شوف تشوف

الافتتاحية

افتتاحية

على طريقة سلفه عبد الإله بنكيران، يمارس سعد الدين العثماني لعبة رئيس الحكومة طيلة الأسبوع، والمعارض الشرس للسياسات والقرارات العمومية نهاية الأسبوع. ينتشي بإصدار المنشورات وتوقيع المراسيم في أوقات العمل الحكومي، ويتلذذ بالخطابات العصماء والبيانات النارية في أيام العطلة الأسبوعية.
فالذي يقرأ التقرير السياسي الذي قدمه العثماني إلى مجلسه الوطني الأخير، يعتقد للوهلة الأولى أنه خطاب لأمين عام حزب لا تربطه أي علاقة بالحكومة، بينما الحقيقة الساطعة التي لا يمكن حجبها بـ«الغربال» أن كل القوانين والقرارات والدوريات والمناشير التي يتم اتخاذها صنعت داخل البيت الحكومي، أو طبخت داخل مطبخ الأغلبية الحكومية.
والحقيقة المسكوت عنها أن العثماني لا يريد تحمل مسؤولية القرارات الكارثية التي يمررها بالمجالس الحكومية، ثم يعارضها بالمجالس الوطنية لحزبه، للحفاظ على ما تبقى من الزبناء الانتخابيين، فكيف لرئيس حكومة بثقله الدستوري يوافق مثلا على مشروع قانون تقنين الاستعمالات الطبية للقنب الهندي، ويوقع بإرادته الكاملة على رسالة إحالته على البرلمان، ثم يطلق العنان ضد المشروع داخل المجلس الوطني، بل يوحي لمناضلي حزبه أن المشروع لا يتوفر على دراسة للجدوى، ولم تجر بشأنه أي استشارة للمؤسسات الدستورية. وينسى العثماني أن مثل هذا الكلام السياسوي يحسب عليه ولا يحسب له، لأنه يعطي الانطباع بأن مشاريع حكومته مجرد تشريع للعبث وحبر على ورق، ولا تعدو أن تكون مجرد نصوص بلا دراسات قبلية ودون حاجة مجتمعية. كيف لرئيس حكومة يوافق على القوانين الانتخابية، سيما إلغاء العتبة داخل المجلس الحكومي والوزاري، ويهاجم تلك الإجراءات أمام حزبه؟ كيف يعتمد الحزب الحاكم سياسة التعاقد، ثم يخرج لمهاجمة تدبير تداعياتها السلبية؟ إنه العبث بعينه والضحك على الذقون.
لقد قلناها دائما وسنظل نكررها بدون ملل، إن العثماني وقادة الحزب الحاكم لا يعملون بمنطق الالتزام السياسي، الذي يفرض عليهم تحمل تبعات القرارات والقوانين التي يتخذونها كوزراء بصفة فردية أو تضامنية مهما كانت نتائجها السياسية، هم آلة براغماتية يدبرون شؤون الحكومة طيلة الأسبوع، ويلبسون عباءة المعارضة لقرارات الحكومة نهاية الأسبوع، يكلفون فريقا بالتأييد وجناحا بالرفض، وحين يوضعون في الزاوية الضيقة بسبب مواقفهم المتناقضة، يقولون إنها الديمقراطية الحزبية التي تفتقدها الأحزاب السياسية، بينما هي شكيزوفرينيا مقيتة تنفر من العمل السياسي، وتُفقد الرأي العام ما تبقى من الثقة في المؤسسات السياسية، وتزيد من رقعة العدمية التي تستند إلى نموذج العدالة والتنمية لنشر ثقافة التبخيس.

مقالات ذات صلة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى