الأرق من اضطرابات النوم وينتج عنه انقطاع في النوم أو انخفاض جودته، مما يعود سلبا على صحة المريض النفسية والجسدية. ويمكن أن يعرف بأنه الشكوى من صعوبة بدء النوم، أو الاستمرار فيه، أو عدم الحصول على نوم مريح خلال الليل، أو النهوض مبكرا بغير المعتاد، مما يؤثر على نشاط المصاب خلال النهار. وتختلف أسبابه وعلاجاته من شخص لآخر حسب حالته وظروفه.
يمكن أن يحدث الأرق بشكل مستقل أو نتيجة لمشكلة أخرى. وتشمل الظروف التي يمكن أن تؤدي إلى الأرق: توتر، ألم مزمن، قصور القلب، فرط نشاط الغدة الدرقية، حرقة المعدة، متلازمة تململ الساقين، سن اليأس أو استهلاك بعض المواد، مثل كافيين، نيكوتين، والكحول.
ويستند التشخيص على عادات النوم للبحث عن الأسباب الكامنة وراء الأرق، كما يمكن إجراء دراسة على النوم للبحث عن اضطرابات النوم الأخرى. ويتم هذا الإجراء عن طريق سؤالين: «هل تواجه صعوبة في النوم؟» و«هل لديك صعوبة في الدخول في النوم أو البقاء نائما؟»
يعتبر تغيير نمط الحياة هي أولى العلاجات المقترحة للأرق. وتشتمل الأنماط الجديدة على: نظافة الجسد والتعرض لأشعة الشمس، وغرفة هادئة ومظلمة، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام.
ويمكن إضافة أيضا العلاج السلوكي المعرفي. في حين أن الحبوب المنومة قد تساعد على حل المشكلة ولكن يوجد لها عواقب وخيمة حيث إنها ترتبط بالخرف، والإدمان. لا ينصح بالأدوية لأكثر من أربعة أو خمسة أسابيع. كما أن فعالية وسلامة الطب البديل لم تثبت حتى الآن.
إحصائيات
يعاني ما بين 10٪ و30٪ من البالغين من الأرق في أي لحظة فترة من العمر، ونصف هؤلاء يعانون من الأرق في أوقات معينه من السنة. حوالي 6٪ من الناس يختبرون الأرق فقط بدون أي مشكلة أخرى يعانون منها وتستمر تلك الحالة إلى عدة أشهر. يتأثر الأشخاص ما فوق 65 سنة أكثر من الشباب. كما أن الإناث هن أكثر تضررا من الذكور.
أنواع الأرق
هناك ثلاثة أصناف للأرق:
• الأرق العرضي أو المؤقت: وهو الذي يدوم ما بين ليلة واحدة إلى بضعة أسابيع وقد يعاني العديد من الناس منه في وقت من الأوقات بسبب القلق وضغوط الحياة.
• الأرق الحاد أو قصير المدى: وهو الذي يحدث عندما تتراوح فترة عدم انتظام النوم أو عدم القدرة على النوم لفترات متواصلة من ثلاثة أسابيع إلى ستة أشهر.
• الأرق المزمن: ويحدث عندما يستمر الأرق لفترة طويلة قد تصل إلى سنوات. ويعد هذا النوع الأكثر خطورة.
كما يصنف الأرق أيضا انطلاقا من:
• صعوبة البدء في النوم: ويشكو المصابون من صعوبة في النوم عند ذهابهم إلى الفراش ولكن ما إن يناموا فإن نومهم يستمر بشكل طبيعي. ويكون عادة مرتبطا بالتوتر النفسي.
• الاستيقاظ المتكرر: ويدخل فيه المصابون في النوم بسهولة ولكنهم يشتكون من تقطع النوم وعدم استقراره واستمراريته وصعوبة العودة إلى النوم مرة أخرى.
• الاستيقاظ المبكر: ويشكو فيه المصابون من الاستيقاظ في ساعة مبكرة من النهار وعدم القدرة على العودة إلى النوم، وهو من علامات الإصابة بالاكتئاب.
أسباب الأرق
قسم الأطباء النفسيون أسباب الأرق إلى ثلاث مجموعات وهي :
الأسباب النفسية وهي ناتجة عن عاملين:
• الاضطرابات النفسية: وهو أكثر أسباب الأرق شيوعا. وقد أظهرت الدراسات أن 40% من المصابين بالأرق يعانون من اضطرابات نفسية. والأسباب النفسية التي تسبب الأرق متعددة فمنها الاكتئاب، والقلق والضغوط العائلية والوظيفية وغيرها. ولا يدرك معظم المصابين بالأرق الناتج عن اضطرابات نفسية أن السبب في إصابتهم بالأرق يتعلق بهذه الاضطرابات. ونظرا لشيوع الاضطرابات النفسية كأحد أهم أسباب الأرق يجب تقبل احتمال وجود الأسباب النفسية عند المصابين بالأرق. ويشكو المصابون بالاكتئاب من الاستيقاظ المبكر بينما يعاني المصابون بالقلق من صعوبة الدخول في النوم.
