احذروا حراك الرغيف 2-2
عندما يبشر العثماني سكان المدينة باستعداده لاستقبال نوابهم في البرلمان، لتهدئة المحتجين، فكأنما يقوم صاحبنا بصب الزيت على النار، وتأجيج الغضب في صدورهم، لأن ما لا يعلمه العثماني هو أن بعض هؤلاء البرلمانيين يعتبرون جزءا من المشكلة، ولا يمكن أن يكونوا جزءا من الحل، فيكفي الرجوع إلى السجل التجاري بوجدة لكي يعرف رئيس حكومتنا الموقرة أن السيد مصطفى توتو مثلا، برلماني المنطقة عن حزب الأصالة والمعاصرة، هو المالك الحقيقي لشركة Best charbon ذات المسؤولية المحدودة والمسجلة بالسجل التجاري عدد 16523 برأسمال قدره 2.5 مليون درهم والكائنة بوجدة، والتي تضارب في كميات الفحم المستخرجة من الساندريات، تلك الكميات التي يتم شراؤها من طرف أصحاب الرخص من الشباب المغامرين مقابل 70 درهما للكيس وبيعها في السوق بعشرة أضعاف ثمن الشراء.
كما يملك ممثل الأمة بالعنوان نفسه شركة «سومي توب- SOMI-TOP » ذات السجل التجاري 18377 برأسمال قدره 2.4 مليون درهم، والتي ألغيت رخصة استغلالها المنجمي بتاريخ 04/04/2013، وبالعنوان نفسه أيضا يملك شركة «نيكرو ميطالNegro-Metal » ذات السجل التجاري عدد 23965 برأسمال 1 مليون درهم، وكذا «مؤسسة فاريميد- Etablissement farimed » ذات السجل التجاري عدد 19267 برأسمال قدره 8.5 ملايين درهم، وشركة «السقوف الشمسية للمغرب- Toiture solaire maroc» برأسمال قدره 2.4 مليون درهم.
أما أخته امباركة توتو فهي برلمانية سابقة عن حزب الأصالة والمعاصرة، ورئيسة الجماعة الحضرية لجرادة حاليا، وقد فازت بمقعد رئاسة البلدية خلال 2015 بتحالفها مع أحزاب الحركة الشعبية والاتحاد الدستوري والتقدم والاشتراكية، في مواجهة منافسها محمد دغو عن حزب الاستقلال المتحالف مع العدالة والتنمية، والذي كان رئيسا قبلها بالبلدية نفسها، أما نائبها الأول فليس سوى المسمى أمنون البشير، نائب أمين مال غرفة التجارة والصناعة والخدمات بالجهة الشرقية التي يقودها «البام»، والمتلون بكل ألوان الطيف السياسي، والذي استقر به المطاف هذه المرة على ألوان الاتحاد الدستوري رفقة نجله اسماعيل أمنون كعضو جماعي منتخب إلى جانبه، وكرئيس للجنة الشؤون الثقافية والرياضية، وهو الذي يملك عدة شركات، من بينها شركة Amnoun touragh roua amalou (ATRAM) ذات المسؤولية المحدودة المسجلة تحت رقم 18483 بوجدة، والكائنة بحي عبد الكريم الخطابي بجرادة، والتي جعل من ضمن أنشطتها استخراج وبيع الفحم الحجري.
وقد سبق للبشير أمنون أن اشتكاه أعضاء جمعية الشؤون الاجتماعية لموظفي وأعوان بلدية جرادة، بتاريخ 30 أكتوبر 2013، بسبب اتهامه بالاستيلاء على قطعة أرضية مساحتها 3 هكتارات و17 آرا و77 سنتيارا، والذين رغم تصويت المجلس خلال دورة فبراير 2012 بإجماع أعضائه على تفويت القطعة الأرضية التابعة للملك الخاص للدولة ذات الرسم العقاري 16908/02 لهم كجمعية، فقد اكتشفوا إعادة تفويتها لصاحبنا المحظوظ بغرض إقامة مشروع استثماري له، عبارة عن محطة للتزويد بالبنزين ومقهى واستغلالها كمستودع لسياراته وشاحناته، في مخالفة صريحة للقانون، ولو أنه تم فتح ملف الموظفين الأشباح ومستخدمي الإنعاش بجدية ومنحها لمن يستحقها، لما بقي أي شاب أو شابة في جرادة يشتكي من البطالة.
