وجهت اتهامات خطيرة إلى بشار الأسد ببيع بلاده لإسرائيل، بعد ظهور معلومات تدين الرئيس السوري المخلوع، بتقديمه تفاصيل لتل أبيب عن مواقع مستودعات أسلحته وأنظمة الصواريخ، مقابل السماح له بالفرار من سوريا. فيما يستغل الجيش الإسرائيلي الفرصة الذهبية للتوغل داخل البلاد، دون نية الخروج منها أبدا. وفي ظل هذه التطورات، يؤكد أحمد الشرع أنه لا يريد أن يحول سوريا إلى نسخة من أفغانستان، إلا أن الأشهر القليلة المقبلة ستكون كفيلة بإظهار الصورة التي يريد الحكام الجدد أن تكون عليها البلاد.
إعداد: سهيلة التاور
كشفت معلومات من مصادر تركية، نقلها الإعلام الأجنبي، عن تقديم الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد تفاصيل لإسرائيل عن «مواقع مستودعات أسلحته وأنظمة الصواريخ، في مقابل السماح له بالفرار من سوريا، ما ساعد الجيش الإسرائيلي على إطلاق غارات جوية».
وزعم التقرير الذي أورد المعلومات أن الرئيس السوري السابق بشار الأسد سلم أسرارا عسكرية وتفاصيل واسعة عن أصول عالية القيمة إلى إسرائيل، لضمان مروره الآمن خارج البلاد.
ويُزعم أن الأسد، الذي أطاحت به فصائل مسلحة في وقت سابق من هذا الشهر، قدم مواقع مخزونات الأسلحة ومواقع إطلاق الصواريخ والقواعد العسكرية والبنية التحتية الرئيسية الأخرى لقوات الحكومة السورية إلى مسؤولين إسرائيليين.
في المقابل، وافق جيش الدفاع الإسرائيلي على ضمان عدم تعرض طائرة الأسد الرئاسية للتهديد، أثناء توجهها إلى قاعدة حميميم الجوية الروسية بالقرب من اللاذقية. ثم فر من البلاد في وقت لاحق على متن طائرة عسكرية روسية، عندما ادعت جماعة «هيئة تحرير الشام» المسلحة السيطرة على دمشق.
بعد ساعات من هبوط الأسد في موسكو، شنت إسرائيل حملة قصف واسعة النطاق، وجهت ضربات دقيقة على مئات الأهداف العسكرية السورية.
تم تقديم الادعاءات المذهلة، حول الفعل الجبان الأخير للأسد من قبل الصحافي التركي البارز عبد القادر سيلفي، الذي زعم في عمود لصحيفة «حريت» التركية، أن «مصدرا موثوقا به» قدم تفاصيل عن اتصالات الأسد مع إسرائيل.
وفي مشاهد صادمة لدوي الانفجارات وتصاعد عصف النيران، أغارت إسرائيل على مواقع كثيرة في سوريا وتمكنت بدقة عالية من استهداف معدات وأسلحة ثقيلة للجيش السوري، كان آخرها وعلى مدى أكثر من 8 ساعات قصف لمدينة طرطوس على الساحل السوري. فيما سجل ما يشبه الزلزال بحجم 3 درجات جراء القصف الذي هز كافة أرجاء المنطقة.
صواريخ تستخدم لأول مرة
أوضح المرصد السوري لحقوق الإنسان أن «الطيران الحربي الإسرائيلي شن غارات على مواقع عدة، بينها وحدات للدفاع الجوي و«مستودعات صواريخ أرض- أرض»»، واصفا إياها بأنها «الضربات الأعنف في منطقة الساحل السوري منذ بدء الغارات في 2012».
بدوره، أكد ضابط سابق في الجيش السوري يعيش في طرطوس أن المدينة تعرضت «لأول مرة لقصف جوي إسرائيلي كبير، حول ليلها نهارا جراء الانفجارات العنيفة». فيما وثقت صور وفيديوهات من عين المكان حجم تلك الغارات التي فاق عددها العشر، وحولت ليل المدينة نهارا.
إلى ذلك، أضاف الضابط، الذي لم يكشف عن اسمه، أن «إسرائيل استخدمت صواريخ ربما تستخدم لأول مرة في القصف على الأراضي السورية، حيث سمع دوي انفجارات لمسافات تتجاوز عشرات الكيلومترات، باعتبار أن المواقع العسكرية هي في مناطق جبلية، واستهدفت بهذه النوعية من الصواريخ لتدمير الأسلحة التي هي داخل الكهوف».
تدمير 85 بالمائة من معدات الجيش السوري
رجح اللواء كمال الموسى، مدير السجلات العسكرية والتعبئة والمراسم السورية سابقا، في تصريحات أن تكون الضربات الإسرائيلية الأخيرة دمرت 85 بالمائة من المعدات العسكرية للجيش السوري.