• المنومات والمهدئات: يؤدي استعمال المنومات على اضطراب في نوعية النوم وقد تسبب نعاسا أثناء النهار.
الأسباب العضوية:
وهي متعددة وقد يحتاج الطبيب إلى إجراء دراسة للنوم لتشخيص بعض هذه الأسباب. ومن بينها: مرض في الجسم مثل الآلام في الظهر أو المفاصل، أو البطن أو الصداع أو الحرارة وعلاج الأرق في هذه الحالة يكون في علاج المرض الأساسي.
• الاضطرابات التنفسية: ومنها الشخير وتوقف التنفس أثناء النوم، توقف التنفس المركزي وخاصة عند المصابين بأمراض القلب، والحساسية التنفسية لمجرى الهواء العلوي أو السفلي
• ارتداد الحمض إلى المريء: وتعني استرجاع الحمض من المعدة إلى المريء وأحيانا يصل الحمض إلى البلعوم. وهذا أحد الأسباب المعروفة لتقطع النوم والأرق.
• متلازمة حركة الساقين غير المستقرة.
• النوم غير المريح أي «دخول موجات اليقظة على موجات النوم العميق» (نوم الألفا دلتا)، المصابون بهذا الاضطراب قد ينامون لساعات كافية ولكنهم لا يشعرون بالنشاط والحيوية عند استيقاظهم. ويصفون نومهم عادة بالنوم الخفيف جدا وعدم القدرة على الاستغراق في النوم. والمصابون بهذا الاضطراب لا يحصلون على النوم العميق بصورة طبيعية.
• الألم: الألم مهما كانت أسبابه فهو يؤدي إلى الأرق.
• أسباب طبية أخرى: كالشلل الرعاش وأمراض الكلى واضطراب الغدة الدرقية السكر وغيرها.
الأسباب السلوكية والبيئية والأجواء المحيطة:
• تناول وجبة ثقيلة قبل النوم: ويؤدي ذلك إلى عسر الهضم الذي يسبب الأرق.
• التدخين : من المعروف أن النيكوتين الموجود في التبغ مادة مثيرة للدماغ، يمكن أن تسبب الأرق.
• شرب الكحول.
• تناول القهوة أو الشاي قبل وقت قصير من النوم.
• الضجيج: فبعض الأشخاص لا يستطيعون النوم بسبب ضجيج.
• السفر البعيد والعمل في الليل: ويحدث ذلك عند ربابين الطائرة والممرضين والعاملين في فترات متغيرة من اليوم
• عدم الانتظام في مواعيد النوم والاستيقاظ.
• الأرق المكتسب (الأرق السيكوفيزيولوجي): وهنا يعاني المصاب من الأرق نتيجة لبعض العوارض الاجتماعية أو الضغوط النفسية ولكن بعد زوال السبب الذي أدى للأرق تستمر مشكلة الأرق مع المريض وذلك بسبب اكتساب المريض عادات خاطئة في النوم خلال الفترة السابقة ويصبح المريض مشغول الذهن وكثير القلق من احتمال عدم نومه ويدخله ذلك في حلقة مفرغة تزيد من مشكلة الأرق عنده. وهؤلاء المرضى قد ينامون بشكل أفضل خارج منازلهم.
• الخمول والكسل: أظهرت الدراسات أن الأشخاص الذين يعيشون حياة خاملة ينامون بصورة أسوأ من الذين يعيشون حياة نشيطة مليئة بالحيوية. والرياضيون بصورة عامة ينامون أفضل من الذين لا يمارسون أي نشاط بدني.
• الإفراط في استخدام المنبهات أو استخدام الكحول أو شرب المشروبات الغازية: والمنبهات تشتمل على المشروبات المنبهة كالقهوة والشاي والكولا والشوكولاتة. كما أن دخان السجائر يعتبر من المنبهات. أما بالنسبة للكحول فإنه من المثبت علميا أنه يؤدي إلى الأرق وتقطع النوم كما أنه يزيد من اضطرابات التنفس أثناء النوم.
• عدم القيام بجهد بدني: تزيد مشكلة الأرق عند الذين يعملون في المكاتب أو الذين لا يبذلون جهدا جسديا كبيرا.
