شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرخاص

«الأخبار» تكشف جذور قضية صراع «حومة الشوك» بطنجة

حكاية شركة تطالب 1700 أسرة بالرحيل وكواليس تغريمها لجماعة طنجة

لم يظهر الصراع في «حومة الشوك» بطنجة، بين السكان وشركة تطالبهم بالرحيل، هكذا فجأة ودون مقدمات، بل للأمر جذور وخفايا تحاول «الأخبار» تتبعها وكشفها في هذا الخاص.

مقالات ذات صلة

ظهرت الشركة العقارية المعنية بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وانطلقت برأسمال لا يتعدى مليون سنتيم، ثم باتت «تغير جلدها» بعد كل عقد، وتنتقل من عمارة سكنية إلى أخرى بمدينة البوغاز، قبل أن يستقر بها الحال، شهر شتنبر الماضي، لتطالب نحو 1700 أسرة بالرحيل عن التجزئة العقارية التي تحولت إلى لغز محير، وذلك بعدما خاضت جولات قضائية مع جماعة طنجة حول الاعتداء على ملكها الخاص في قلب الحي نفسه..

 

 

طنجة: محمد أبطاش

 

«لم نكن نفكر في أننا سنجد أنفسنا، يوما، وقد تسلل إلينا التوتر وقلة النوم، والتفكير في مستقبلنا ومستقبل أطفالنا، بل في ما تبقى لنا من الأيام على تراب هذه الدنيا»، بهذه العبارات علق عدد من سكان تجزئة تتعدى مساحتها 14 هكتارا بحي بنكيران المعروف بـ«حومة الشوك» بطنجة، وهم يتحدثون عن حيثيات ظهور شركة عقارية تطالبهم بالرحيل عن أرضها فيما بات يعرف بقضية «حومة الشوك».

#image_title
#image_title
#image_title

قصص عن جذور الصراع

تحكي السيدة زُهرة بخات، التي تجاوزت 90 سنة من عمرها، أنه منذ أن تفجرت هذه القضية، التي سرقت النوم من عينيها، باتت تترقب، إلى جانب المئات من الأسر، أن يطرق «المقدم» باب بيتها ويطالبها بإيجاد مسكن بديل.

هذه السيدة الأرملة، تعيش فقط في كنف أبناء زوجها، بالإضافة إلى مساعدات وإحسان جيرانها، الذين يعتبرونها أما لهم جميعا، وإن كانت لا تكاد تميز بين الواقفين أمامها بسبب مرض ألم بعينيها وأفقدها البصر تدريجيا، وهي التي قضت نحو 50 سنة بهذه «الحومة».

حكاية زهرة بخات ليست سوى نموذج مصغر لقصص إنسانية تحكي عن أناس يتمسكون جميعهم بعقود عدلية بحوزتهم لاقتنائهم قطعا أرضية من أشخاص آخرين منذ ستينيات القرن الماضي، وشواهد إدارية تحصلوا عليها من مقاطعة مغوغة، منذ فترة الأربعينات، خاصة بفواتير الماء والكهرباء، لمواجهة الشركة التي ظهرت فجأة لتدعي أن المساحة التي يقطن فيها هؤلاء السكان، البالغ عددهم، حسب المعطيات التي حصلت عليها الجريدة، نحو 30 ألف نسمة، بمعدل 1704 منازل، وأنها محفظة وفي ملكيتها ومسجلة بالمحافظة العقارية ضمن الرسم العقاري تحت عدد G/8125 .

 

 

تاريخ الشركة

تكشف المعلومات التي حصلت عليها «الأخبار» أثناء البحث والتدقيق في جذور الشركة المعنية، والتي تحمل اسم CHARF IMMOBILIER S.A.R.L، أن تأسيسها، حسب الوثائق المتوفرة، يعود إلى سنة 1948 أي ثلاث سنوات بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، على يد شخصين برأسمال لا يتجاوز مليون سنتيم، أحدهما مواطن مغربي، والآخر من جنسية أجنبية وهو فرنسي من أصول جزائرية، وفي سنة 1967 تم تنقيل الشركة إلى مواطن مغربي، دون عقد المجلس الإداري للشركة الذي، بموجبه، يتم تحرير محضر خاص يوضع لدى السلطات المختصة.

الشركة نفسها ستعرف تغييرات وصفتها مصادر قضائية بغير المفهومة، ففي سنة 1987، استقال منها الذين انتقلت إليهم عملية التسيير القبلية، حيث جرى اكتشاف أنهم عينوا أنفسهم في المجلس الإداري لهذه الشركة، واتضح أيضا، بناء على المعلومات المتوفرة، أنه لم يتم توثيق أي محضر إداري خاص لهذا الغرض، ما يؤكد، مرة أخرى، أن الشركة كانت تسير بشكل «زئبقي» وتنتقل من عملية توطين بعناوين مختلفة بعمارة سكنية إلى أخرى بمدينة طنجة، وذلك إلى لحدود 2016، حيث تم تسجيل وفاة الأشخاص المؤسسين بمن فيهم المواطن الفرنسي ALBERT BOMNDEL، فيما لم يظهر أي وريث له إلى حدود اللحظة، مع دخول مغاربة على الخط، ضمنهم عائلة «الأربعي»، أو «الأربعين»، التي تعد من وجهاء البوغاز، وهي ضمن العائلات العريقة التي طالما سيرت مجالس ومقاطعات طنجة، وعلى رأسها مقاطعة مغوغة التي يقع الحي داخل نفوذها الترابي. وبذلت «الأخبار» محاولات متكررة للوصول إلى مؤسسي الشركة، لكن دون جدوى، علما أن دفاع الأخيرة رفض الرد على تساؤلات الجريدة.

 

رهن الدولة والتخلي عن العقار

خلال عملية البحث في ملف هذه الشركة وعلاقتها بالعقار الذي تدعي أنه في ملكيتها، اتضح أن الشركة كانت، بالفعل، في مواجهة علنية أمام القضاء مع عدة أشخاص حول هذا العقار، الذي تقول إنه في ملكيتها، إلا أن مسار الشركة مع العقار المعني اليوم بـ«حومة الشوك» سيتغير سنة 1952، حيث كانت مرهونة للدولة بمبلغ 152 مليون سنتيم، ما جعلها تتخلى عن المطالبة بهذا العقار الذي بقي تحت تصرف الدولة، لتتخلى بذلك عن العقار الذي لم يكن، وقتها، يساوي كل هذا المبلغ المرهون للدولة، قبل أن تعود، منذ سنة 2016، بمساهمين جدد من ورثة «الأربعي»، يدعون أنهم من ورثة المتوفين للبحث عن كيفية استرجاع هذا العقار من الدولة باستثناء المواطن الأجنبي، عبر دفع الصوائر التي عليها.

 

استغلال انتخابي

خلال زيارات ميدانية لـ«الأخبار» إلى «حومة الشوك» الواقعة بمنطقة مغوغة، أجمع الكل على أن هذا الحي لم يكن في منأى عن الاستغلال الانتخابي بل أصبح بمثابة «خزان انتخابي»، حيث كان أحد مؤسسي الشركة المعنية رئيسا على مقاطعة مغوغة، عن حزب الاستقلال، لعقود خلت، وكان يعُد السكان بتسوية وضعيتهم الاجتماعية والسكنية، وبالتالي فطيلة العقود التي سير فيها حزب الاستقلال المقاطعة كان السكان يعيشون في طمأنينة، ولم يطرق أحد أبوابهم سوى خلال الحملات الانتخابية للدعوة إلى التصويت على مرشحهم الاستقلالي.

#image_title

تناقضات وشكاية جديدة

إذا كانت المحكمة صرحت، أخيرا، بشكل علني، عبر القضاء الاستعجالي بالمحكمة الابتدائية بطنجة، برفض دعوى الشركة المعنية في مواجهة السكان من حيث الشكل، فإن الملف لم ينته بعد هنا، حسب محامين من هيئة دفاع السكان في تصريحات متطابقة لـ«الأخبار». فإلى جانب العيوب الشكلية، فإن عيوبا أخرى قد تقلب الطاولة على الشركة نفسها حسب المصادر، ولذا فإن القضية يمكن أن تعود إلى الواجهة، من جديد، في أية لحظة.

وطالب الدفاع، في شكاية، بالتحقيق في قضية الرسم العقاري، عبر عدة أدلة، منها مساءلتهم القضاء عن وجود تناقض صريح من خلال كون شهادة الملكية سجلت فيها الشركة بوصفها شركة مساهمة، في حين أن النموذج 7 ضمن السجل التجاري، سجلت فيه الشركة على أنها ذات مسؤولية محدودة.

 

مساجد وطرقات وأصول تجارية

تخفي الصراعات القائمة حول قضية «حومة الشوك» بطنجة أزمة قانونية صريحة، من خلال كون الحي يضم مساجد تابعة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، التي تتبع مساطر معقدة لتشييد المساجد، قبل الوصول إلى شروط متعلقة بالعقار من حيث الملكية وغيرها، علما أن الحي ذاته توجد به طرقات عمومية وأزقة مبلطة، في وقت يملك السكان عقودا عدلية وشواهد إدارية رغم أنها لا تقوم مقام التحفيظ والملكية، حسب أكثر من مصدر، وهو الأمر الذي دفع الشركة المعنية إلى مواجهة جماعة طنجة في دعوى الاعتداء المادي على رسم عقاري خاص، وربحت أطوار المحاكمة أمام القضاء الإداري خلال سنة 2016.

#image_title
#image_title

جولات قضائية بين الجماعة والشركة

تكشف بعض الوثائق التي حصلت عليها «الأخبار»، أن جماعة طنجة سبق أن تلقت أحكاما قضائية «صعقتها» من طرف هذه الشركة عبر مراحل انطلاقا من سنة 2016، وعبر جولات قضائية بين الطرفين. وتوضح الوثائق نفسها أن القضاء أدان الجماعة بمبلغ يفوق مليون درهم، خلال الدعوى التي رفعتها ضدها بتاريخ 18 دجنبر 2017، حيث حجزت على المبلغ المذكور بحساب الجماعة عبر بنك المغرب، بشكل مباشر، وهو ما دفع الجماعة إلى استئناف القضية.

وشهدت العلاقة بين الشركة والجماعة «مدا وجزرا» أمام القضاء الإداري، انتهى بالحجز على حساب الجماعة في مبلغ أربعة ملايير سنتيم عبر ملفات متفرقة انطلاقا من سنة 2016 وإلى حدود سنة 2018، حيث انصبت متابعة الشركة للجماعة، أساسا، حول تبليط الحي وتسمية الأزقة.

 

النائب الأول لعمدة طنجة

 

النائب الأول لعمدة طنجة:

«الشركة قامت بتغريم الجماعة 4 ملايير والحل هو اقتناء العقار حماية للاستقرار الاجتماعي»

في تصريح خاص لـ«الأخبار»، على هامش هذا التحقيق، كشف محمد غيلان، النائب الأول لعمدة طنجة، والمسؤول الثاني على رأس المجلس، «أن الحكم الصادر من طرف القضاء بعدم قبول الدعوى لعيب شكلي، سيعطينا حيزا زمنيا يتيح لنا فتح حوار مع ممثلي السكان من جهة، وكذلك فتح باب الحوار مع الشركة صاحبة الدعوى.. وعلى الشركة التنازل عن الدعوى من خلال بيع هذا العقار، حيث نفضل أن تقتنيه الجماعة وتعيد تقسيمه على السكان باستخراج رسوم عقارية من الرسم العقاري الأم».

وحول قضية الحجز على حساب الجماعة، أكد غيلان أن الشركة قامت، فعلا، بتغريم الجماعة 4 ملايير سنتيم من خلال رفع دعوى بالاعتداء المادي على رسم عقاري خاص، واليوم أصبح لزاما على الجماعة رفع شعار التسوية العقارية لجميع الأحياء المتواجدة فوق رسوم عقارية للغير كخطوة استباقية حماية للاستقرار الاجتماعي للسكان، والحل هو شراء هذه العقارات بطريقة تفاوضية عبر إعطائهم امتيازات تخص عقارات لهم بالمدينة أو تثمين بعض عقاراتهم بتصميم التهيئة..».

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى