استغللت ابنة الجنرال فرانكو لكي أصل إلى الملك وأخبره بالخطر المحيط به
يونس جنوحي
كارمن من بين أكثر النساء الإسبانيات اللواتي أحبهن على الإطلاق. كانت من أفضل ممارسات رياضة القنص في البلاد. وهذا الأمر ليس إطراء أو مجاملة لها، بحكم أن نساء أخريات كن يمارسن هذه الرياضة في إسبانيا، لكن «كارمن» كانت أكثر براعة في هذه الرياضة.
بالإضافة إلى أنها كانت تتمتع بجمال ساحر جدا (..) وبما أن دعوات حضور رحلة الصيد من الملك الحسن الثاني كانت على شرفها وزوجها «كريستوبال»، فإن وصولنا جميعا إلى الدار البيضاء تلبية للدعوة، كان حدثا كبيرا جدا في المغرب.
تحكي «آلين» كيف أنها وصلت إلى فرد من الأسرة الملكية، من عائلة الملك الحسن الثاني، واستغلت سابق معرفة بينهما لكي تخبره بالرسالة الخطيرة التي وصلت إليها المخابرات الأمريكية عن طريق السوفيات.
هذه الورقة كانت سبب تغير ملامح مُضيف «آلين»، ليتحرك على الفور لتحذير الملك الحسن الثاني. وطلب من «آلين» أن تتحدث مع أقرب مساعدي الملك الحسن الثاني الخاصين، وكتب لها اسمه على ورقة بيضاء. وكان الاسم يبدأ بـ«R.S»
تأكدت «آلين» أن الملك الحسن الثاني لن يكون حاضرا في جولة الصيد التي دعا إليها زوجها «لويس» بالإضافة إلى مسؤولين أجانب آخرين، إلا في اليوم الأخير أو اليوم الذي قبله. وكلف الأمير مولاي عبد الله بمرافقة الضيوف طيلة مدة استضافتهم داخل المغرب. لكن ضابطي المخابرات الأمريكية المخضرمين «جيري» و«جوبيتر» كانا يضغطان على «آلين» لكي تسرع من وتيرة اتصالاتها مع صديقتها المغربية فاطمة عزيز، المقربة جدا من القصر الملكي، لكي تحصل منها على تأكيد بخصوص اليوم الذي سوف يحضر فيه الملك للقاء الضيوف. لماذا؟
لكي تحاول «آلين» الوصول إلى الملك وتمنحه تلك المعلومات دون أية وساطة. كان «جوبيتر» يخبرها دائما: «تذكري آلين.. أي شخص مهما كان قريبا من الملك قد يكون من المنخرطين في مخطط الانقلاب. لا تفاتحي أحدا في الموضوع باستثناء الملك».
بقي أسبوعان على رحلة الصيد، و«آلين» لا يمكن أن تبقى مكتوفة اليدين في انتظار الموعد.
البحث عن سبب للزيارة
تقول آلين: «على أمل أن أحظى بفرصة للقاء الملك الحسن الثاني قبل رحلة الصيد، في أقرب وقت ممكن، اتصلتُ بفاطمة عزيز، وسألتها ما إن كان الملك سيستقبلنا شخصيا خلال ليلة وصولنا إلى المغرب. أجابت:
نادرا ما يأتي الملك بنفسه إلى مثل هذه الأنشطة، لكن لماذا تسألين؟
اختلقتُ عذرا على الفور:
لقد علمت أن الصديق أنطونيو سانت دو مونتاغوت أرسل في باخرته حصانا من سلالة إسبانية نادرة، هدية إلى القصر. وبما أنني و«لويس» نربي أحصنة نادرة جدا من السلالة نفسها، في مزرعتنا بـ«إكستريمادورا»، فقد فكرت في أنه يتعين عليّ إخبار الملك الحسن الثاني ببعض الأمور المتعلقة بتربية الحصان وكيفية تلقينه الأوامر والحركات..، لأن ذلك النوع من الأحصنة ينتمي إلى سلالة نادرة جدا تعود إلى صنف رباه الفرسان الأوربيون في القرن الثالث عشر.
ردت فاطمة:
سوف أرى ما يمكن فعله.
في اليوم الموالي اتصلت بي فاطمة فعلا:
لقد كلف الملك مساعده لكي يأخذك أنت و«لويس» إلى مزرعة الخيول حيث يوجد الحصان الإسباني الذي تلقاه القصر، لأنه للأسف لن يكون موجودا في الرباط خلال يوم وصولكما أنت و«لويس».
يجب عليّ أن أبحث إذن عن طريقة أخرى للوصول إلى الملك.
ابنة الجنرال فرانكو
يتعلق الأمر بـ«كارمن فرانكو». كانت في سنوات سبعينيات القرن الماضي من أكثر بنات المسؤولين إثارة بالنسبة للصحافيين. الكاميرات كانت تتبعها في كل مكان وصورها تغزو المجلات. ليس فقط لأنها ابنة الجنرال فرانكو، ولكن لأن الرأي العام في إسبانيا خلال فترة حكم والدها الجنرال، كان مفتونا بشخصية «كارمن» ويقبل على أخبارها الشخصية بكثير من الاهتمام.
