لم يكد العالم يتلقى الأخبار الصادمة عن منع مؤسسات رسمية موظفيها من تنزيل التطبيق الصيني «تيك توك» على هواتفهم الذكية، حتى ظهر خبر آخر أثارته هذه المرة قناة «فوكس نيوز» الأمريكية الشهيرة. هذه الأخيرة تحدثت عن إجبار السلطات الصينية في مقاطعة «هينان» المواطنين على التسجيل في تطبيق ذكي صُمم لممارسة العبادة.
التطبيق يحمل اسم «الدين الذكي».
القناة الفضائية أشارت إلى أن المقاطعة التي فرضت فيها السلطات على الصينيين التسجيل في التطبيق، تُعتبر من بين أكثر المقاطعات تدينا وسط الدولة العلمانية.
وبما أن «هينان» تُعتبر مركز وجود مسيحيي الصين، فقد أثار الخبر سخط عدد من القساوسة حول العالم.
تقول «فوكس نيوز» إن المواطنين المُتدينين في مقاطعة «هينان» الصينية كانوا يُجبرون سابقا على ملء استمارات حكومية، لكي تتحقق السلطات من أماكن العبادة التي يترددون عليها، قبل أي تجمّع مسيحي.
واستجوبت الصحيفة الأمريكية، التي يتابعها ملايين المشاهدين حول العالم، ممثلين عن جماعة «إيد» الصينية للدفاع عن حقوق الإنسان. وأكد مُنتسبون لها أنه يتوجب على المتقدمين لملء استمارات المعطيات الشخصية، الإدلاء بأسمائهم وأرقام هواتفهم ونسخة من شهادة إقامتهم ووظيفتهم وتاريخ ميلادهم، لكي يتمكنوا من حجز موعد في لائحة المُرخص لهم بممارسة الطقوس المسيحية داخل أماكن العبادة والكنائس المرخص لها.
وبثت القناة الأمريكية تقريرا أطلقت فيه على هذه الإجراءات «الدين الذكي» في إحالة على تحويل معطيات المسيحيين في الصين إلى تطبيق ذكي يُجبر الجميع على تحميله في هواتفهم قبل التمكن من الدخول لأي كنيسة في تراب مقاطعة «هينان».
هناك غموض قانوني في شق ممارسة العبادة والشعائر الدينية في أغلب المقاطعات الصينية، لكن الخطورة تكمن في قمع التجمعات الدينية التي تراها السلطات «غير مُرضية».
«فوكس نيوز» الأمريكية أثارت موضوع التضييق على المسيحيين في الصين، لكن هناك موضوع أكبر يتعلق بما يتعرض له مُسلمو الإيغور من تضييق وترحيل بسبب اعتناقهم الدين الإسلامي. وهو ما يرى فيه الشيوعيون الصينيون المتطرفون مخالفة لمبادئ الحزب، رغم أن هذه الأقلية المسلمة لا تتدخل في الشأن السياسي وتطلب منذ عقود حرية الاعتقاد وحرية ممارسة الشعائر الدينية.
وحسب التقارير الرسمية، فإن الصين احتجزت أكثر من مليون مواطن من «الإيغور» في مرحلة واحدة فقط من محطات قمع هذه الأقلية الدينية المُسلمة.
المسيحيون والمسلمون الذين يخالفون التعليمات الشيوعية، يُحالون على معسكرات «إعادة التثقيف». وهذه المعسكرات أثارها تقرير «فوكس نيوز»، وقال إنها تخصص عادة لاعتقال المخالفين للتعليمات في المقاطعات الصينية الأكثر تطرفا.
لكن أطرف ما يتعلق بهذا الموضوع، الشق المرتبط بـ«الدين الذكي». هل نحن أمام دعوة إلى دين جديد في العالم يُمارس عن بُعد، ولا يرخص لمعتقديه والمؤمنين به التجمع تحت أسقف المعابد لممارسة الشعائر الدينية؟
من يدري، ربما سوف نسمع في المستقبل عن معابد إلكترونية توجد في قلب الهواتف الذكية، ويكفي الضغط عليها لكي يصبح صاحب الهاتف داخل مكان مقدس للعبادة، وبمجرد ما أن يُعيد الهاتف إلى جيبه، يخرج إلى العالم ليعيش حياته اليومية.
بينما يرى خبراء في الأمن السيبراني أن الخطوة الصينية يبقى الهدف منها جمع أكبر عدد من المعطيات عن المسيحيين في الصين، وضبط الأنشطة الدينية فوق التراب الصيني وتطويقها.
يحدث هذا في عالم تتسامح فيه الحكومات مع كل الأقليات الدينية حول العالم، بل يُسمح ببناء المساجد والكنائس في أكبر التكتلات البشرية في قارات العالم، حتى لو كان مرتادوها لا يمثلون سوى نسبة ضئيلة جدا من مجموع السكان.
يونس جنوحي