• الأدوية: الأدوية التي قد تؤثر على النوم تشمل: أدوية مضادة للاكتئاب، أدوية لمعالجة أمراض القلب وضغط الدم، أدوية ضد الحساسية وغيرها.
تشخيص الأرق
ينبغي استشارة أخصائي النوم المؤهل لتشخيص أي اضطراب للنوم حتى يمكن اتخاذ التدابير المناسبة. يجب فحص التاريخ الطبي للمريض إلى جانب الفحص البدني من أجل استبعاد الظروف الأخرى التي يمكن أن تكون سببا للأرق.
بعد استبعاد جميع الشروط الأخرى يجب أن يؤخذ تاريخ النوم الشامل. وينبغي أن يشمل تاريخ النوم، عادات النوم، والأدوية (بوصفة طبية أو من دون وصفة طبية)، واستهلاك الكحول، والنيكوتين، والكافيين، والأمراض المشتركة، وبيئة النوم. ويمكن استخدام مذكرات النوم لتتبع أنماط النوم الفردية. وينبغي أن تشمل اليوميات: الوقت إلى الفراش، ومجموع وقت النوم، وبداية وقت النوم، وعدد مرات الاستيقاظ، واستخدام الأدوية، وقت الصحوة والمشاعر الذاتية في الصباح. يمكن استبدال مذكرات النوم أو التحقق من صحتها عن طريق استخدام «أتيغرافي» للمريض الخارجي لمدة أسبوع أو أكثر، وذلك باستخدام جهاز يعمل على قياس الحركة.
يمكن أن يبين هذا الاختبار للمرضى الذين يعانون من أعراض أخرى إلى جانب الأرق، بما في ذلك توقف التنفس أثناء النوم، والسمنة، وقطر الرقبة السميكة، أو امتلاء البلعوم. وعادة لا يكون الاختبار ضروريا لإجراء التشخيص، خاصة بالنسبة للأشخاص العاملين إذ يمكن علاجهم في كثير من الأحيان عن طريق تغيير جدول العمل لإتاحة الوقت للنوم الكافي وتحسين جودة النوم.
قد يحتاج بعض المرضى إلى إجراء دراسة للنوم بين عشية وضحاها لتحديد ما إذا كان الأرق موجودا أم لا.
المتخصصون في طب النوم مؤهلون لتشخيص الاضطرابات، وفقا للتصنيف الدولي لاضطرابات النوم فهنالك 81 فئة لتشخيص اضطرابات النوم الرئيسية.
المرضى الذين يعانون من بعض الاضطرابات، بما في ذلك تأخير اضطراب مرحلة النوم، غالبا ما يتم تشخيصها بشكل خاطئ مع الأرق الأولي. عندما يعاني الشخص من صعوبة في الحصول على النوم والاستيقاظ في الأوقات التي يريدها، ولكن لديه نمط النوم الطبيعي، فإن اضطراب إيقاع الساعة البيولوجية هو السبب المحتمل.
تنبيه
في كثير من الحالات، يشترك الأرق مع مرض آخر، كما يمكن حدوثه بسبب الآثار الجانبية لبعض الأدوية، أو المشاكل النفسية. نصف الأشخاص المصابين بالأرق تقريبا يعانون من اضطرابات نفسية. بينما في الاكتئاب «ينبغي اعتبار الأرق حالة مرضية، بدلا من أن تكون حالة ثانوية» والأرق عادة ما يسبق الأعراض النفسية.
فمن الممكن أن يشكل الأرق خطرا كبيرا لتطوير اضطراب نفسي لاحق. يحدث الأرق لدى ما بين 60٪ إلى 80٪ من الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب، وقد يرجع ذلك جزئيا إلى الدواء المستخدم لعلاج الاكتئاب.
الوقاية
– إن الذهاب إلى النوم والاستيقاظ في نفس الوقت كل يوم من شأنه أن يخلق نمطا ثابتا والذي قد يساعد على علاج الأرق.
– تجنب استهلاك أي من المشروبات التي تحتوي على كافيين قبل الذهاب إلى النوم ببضع ساعات، في حين يمكن تناول هذه المشروبات في الأوقات الأخرى من اليوم.
– يجب أن تكون غرفة النوم باردة ومظلمة، وينبغي استخدام السرير فقط للنوم. هذه بعض النقاط المدرجة في ما يسميه الأطباء «بالعادات الصحية للنوم».
علاج الأرق
في حالة ما إذا كان الأرق ناتجا عن مرض عضوي أو نفسي فإنه يجب علاج هذا المرض لتختفي أعراض الأرق. لذا فالعلاج الحقيقي هو وصف الأدوية المناسبة. ومن هذه الأدوية:
• الأقراص المنومة وأشهرها «البنزوديازيبين» مثل الفاليوم، إلا أن معظمها يسبب نوعا من الإدمان، حيث يصبح المريض لا يستطيع النوم بدون هذا الدواء، وقد يحتاج الأمر إلى تقليل الجرعة بالتدريج لكسر اعتماد المريض على الدواء.