بالمقابل، كانت «كارمن فرانكو» تزور المغرب سواء خلال الزيارات الرسمية والاستقبالات التي تمت بين الملك الراحل الحسن الثاني والجنرال فرانكو، أو خلال زياراتها الخاصة إلى المغرب حيث كانت تحل في جولات الصيد أو ركوب الخيل، مع شخصيات من مشاهير السينما والسياسة، والذين كانوا جميعا أصدقاء للملك الحسن الثاني.
حاولت «آلين»، بحسها المخابراتي، أن تستعين بصداقتها مع «كارمن»، خصوصا وأن دعوات حضور جولة الصيد في المغرب التي تلقتها «آلين» وزوجها كانت في الحقيقة على شرف كارمن فرانكو.
تقول «آلين»: كارمن من بين أكثر النساء الإسبانيات اللواتي أحبهن على الإطلاق. كانت من أفضل ممارسات رياضة القنص في البلاد. وهذا الأمر ليس إطراء أو مجاملة لها، بحكم أن نساء أخريات كن يمارسن هذه الرياضة في إسبانيا، لكن «كارمن» كانت أكثر براعة في هذه الرياضة.
بالإضافة إلى أنها كانت تتمتع بجمال ساحر جدا (..) وبما أن دعوات حضور رحلة الصيد من الملك الحسن الثاني كانت على شرفها وزوجها «كريستوبال»، فإن وصولنا جميعا إلى الدار البيضاء تلبية للدعوة، كان حدثا كبيرا جدا في المغرب، حيث كان في استقبالنا في مطار الدار البيضاء أخ الملك الحسن الثاني، الأمير مولاي عبد الله، بالإضافة إلى عدد كبير من المسؤولين المغاربة، ثم السفير الإسباني لدى المغرب».
بعد أن انتهت «آلين» من وصف مشاهد الاستقبال وذكر تفاصيل «ديكور» القاعة الشرفية وملابس الحرس الملكي والطريق بين مطار الدار البيضاء والإقامة الملكية التي خصصت للضيوف في مدينة الرباط، مرّت إلى الحديث عن الموضوع الخطير الذي جاءت من أجله أساسا إلى المغرب.
في نفس يوم وصول وفد ابنة الجنرال فرانكو الذي كانت «آلين» فردا مهما منه، تلقى الجميع دعوة للعشاء في منزل شخص مقرب جدا من الملك الحسن الثاني، وصديق حميم لأخيه الأمير مولاي عبد الله.
تقول «آلين» إنها فكرت في مفاتحة الأمير في الموضوع، لكنها وجدت صعوبة كبيرة في ذلك لأن الضيوف كانوا متجمهرين طوال الوقت حول أفراد الأسرة الملكية الآخرين. لكن «آلين» تحكي كيف أنها وصلت إلى فرد من الأسرة الملكية، من عائلة الملك الحسن الثاني، واستغلت سابق معرفة بينهما لكي تخبره بالرسالة الخطيرة التي وصلت إليها المخابرات الأمريكية عن طريق السوفيات.
تقول آلين إنها تحمست كثيرا لطلب ضيفها أن يحذر الملك الحسن الثاني شخصيا من وجود مخطط بالقرب منه للانقلاب عليه، غير أن «آلين» صدمت عندما تم إخبارها ألا تقلق وأن الملك الحسن الثاني تصل إليه أصداء إشاعات كثيرة من هذا النوع، وأنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها إخباره بوجود مخطط للمساس به. لكن «آلين» أخرجت الرسالة من حقيبتها الصغيرة، ومنحتها لمضيفها، مستغلة جولة على لوحات فنية لم تثر اهتمام الحاضرين. هذه الورقة التي كانت إشارة إلى توقيت القيام بالانقلاب ضد الملك الحسن الثاني كانت سبب تغير ملامح مُضيف «آلين»، ليتحرك على الفور لتحذير الملك الحسن الثاني، وطلب من «آلين» أن تتحدث مع أقرب مساعدي الملك الحسن الثاني الخاصين، وكتب لها اسمه على ورقة بيضاء، وكان الاسم يبدأ بـ«R.S».
«ر. س»..
تقول «آلين» إنها كانت متخوفة من أن يكون هذا الاسم متورطا في الانقلاب من أساسه، وبالتالي لن يتم تحذير الملك الحسن الثاني وقد تتطور الأمور إلى الأسوأ إذا عرف الانقلابيون أن المخطط كشفته المخابرات الأمريكية، لكن مصدرها الملكي أخبرها أن هذا الشخص موثوق جدا ولا يمكن أن يكون خائنا نهائيا.
يتعلق الأمر برجل ينحدر من الصحراء، وينتمي إلى قبيلة كانت بينها وبين والد الملك الحسن الثاني صداقة كبيرة. وكان الملك الراحل محمد الخامس قد أرسله إلى أوربا خلال ثلاثينيات القرن الماضي للدراسة ثم عينه معلما لابنه الأمير مولاي الحسن، لتنشأ بينهما صداقة وطيدة جدا وهو اليوم يعمل لدى الملك بمثابة مرافقه الخاص وهو من القلائل جدا الذين يمنحهم الملك الحسن الثاني ثقته الكاملة. تقول «آلين» إنها تلقت نصيحة بالتعامل المباشر معه بحكم أنه سوف يكون مرافقا لهم طوال رحلة الصيد، وهو الذي سوف يرتب موعد وصول الملك الحسن الثاني لتحية الضيوف واصطحابهم خلال جولة شرفية لإنهاء الرحلة. فهل ستتمكن «آلين» من أداء المهمة؟