حسن البصري
في أول مباراة ستكون عرضة لموقف طريف؟
أعتقد أن المباراة كانت بين الجيش والكوكب المراكشي، وكان حارس المرمى هو صديقي بريك، الذي كان يعد من الحراس البارزين لكنه لم يستمر في مساره. خلال تلك المباراة سيصاب بريك وسيضطر لمغادرة الملعب من أجل تلقي العلاجات الضرورية. طلب مني المدرب الاستعداد لتعويضه، فقمت بالتسخينات اللازمة، وحين طلب مني الدخول اقتحمت الملعب من خلف المرمى دون احترام لضوابط التغييرات، ووقفت مباشرة في المرمى. نبهني الحكم لهذا الارتباك، خاصة وأن المباراة كانت منقولة مباشرة، لكن الحمد لله قدمت أداء جيدا جعل جميع اللاعبين وأفراد الطاقم التقني يهنئونني على مردودي الطيب في أول ظهور لي بشكل رسمي.
بدأت محنتك من ضربة جزاء في مباراة كأس العرش ضد المغرب الفاسي، كيف تحول نجاحك في التصدي لتسديدة إلى نكبة؟
للأسف هذه الواقعة حصلت في ليلة عيد الفطر سنة 2010، حين كان فريقي الجيش الملكي يجري مباراة ضد نادي المغرب الفاسي في إقصائيات كأس العرش، وانتهت المباراة بالتعادل لنحتكم إلى ضربات الترجيح. كنت بارعا في التصدي لإحدى التسديدات، حينها وقفت لتحية الجمهور العسكري الذي كان يهتف باسمي، في الوقت الذي كان اللاعب الذي أهدر التسديدة غارقا في حزنه. وأنا في غمرة السعادة لم أنتبه إلى أن الكرة استدارت حول نفسها لتعود ببطء وتستقر في شباكي، فأُقصي فريقي بسبب هذه الهفوة. حين تصديت لضربة الجزاء شاهدت الكرة وهي تعود إلى الملعب، أنا أعرف أن التصدي يتم في ضربات الجزاء بمجرد منع الكرة من الاستقرار في الشباك، وهذا ما قمت به لكن حين تدحرجت الكرة من جديد ودخلت المرمى أصبت بذهول. تمنيت لو أن زملائي ركضوا حولي ونبهوني لذلك، لكن حتى، وإن كانوا فعلوا، لم أكن لأسمعهم لأن الجمهور كان يتغنى بي. لأول مرة في التاريخ تحصل مثل هذه اللقطة، وأنا أتحمل تبعاتها.
كيف عشت الأيام التي أعقبت هذه الواقعة؟
تذمرت وأصبت بنوع من الإحباط، فقاطعت الحصص التدريبية اللاحقة، لكن زملائي زرعوا لدي الرغبة في طي صفحة ضربة الجزاء المشؤومة، وعدت من جديد، لكن ظل المشهد حاضرا في ذهني لا يفارقني.
سترتكب هفوة أخرى، وأمام استغراب الجميع ستغادر الملعب بعد أن تخلصت من قميصك..
الأسبوع الرابع من مسابقة الدوري المغربي الاحترافي، وخلال مباراة جمعت فريقي الجيش الملكي ضد النادي القنيطري، ارتكبت هفوة ساهمت في تسجيل هدف في شباكي. حينها قررت الانسحاب من الملعب وسط حالة من الذهول بين زملائي والجهاز التقني لفريقي وحتى للفريق الخصم، لأنني لم أعد أطيق اللعب بعد التسبب في خطأ آخر في أقل من أسبوعين. كنت أسعى لنسيان الخطأ الأول الذي ارتكبته في مباراة المغرب الفاسي، وتعويضه بأداء جيد، لكنني، للأسف، لم أتمكن من تحقيق ذلك وكنت وراء هزيمة فريقي في تلك المباراة أمام “الكاك”.
ما القرار الذي اتخذته بعد العودة إلى بيتك؟
في الملعب، وقبل أن أعود إلى بيتي، اتخذت القرار، وقلت في نفسي لا رجعة فيه لعدم شعوري بالرغبة مجددا في اللعب بعد ارتكابي زلتين في مباراتين ضد المغرب الفاسي والنادي القنيطري. صدقني إذا قلت إن انسحابي من الملعب جاء بعد شعوري باختناق رهيب، عندما ارتكبت الخطأ الثاني وانطلقت نحو غرفة تغيير الملابس في تصرف لا شعوري كأنني فاقد للوعي، لم تعد لدي رغبة في الاستمرار في اللعب.
لكن الخطأ وارد في كرة القدم..
تعرضت لضغط نفسي شديد رغم أن هناك حراسا عالميين وقعوا في أخطاء مماثلة وربما أسوأ، ولكنهم لم يتعرضوا لحجم الانتقادات التي واجهتها من قبل وسائل الإعلام الوطنية والأجنبية، حيث أعادت قنوات تلفزيونية عالمية بث هذا الخطأ غير الإرادي أكثر من مرة مع أنه يبقى واردا في كرة القدم. كنت في حاجة لمن يدعمني من أجل تجاوز الضغط النفسي الرهيب الذي عانيته، لكنني تعرضت لانتقادات شديدة اللهجة كما لو أنني لست بشرا معرضا للخطأ، أو أنني مجرم ارتكب جريمة شنعاء.
ألهذا السبب قررت القطع مع الكرة والعودة إلى ميسور مسقط رأسك؟
لمحت للاعتزال وسافرت إلى مدينتي ميسور لأبتعد عن ضغط الشارع الرياضي، الذي حول الهفوة إلى لقطة للسخرية. لقد كنت عميدا للجيش الملكي وكنت وراء العديد من الإنجازات التي حققها الفريق، لكن بسبب هفوتين وجدت نفسي عرضة للانتقادات اللاذعة، للأسف كنت أقرأ ردود فعل الناس، ما زاد من حالة الإحباط التي سكنتني. ابتعدت عن التداريب وغيرت مجرى حياتي، خاصة وأن هذه القضية تولدت عنها مآس، فقد سقط جنين من بطن زوجتي بسبب الجو الذي أصبح سائدا في البيت، وبالمناسبة أشكر عائلتي الصغيرة والكبيرة على دعمها لي في هذه المحنة.