• أحيانا تستخدم مضادات الحساسية مثل «الدايفينهايدرامين» للمساعدة على النوم، فمن المعروف أن النعاس من الآثار الجانبية لمضادات الحساسية. أحيانا يتم وصف أقراص الميلاتونين، حيث يقوم بضبط دورة الاستيقاظ والنوم لدى الإنسان.
• كما يتم وصف أحيانا مضادات الاكتئاب لما لها من أثر مهدئ.
كما أن للأعشاب أيضا دور في العلاج، مثل نبات الفاليريانا الذي يتم تعبئته في كبسولات ووصفه لمصابي الأرق، وأيضا البابونج والخزامى.
ويعد شرب الحليب الدافئ العلاج الشعبي للأرق، إذ وجد أن الحليب الدافئ يحتوي على نسبة عالية من التريبتوفان، وهو مهدئ طبيعي، كما أن إضافة العسل إلى الحليب يؤدي إلى سرعة امتصاص الجسم للتريبتوفان.
هكذا تتخلص من الأرق
نقترح عليك في هذا المقال بعض الخطوات المساعدة في التخلص من الأرق بصورة طبيعية.
• الذهاب إلى النوم، والاستيقاظ يوميا في موعد ثابت.
• الامتناع عن شرب المنبهات كالشاي والقهوة لعدة ساعات قبل النوم واستبدالها بمشروبات أخرى كالحليب مثلا.
• تجنب القيلولة النهارية.
• عدم السهر كثيرا، وتعويد النفس على الذهاب إلى الفراش في ساعة محددة كل ليلة سواء إذا كان الشخص متعبا أم لا. ومحاولة الاستيقاظ في نفس الوقت كل يوم إذ يفيد ذلك في تنظيم النوم.
• الحرص على أن تكون غرفة النوم مريحة، معتدلة الحرارة، خالية من الإزعاج وينبغي أن تكون هادئة مظلمة.
• جعل غرفة للنوم فقط ويجب ألا يكون السرير صلبا ولا رخوا.
• القيام ببعض التمارين الرياضية كالمشي، وعدم الإجهاد بتمارين عنيفة فقد يكون مفعولها عكسيا.
• الابتعاد عن الكحول، فهو يساعد على النوم في بداية الأمر، لكن الشخص سوف يستيقظ بكل تأكيد بعد ساعات قليلة.
• عدم تناول العشاء متأخرا، بل قبل ساعات من النوم، وليكن العشاء عبارة عن وجبة خفيفة.
• في حال لم يستطع الشخص أن ينام بصورة جيدة خلال الليل، فيجب ألا ينام خلال ساعات النهار، ومقاومة النوم حتى المساء حتى ينام بصورة أفضل. إن النوم خلال النهار لتعويض ساعات الليل، يجعل النوم أصعب خلال الليل.
• محاولة أخذ قسط من الراحة والاسترخاء بصورة جيدة قبل الذهاب إلى السرير.
• إذا كان هناك موضوع يشغل بال الشخص، ولا يستطيع حله في ذلك الوقت، من الممكن أن يكتب هذا الأمر في ورقة قبل أن يذهب إلى السرير، على أن يكتب أمامه بأنه سوف يفكر به ويحاول حله في صباح الغد.
• إذا لم يستطع النوم، فيجب ألا يبقى الشخص في السرير قلقا يفكر في كيف سينام مرة أخرى، عليه أن يقوم من سريره ويفعل شيئا يشعره بالاسترخاء مثل قراءة كتابه المفضل، مشاهدة التلفزيون، حيث سوف يشعر بالإجهاد والرغبة في النوم من جديد.
هناك طريقة جيدة للعودة للنوم بصورة طبيعية، وهي الاستيقاظ مبكرا صباح كل يوم في نفس الوقت، مهما كان وقت الخلود إلى النوم متأخرا في الليلة السابقة، وليكن ذلك بمساعدة ساعة منبهة، ويفضل كذلك عدم الذهاب إلى السرير مرة أخرى قبل الساعة العاشرة مساء. إذا دأب الشخص على هذا النظام لعدة ليال متتالية، فان نومه سينتظم بصورة طبيعية.
إذا قام الشخص بتجربة هذه الحلول ولم يستطع النوم بصورة جيدة، عندئذ يجب عليه أن يستشير الطبيب، ويتحدث معه في أي موضوع يقلقه ويمنعه من النوم.