ومنذ سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد وفراره إلى روسيا في الثامن من دجنبر الحالي، شنت إسرائيل أكثر من 500 غارة على مناطق مختلفة في سوريا، بغية تفكيك قدرات الجيش والقوات المسلحة، حسب ما أكد عدة مسؤولين إسرائيليين سابقا.
وزعمت إسرائيل أن غاراتها وتحركاتها على الحدود أيضا، وتوغلها داخل «المنطقة المنزوعة السلاح» التي تم إنشاؤها بموجب اتفاق فض الاشتباك بعد حرب 1973، وسيطرتها على الجانب السوري من جبل الشيخ الاستراتيجي المطل على دمشق، تهدف إلى حماية أمنها.
توغل إسرائيلي جديد
ميدانيا، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بتوغل القوات الإسرائيلية بعمق تسعة كيلومترات داخل ريف درعا في جنوب سوريا.
وقال المرصد، الذي يوثق الأحداث في سوريا، إن «القوات الإسرائيلية دخلت قرية كويا وسد الوحدة التاريخي القريب من الحدود السورية- الأردنية، وتمركزت في مواقع استراتيجية، بعد تحذيرات للسكان بتسليم السلاح في المنطقة».
وأشار المرصد إلى أن «القوات الإسرائيلية فتشت ثكنة عسكرية لقوات النظام السابق في محيط قرية المقرز، القريبة من قرية صيدا، بحثا عن أسلحة وذخائر، بعد أن أطلقت النار في الهواء لمنع اقتراب أي شخص من مواقع التفتيش».
وقال رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري، إن «التوغل الإسرائيلي يأتي في إطار محاولة قضم المزيد من الأراضي السورية، وإنشاء منطقة عازلة داخلها، تحت ذرائع تأمين أمن إسرائيل».
يأتي ذلك في ما قال بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، إن «القوات الإسرائيلية ستبقى على قمة جبل الشيخ، حتى يتم التوصل إلى ترتيب آخر يضمن أمن إسرائيل».
وأدلى نتنياهو بهذه التصريحات، الثلاثاء الماضي، من قمة جبل الشيخ التي تقع على الجانب السوري من الحدود.
وقال يسرائيل كاتس، وزير الدفاع الإسرائيلي، إنه زار مع نتنياهو لأول مرة قمة جبل الشيخ منذ انتشار القوات الإسرائيلية فيها، في أعقاب سقوط حكم الأسد.
وقال كاتس في بيان: «سنبقى هنا ما دام ذلك ضروريا… إن وجودنا هنا في قمة الشيخ يعزز الأمن ويضيف أيضا بعدا للمراقبة والردع لمعاقل حزب الله في سهل البقاع اللبناني، فضلا عن الردع ضد المعارضين في دمشق، الذين يدعون أنهم يمثلون وجها معتدلا، وفي الواقع هم أعضاء في التيارات الأكثر تطرفا».
وتقول الولايات المتحدة إن لإسرائيل «الحق في الدفاع عن نفسها ضد التهديدات المحتملة، جراء فراغ السلطة في المنطقة».
سوريا ليست أفغانستان
أعلن أحمد الشرع، مدير الإدارة العسكرية في سوريا، أن البلاد منهكة من الحرب ولا تشكل تهديدا لجيرانها أو للغرب.
ودعا الشرع إلى رفع العقوبات المفروضة على سوريا. وقال إنه يجب شطب هيئة تحرير الشام من قائمة المنظمات الإرهابية، بحسب تصنيف الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة. وبدأت هيئة تحرير الشام كجماعة منشقة عن تنظيم القاعدة، وانفصلت عن الأخير عام 2016.
وأكد الشرع أن هيئة تحرير الشام ليست جماعة إرهابية. وقال إنهم لم يستهدفوا المدنيين أو المناطق المدنية. وفي الواقع، اعتبروا أنفسهم ضحية لجرائم نظام الأسد. وأشار إلى أن الضحايا لا ينبغي أن يعاملوا بنفس طريقة التعامل مع الظالمين.
ونفى الشرع أنه يريد تحويل سوريا إلى نسخة من أفغانستان. وقال إن البلدين مختلفان للغاية، ولديهما تقاليد مختلفة، باعتبار أن أفغانستان مجتمع قبلي. وأوضح أن سوريا لديها عقلية مختلفة، مؤكدا أنه يؤمن بتعليم النساء.
رفع العقوبات مشروط
قال جان نويل بارو، وزير الخارجية الفرنسي، أول أمس الأربعاء، إن رفع العقوبات عن سوريا وتقديم مساعدات إعادة الإعمار لها يجب أن يتوقفا على التزامات سياسية وأمنية واضحة من جانب الإدارة السورية الجديدة.
وأضاف الوزير في كلمة أمام البرلمان أن فرنسا ستستضيف اجتماعا دوليا حول سوريا، خلال الشهر المقبل. وسيأتي اجتماع يناير استكمالا لاجتماع عُقد في الأردن، الأسبوع الماضي، شاركت فيه تركيا ودول عربية وغربية.
