تاونات: محمد الزوهري
عبّرت هيئات سياسية ومدنية بإقليم تاونات عن استنكارها لما وصفته بـ«الاختلالات» المسجلة في عملية توزيع مادة الشعير المدعم على الفلاحين في إطار مواجهة آثار الجفاف، بعد إقدام السلطة المحلية والمديرية الإقليمية للفلاحة على تحويل مستودع بمحطة للوقود تابعة لبرلماني ومسؤول حزبي بالمنطقة، إلى مكان توزيع الشعير المدعم، ما فجر غضبا بالإقليم منذ بداية الأسبوع الجاري، احتجاجا على ما نُعت بـ«الفضيحة»، بداعي أن ما حصل «حملة انتخابية سابقة لأوانها».
واحتج منتخبون محليون، من بينهم رؤساء جماعات، وممثلو جمعيات محلية، بمقر عمالة الإقليم على هذا «الخرق»، وقدموا شكاية مباشرة إلى عامل الإقليم، معتبرين أن توزيع الشعير المدعم على الفلاحين انطلاقا من محطة الوقود التابعة للبرلماني عن التجمع الوطني للأحرار بجماعة عين عائشة، يشكل «حملة انتخابية لفائدة حزب سياسي».
وعقب انكشاف هذه القضية، سارعت السلطة الإقليمية إلى محاولة تطويق هذا المشكل، بلجوء الكاتب العام للعمالة إلى عقد اجتماع مستعجل، حضره المدير الإقليمي للفلاحة ومنتخبون بدائرة تيسة وفعاليات مدنية وممثلو بعض الأحزاب السياسية، منها الأصالة والمعاصرة والاتحاد الاشتراكي.
وكان المطلب الأول لهؤلاء هو التدخل العاجل لوقف هذه «الفضيحة» والكشف عن ملابساتها، وتقريب نقط الدعم من الفلاحين، مع وضع حد للاختلالات المسجلة في عملية التوزيع، من خلال تفعيل عمليات التتبع والمراقبة حتى يصل الدعم الى كل الفلاحين، وقطع الطريق على السماسرة وتجار الحملات الانتخابية.
وما أثار الاستهجان في هذه العملية، وحامت شكوك المحتجين بشأن خلفياتها، أن المدير الإقليمي للفلاحة لم يختر مركزا فلاحيا أو محلا تابعا للدولة كنقطة لتوزيع الشعير المدعم، بل اختار محطة للبنزين تابعة لبرلماني عن حزب «الأحرار». وهو الأمر الذي اعتبره متتبعون محليون «مثيرا للشبهات»، على اعتبار أن رئيس الغرفة الجهوية للفلاحة هو محمد عبو، أحد قياديي التجمع الوطني للأحرار، ووالد الوزير المنتدب في التجارة الخارجية، الذي يشغل بدوره صفة برلماني عن المنطقة نفسها، وهو ما قد يولد انطباعا لدى العديد من المستفيدين من هذه العملية في كون حزب «الحمامة» هو الذي يقف وراء «مساعدة الفلاحين بالمنطقة».
وما زاد من احتقان الفلاحين ومنتخبي المنطقة وفعالياتها المدنية، أنه فضلا عن المكان «المثير للشبهات» الذي خُصص لتخزين وبيع الشعير المدعم، تم تسجيل اختلالات أخرى شابت العملية، ومنها «العشوائية التي طبعت بعض فترات التوزيع، واستفادة بعض الأشخاص الذين لا يستحقون هذا الدعم، وسوء توزيع الكميات المخصصة للجماعات وفق التوزيع الترابي، فضلا عن التكتم على لائحة المستفيدين التي لم تسلم في بداية الأمر حتى لمصالح العمالة، وكذا عدم إشراف السلطة هذه السنة على تتبع العملية في الوقت التي كانت سابقا هي المشرف على مثل هذه العمليات الحساسة».
للإشارة، فإن الكمية المحتملة للتوزيع بإقليم تاونات على مدى سبعة أشهر (من فبراير إلى غشت القادم)، بلغت 122.500 قنطار. وهي الكمية التي تحملت فيها المديرية الإقليمية للفلاحة مصاريف النقل للجماعات الترابية البعيدة، علما أن الكمية الإجمالية من الشعير التي دعمتها الدولة في إطار محاربة آثار الجفاف على الصعيد الوطني بلغت ثمانية ملايين قنطار، رست الصفقة فيها على شركة «ONICL».