افتتاحية
يفصلنا أسبوع فقط على موعد حلول شهر رمضان الفضيل، دون أن تكلف الحكومة نفسها عناء إخبار الرأي العام بالقرارات التي سترهن حياتهم اليومية خلال هذا الشهرَ، حتى أصبح المغاربة يتساءلون ألا يستحقون إخبارهم بما هو آت؟ هل المغاربة قاصرون ولا يحق لهم الوصول إلى المعلومات التي ستؤثر على حياتهم ونشاطهم وتحركاتهم، ولا إلى الخطوط العريضة للخطة التي تم رسمها لشهر رمضان؟
وعوض أن تسلط الحكومة الضوء على المعطيات القائمة والخيارات الممكنة للتعامل معها خلال الشهر المعروف بطقوسه الدينية والاجتماعية، تفضل الغرق في بحر الصمت وانتظار الدقائق الأخيرة لتصدر بلاغات منتصف الليل، رغم أن الحكومة تدرك قبل غيرها أن الحاجة تزداد إلى التواصل العمومي في أوقات الأزمات الصحية التي تستدعى اتخاذ تدابير احترازية لا تحظى بالقبول من أجل الحصول على الدعم الكفيل بتنفيذها.
للأسف حكومة العثماني ما زالت تستخدم التواصل العمومي بشكل سيئ وكأنها في مطلع القرن العشرين، حينما كانت وظيفة التواصل تقتصر على نفي كل شيء سلبي تقريبا لاعتبارات اجتماعية وسياسية وغيرها.. وما يزيد الطين بلة أن الحكومة تعتبر التواصل الدائم مع الرأي العام مجرد مشروعٍ مؤقتٍ، وليس مشروعاً مؤسسياً دائماً.
لقد أظهرت الوقائع منذ أكثر من سنة أن حكومة الطبيب النفساني تميل إلى أسلوب العلاج بالصدمة المفاجئة دون إخبار المواطنين. لا شك أن القرارات القادمة في ظل موجة ثالثة من الفيروس المتحضر لن تكون بسيطة، والمؤكد أن قرارات قاسية ستتخذ لحماية الصحة العمومية والنظام العام، ولكن مع ذلك، يجب على الحكومة أن تخرج لتفسر للناس بكل الطرق الممكنة، وتسعى لإقناعهم وتعبئتهم وتقوية انخراطهم المواطن، فسياسة دس الرأس في الرمال على طريقة النعامة والنفي لن تجدي نفعاً، فمن الضروري اليوم جعل التواصل الحكومي يتركز حول ما يطرحه دافعو الضرائب يوميا وما يعبرون عنه من انشغالات، فهم يأملون فقط في القليل من التواصل من حكومة كي يتهيؤوا ويتخذوا القرارات المناسبة في حياتهم اليومية.