه، وينضاف إلى ذلك الصرامة القانونية التي لازالت متسامحة مع جرائم التلاعب بمصير التلاميذ. فلا يعقل أن يتم تكييف هاته الجنايات كأنها جرائم عادية وتتساوى عقوبتها في ذلك بين البالغين أو القاصرين.
لقد أصبح من المستعجل إيجاد حل لما يحصل قبل أن يتحول إلى ظاهرة واسعة الانتشار، فنحن أمام بارونات مجردة من الإنسانية لا تتوانى في استغلال تلاميذ أبرياء لا يفقهون في خطورة ما يقبلون عليه، وتجنيدهم لبيع المخدرات وأقراص الهلوسة ربما مقابل مبالغ زهيدة في وقت يجب أن يتواجدوا داخل حجرات الدرس ينهلون المعرفة بأنواعها.