وأما البرلماني دغو ياسين، وهو ثاني برلماني لدائرة جرادة عن حزب الاستقلال، فيملك بدوره شركة «دغو شاربو-Darhou Charbo » ذات المسؤولية المحدودة والمسجلة تحت عدد 16283 والكائنة بحي الرازي بجرادة، والمتخصصة قانونيا في أعمال الحراسة والحماية، التي يتوفر صاحبنا على خبرة في ميدانها، بحكم أنه شريك مصطفى الموزوني، الوالي السابق لأمن الدار البيضاء وابنه معاذ، في شركة ذات الأهداف نفسها تحمل اسم INTERNATIONAL JURISEC CONSEIL والمسجلة بالدار البيضاء تحت عدد: 303513. وللإشارة فالبرلماني ياسين دغو هو ابن محمد دغو الرئيس الأسبق لبلدية جرادة، والذي يملك بدوره مستودعا للفحم الحجري بعين بني مطهر مساحته 3 هكتارات، وسبق له المثول أمام الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بفاس في حالة اعتقال، يوم الخميس 2 ماي 2013 في إطار قضايا يختص بها قسم الجرائم المالية، دون أن نعلم مآل هذا الملف، وذلك على خلفية الشكاية التي تقدم بها مستشارون في المعارضة ببلدية جرادة ضده، يتهمونه فيها بارتكاب مجموعة من الخروقات الخطيرة في تسيره للمجلس السابق.
وعلى الرغم من كون الملك قد اعتنى بالمنطقة الشرقية عموما، وأوصى بإقليم جرادة خيرا منذ خطابه سنة 2003، وألح على ضرورة الاستثمار الأمثل للمؤهلات والمنتوج الفلاحي المتميز للمنطقة، بتحديثه وتصنيعه، ووضع برنامج لتنمية وحماية النجود والواحات، ذاكرا مناطق عين بني مطهر وبوعرفة وفكيك ومدينة جرادة، وإدراجها من أجل استفادتها من برامج وكالة تنمية الأقاليم الشمالية، ورغم أنه خصص لها ما يزيد عن 314 مليون درهم لتأهيلها الحضري، وتحسين ظروف عيش سكانها وتنمية اقتصادها والحفاظ على بيئتها، فلا تزال المدينة ترزح تحت نير الفقر والتهميش والفساد العلني البين، ولا تزال مدخنات محطتها الحرارية تنفث سمومها في سماء المدينة بلا حسيب ولا رقيب، ولا تزال الهجرة السرية والساندريات تشكلان مصدر العيش شبه الوحيد لشبابها، فإما أن تبتلعهم مناجم الفحم أو يبتلعهم البحر، كما لا يزال المسؤولون الفاسدون يتناوبون على الصعود والنزول إلى قمة هرم تسييرها، مثل عربتي جبلها الأسود، غير أنهما إن كانتا تصعدان بالأمس من أجل إفراغ حمولتهما كرمزية للتنمية، فإنهما تصعدان اليوم من أجل شحن بطونها وتسمين أرصدتها والاغتراف من خيرات المدينة كرمزية على النهب وانعدام العدالة الاجتماعية، ولا تزال المؤهلات السياحية لمنطقة تكافايت مثلا مهمشة وغير مثمنة وغير معروفة حتى بالنسبة لسكان الجهة الشرقية، ولا تضم أية بنية استقبال تذكر.
والحقيقة أن مدينة جرادة وغيرها من المناطق المهمشة، تحتاج في ظل ما حدث، إلى زلزال سياسي آخر، لمحاسبة المسؤولين عن مأساتها ونهب خيراتها، ووضع حد للفواجع التي تلحق بالمواطنين في ساندرياتها ومغارات مناجم سيدي بوبكر وتويسيت وغيرها من المناجم التي أقفلت، وإخماد نار الحكرة والتهميش التي تعتمل في صدور البسطاء الغاضبين، والتي توشك أن تحولهم إلى بركان اجتماعي حارق، لأن الفساد والاستبداد اللذين فشل بنكيران في محاربتهما هما العامل الأخطر الذي يمكن أن ينقل شرارتها ويحولها من حراك الريف إلى حراك الرغيف، فاحذروا حراك الرغيف.