ولم يتبين بعد ما إذا كان السوريون سيشاركون في اجتماع فرنسا، أو ما هو الهدف المحدد منه.
وأوفدت فرنسا إلى العاصمة السورية فريقا دبلوماسيا، أجرى محادثات مع ممثل عينته الحكومة الانتقالية السورية.
وقال وزير الخارجية الفرنسي إن الفريق الدبلوماسي لاحظ إشارات إيجابية من الحكومة الانتقالية السورية، مضيفا أن فرنسا «لن تعتبر كلماتهم معيارا للحكم، بل ستقيمهم بناء على أفعالهم، مع مرور الوقت».
تجنب مصير طالبان
دعا أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأمريكي، أول أمس الأربعاء، هيئة تحرير الشام التي أسقطت حكم بشار الأسد وتولت السلطة في سوريا، إلى «الوفاء بوعودها بالاعتدال»، إذا كانت تريد تجنب عزلة مثل تلك المفروضة على حركة طالبان الأفغانية.
وقال بلينكن في مداخلة، ألقاها أمام مركز «كاونسل أون فورين ريليشنز» للبحوث في نيويورك، إن حركة طالبان أظهرت وجها أكثر اعتدالا، أو على الأقل حاولت ذلك، عندما سيطرت على أفغانستان، ثم «ظهر وجهها الحقيقي. وكانت النتيجة أنها بقيت معزولة إلى حد كبير» على الصعيد الدولي، على حد تعبيره.
وأضاف بلينكن أنه إذا لم ترد هيئة تحرير الشام «هذه العزلة»، فينبغي عليها القيام بأمور لدفع «البلاد إلى الأمام».
وما زالت هيئة تحرير الشام، التي فكّت ارتباطها مع تنظيم القاعدة عام 2016، مدرجة في قائمة المنظمات «الإرهابية» لعواصم غربية عدة، سيما واشنطن.
ودعا بلينكن كذلك إلى تشكيل حكومة سورية «غير طائفية» تحمي الأقليات وتعالج المخاوف الأمنية، بما في ذلك مواصلة القتال ضد تنظيم الدولة، وإزالة مخزونات الأسلحة الكيميائية المتبقية.
وقال بلينكن إن هيئة تحرير الشام يمكنها أن تتعلم دروسا من الأسد بشأن ضرورة التوصل إلى تسوية سياسية مع الجماعات الأخرى، مشيرا إلى أن «رفض الأسد المطلق الانخراط في أي شكل من العملية السياسية، هو أحد الأشياء التي أدت إلى سقوطه».
يُذكر أن حركة طالبان عادت إلى السلطة عام 2021، بعد وقت قصير من انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان. ولم تعترف أي دولة بطالبان كحكومة شرعية، رغم أن الصين والإمارات قبلتا أوراق اعتماد السفيرين، اللذين عينتهما طالبان.
دعوات لانتخابات حرة وعادلة
دعا غير بيدرسون، المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، إلى تنظيم انتخابات «حرة وعادلة»، بعد الفترة الانتقالية للحكومة السورية المؤقتة.
وقال بيدرسون، في حديث لصحافيين في دمشق: «نرى الآن بداية جديدة لسوريا التي ستتبنى دستورا جديدا، يضمن أن يكون بمثابة عقد اجتماعي جديد لجميع السوريين، وأننا سنشهد انتخابات حرة ونزيهة عندما يحين ذلك الوقت، بعد الفترة الانتقالية».
وقال المبعوث الأممي إن هناك «حاجة إلى مساعدة إنسانية فورية» لسوريا، تمهيدا لـ«التعافي الاقتصادي»، مضيفا أنه يأمل أن يرى «بداية عملية تنهي العقوبات».
ونوه بيدرسون إلى أن «بعض المناطق السورية ما زالت تشهد تحديات»، قائلا إنه يأمل بـ«حل سياسي» مع الإدارة الذاتية الكردية في شمال شرق البلاد.
وفي هذا السياق، دعا هادي البحرة، رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، أول أمس الأربعاء، إلى تشكيل حكومة انتقالية شاملة لكل مكونات الشعب، وبعيدة عن الطائفية.
وقال البحرة من إسطنبول إن الحكومة الانتقالية يجب أن تكون ذات مصداقية، ولا تقصي أي طرف، أو تقوم على أساس طائفي.
وفي وقت سابق، قال البحرة لـ«رويترز» إن البلاد يجب أن تشهد فترة انتقالية مدتها 18 شهرا؛ لتوفير «بيئة آمنة ومحايدة وهادئة» تضمن إجراء انتخابات حرة، مشيرا إلى أنه «يتعين وضع مسودة دستور خلال ستة أشهر، ستكون أول انتخابات تجرى بموجبه استفتاء عليه».