شوف تشوف

الرأي

الإرهاب يطلق رصاصة الرحمة على السياحة

مع انطلاقة موسم الصيف وما يرافقها من زحمة في المطارات، محطات القطار والباصات، انتعش هاجس الخوف من العمليات الإرهابية الانتحارية التي وحدهم الإرهابيون يتحكمون في توقيتها ومكان وقوعها. وتعرف التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها «داعش»، أن الغاية في الأخير هي ترسيخ الخوف وضرب السياحة، القلب النابض لاقتصاد بعض الدول، وبالأخص منها الإسلامية. وتندرج العملية التي نفذها كوموندو متحالف مع تنظيم الدولة الإسلامية لكنه غير مبايع له، يدعى «جنود الشام»، يوم الثلاثاء الماضي بمطار أتاتورك الدولي في إسطنبول، والتي خلفت41 قتيلا، تندرج في هذا السياق. وتشبه هذه العملية في خطتها التنفيذية العملية التي استهدفت مطار بروكسيل ـ زافانتين في الثاني والعشرين من مارس الماضي، أو الهجمات التي استهدفت السياح الأجانب على شاطئ سوسة بتونس ومتحف الباردو.
تقوم استراتيجية التنظيمات الإرهابية على استهداف المطارات الدولية لأنها الفضاء الأمثل لنشر الموت، الهلع والخراب. فمطار أتاتورك هو عاشر مطار دولي إذ يستقبل سنويا أزيد من 42 مليون مسافر. كما أن تركيا تعتبر الوجهة السياحية السادسة في الترتيب السياحي العالمي. وفي ظرف عام ونصف عرفت تركيا أكثر من 50 عملية إرهابية خلفت ما يزيد عن 200 قتيل، كانت آخرها العملية التي وقعت في 12 من يناير بالقرب من المسجد الأزرق والتي خلفت 12 قتيلا من بين السياح الألمان. وعليه تراجعت في شهر ماي نسبة السياح الوافدين على تركيا بنسبة 35 في المائة تبعا لإحصائيات قدمتها وزارة السياحة التركية. وشمل هذا التراجع السياح التقليديين الذين جعلوا من تركيا وجهتهم السياحية المفضلة، مثل الروس، الفرنسيين، الألمان والبريطانيين. وعلى الرغم من خطة المساعدات التي طرحتها السلطات التركية، فإن هذا القطاع الذي يدر على الاقتصاد التركي عائدات تبلغ سنويا 30 مليار أورو، سيبقى متضررا وبانعكاسات كبيرة على كافة القطاعات وبالأخص على قطاع الشغل. لذا يمكن القول إن الحركات الجهادية، وبالأخص «داعش»، سجلت هدفا دمويا ضد البلدان السياحية العربية والإسلامية، مثل تونس، مصر، اليمن. بتونس، أطلقت «داعش» العام الماضي على القطاع السياحي التونسي الذي يضمن 400 ألف فرصة عمل، رصاصة الرحمة من خلال عمليتي متحف الباردو في شهر مارس وعملية شاطئ سوس في شهر يونيو. وقد ترتب عن هاتين العمليتين انخفاض بل انهيار في توافد السياح بنسبة 30 في المائة.
في مصر تزامن انهيار القطاع السياحي مع الربيع العربي، حيث تراجع البلد من الرتبة 43 إلى الرتبة52 في الترتيب العالمي. وقد استقبلت مصر عام 2010 أزيد من 15 مليون سائح. وجاءت عملية تفجير طائرة السياح الروس فوق شرم الشيخ والتي وقعتها «داعش» لضرب قطاع السياحة المصري في الصميم. انخفاض معدلات الحجوزات في اتجاه هذه البلدان التي تتوفر على بنية سياحية تقليدية لعب لصالح بلدان مثل البرتغال، إسبانيا، أندونيسيا، التايلاند، كوبا إلخ…
لاستعادة ثقة الوكالات السياحية ووكالات الأسفار، تشدد دول مثل تونس، تركيا ومصر على جهود الاستثمار في القطاع الأمني لحماية السياح. لكن إلى أي مدى يمكن للخيار الأمني أن يضع حدا لرغبات الإرهابيين في ضرب المطارات أو الشواطئ والمجمعات السياحية التي يرتادها الأجانب وغير الأجانب؟ تداعيات هذا الوضع هي تعزيز وتعميم المراقبة والتفتيش في مجمل الأماكن العمومية، عزل السياح في غيتوهات سياحية محمية من طرف الجيش أو الشرطة. من ناحية أخرى، وهذه علامة على انتكاسة القطاع السياحي في هذه البلدان، لم تعد هذه الأخيرة تشتري مساحات إشهارية للدعاية على جدران الميترو أو الفضاءات العمومية في كل من باريس، لندن، برلين، روما وغيرها، الدعاية لجبالها، شطآنها، مطاعمها وسخاء شعوبها. كما أن هذه الإجراءات الأمنية لن تمنع انتحاريين من تفجير أنفسهم داخل مطار أو محطة قطار أو الهجوم على حافلات سياح إلخ… ولا أحد قادر على معرفة مكان وزمان تنفيذ خططهم الجهنمية. لذا أصبحت الأسفار والرحلات تخضع لمنطق وقانون لعبة الروليت الروسية و«ما تمشي غير فين مشاك الله».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى