“الأخبار” تكشف تفاصيل تقرير مفتشية وزارة التربية الوطنية حول فضيحة التسجيلات الصوتية
محمد اليوبي
علمت “الأخبار”، من مصادر مطلعة، أن تقرير ادريس جطو، الذي أفرج عنه، صباح أول أمس الأربعاء، نزل كالصاعقة على العديد من المسؤولين المنتسبين لقطاع التربية الوطنية، وتحديدا الذين اشتغلوا بالأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين أو الذين غادروها بسبب التقاعد، والذين لهم علاقات بالخروقات والاختلالات التي شابت صفقات البرنامج الاستعجالي.
وأكدت المصادر ذاتها أن خطوة الوكيل العام لدى المجلس الأعلى للحسابات بإحالة المتورطين في الخروقات على القضاء، ستميط اللثام عن أسرار خطيرة ظلت موضوع نقاش لمدة خمس سنوات تتعلق بمطلب المساءلة وترتيب الجزاءات القانونية في حق مبددي المال العام خاصة في ما يرتبط بأموال المخطط الاستعجالي التي عبأتها الدولة بشكل استثنائي لإصلاح منظومة التعليم في المغرب، خاصة بعد ظهور تسريبات هاتفية توثق لمظاهر الفساد التي رافقت تنزيل مشاريعه .
وحصلت “الأخبار” على معطيات جد دقيقة سبق أن تضمنها تقرير أسود رفعته المفتشية العامة لقطاع التربية الوطنية إلى المجلس الأعلى للحسابات حسب تصريحات الوزير السابق رشيد بلمختار التي ادلى بها في ندوة صحفية رسمية، حيث تم بعد افتحاص كل الأكاديميات الجهوية التي تعاملت مع شركتي MATSIND وsdmti، والتي حددها التقرير في ثماني أكاديميات مصنفة ضمن التقسيم الجهوي القديم، تم تداول اسمها ضمن تسجيلات هاتفية وصفت بالخطيرة جرت بين مديرة أكاديمية الرباط سابقا التجانية فرتات وصاحبة إحدى الشركات المتخصصة في بيع وتسويق معدات العتاد الديداكتيكي، وهي أكاديميات فاس بولمان، الرباط سلا زمور زعير، الشاوية ورديغة، طنجة تطوان، تادلا ازيلال، الدار البيضاء الكبرى، مراكش تانسيفت الحوز، وسوس ماسة درعة. ولم تستبعد المصادر ذاتها، أن تضم لائحة المتابعين المطلوبين للتحقيق القضائي مديري أكاديميات ومديرين إقليميين ورؤساء أقسام ومصالح وموظفين عاديين ممن خضعوا لتفتيش معمق أجرته المفتشية العامة قبل إحالته على ادريس جطو على عهد الوزير رشيد بلمختار الذي كشف عن تفاصيل العملية في ندوة صحفية قبل ثلاث سنوات تقريبا.
وأوضح نفس المصدر، أن من المنتظر أن يمتد التحقيق للعديد من المسؤولين في هذا الملف وعلى رأسهم مسؤولة جهوية أحيلت على التقاعد قبل خمس سنوات وتشغل منصبا هاما بالمجلس الأعلى للتعليم ارتبط اسمها بفضيحة التسجيلات الهاتفية مع صاحبة إحدى الشركات، ثم مدير أكاديمية متقاعد يشتغل ضمن مؤسسة تربوية تابعة لزوجة الملياردير عثمان بنجلون، ومديرة أكاديمية سابقة انتقلت للعمل بقطاع حكومي آخر، ومدير أكاديمية متقاعد كذلك يشتغل بمؤسسة تابعة للمكتب الشريف للفوسفاط، وكذا مدير أكاديمية متقاعد ترأس ديوان الوزير السابق حصاد، كما ينتظر أن يشمل التحقيق مديري أكاديميات لازالوا يمارسون، ونوابا تقاعدوا وآخرين يتحملون المسؤولية حاليا ببعض النيابات الإقليمية، وكذا رؤساء أقسام ومصالح أصدرت الوزارة في حق العديد منهم قرارات توقيف عن العمل وعرضهم على المجالس التأديبية.
وكانت المفتشية العامة لوزارة التربية الوطينة قد باشرت تحقيقات إدارية معمقة شملت حوالي 100 شخص ب 16 أكاديمية ضمن التقسيم الجهوي السابق، وذلك مباشرة بعد تفجر فضيحة التسجيلات الهاتفية التي تجدد معها النقاش حول مصير ملايير البرنامج الاستعجالي والاتهامات التي لاحقت مسؤولي الوزارة بتبديدها. وقد ركزت فرق التفتيش التي انتشرت بكل جهات المملكة، قبل أن تصدر تقريرا اسود في حق 8 منها، مع استثناء أكاديميات الجهة الشرقية والحسيمة تازة تاونات ومكناس تافيلالت والجهات الجنوبية، على افتحاص عينات من الصفقات وسندات الطلب التي أبرمت مع الشركتين المذكورتين، والتي تملك صاحبة التسجيلات الهاتفية واحدة منها فيما يملك زوجها الأخرى،
التفتيش الوزاري الذي أحاله بلمختار لاحقا على ادريس جطو، كشف عن خروقات خطيرة، منطلقها محاباة الشركتين بشكل مفضوح، حيث استأثرتا بأكثر من 80 في المائة الصفقات الخاصة باقتناء العتاد الديداكتيكي، أبرمت معهما بشكل منفرد أو هما معا ضمن تشكيل مشترك للشركتين. ووقفت لجان التفتيش على معطيات مثيرة تتعلق بإبرام ست أكاديميات لوحدها عددا مهما من الطلبيات العمومية بلغ 173 صفقة وسندا للطلب من أصل 214، وهو ما يشكل 80 في المائة من مجموع النفقات .
ورصدت المفتشية العامة في تقريرها اختلالات على مستوى إعداد وإبرام الصفقات وسندات الطلب، انطلاقا من غياب آليات مضبوطة لتحديد الحاجيات الملحة من الوسائل التعليمية، وخرق بعض المقتضيات القانونية المؤطرة لعملية إبرام الصفقات العمومية من نشر طلبات العروض، ونتائج الصفقة، وتحديد اعضاء لجان فتح الأظرفة بتعيينات مسؤولة ورسمية، ثم الإخلال بمبدأ المنافسة الحرة وتكافؤ الفرص، وتسجيل تواطؤ كبير مع الشركتين المعنيتين من طرف مسؤولي وموظفي بعض الأكاديميات الذين تعرضوا للابتزاز ومحاولات الإرشاء من طرف ممثل الشركة، وكذا الضغط على المصالح الجهوية والإقليمية عبر توجيه المواصفات التقنية وجعلها تتطابق مع البيانات والعينات الخاصة بالشركتين، وتجزيئ الطلبيات إلى سندات طلب عوض تجميعها في صفقة واحدة، واللجوء إلى منافسات صورية لإبرام سندات الطلب. والتلاعب في اثمنة بعض التجهيزات المسلمة من صفقة إلى أخرى .