شوف تشوف

شوف تشوف

إيخ من السياسة

 

 

في الوقت الذي تنشط فيه شبيبة حزب العدالة والتنمية وتنظم اللقاءات والجامعات الصيفية ويشارك أعضاؤها في النقاشات الداخلية للحزب ويحاورون وينتقدون قادتهم بكل حرية لا نكاد نرى حركة لبقية الشبيبات الحزبية، ومن يتحرك منهم لا يتعدى نشاطه الاختباء خلف شاشة هاتفه وكيل السب والشتائم في الفيسبوك للصحافة التي تنتقد قياداتهم.

بعض المحسوبين على شبيبة إدريس لشكر اكتشفوا هذه الأيام أن مهمتهم هي الدفاع عن رئيس تعاضدية الموظفين بعدما نشرنا سلسلة مقالات حول طريقة صرفه لأموال الموظفين، فقد ولى زمن الشبيبة الاتحادية كما عرفناها في زمن ويحمان وحفيظ والساسي عندما كانت “النشرة” جريدة الشبيبة تزلزل عندما تصدر أركان الحزب قبل الدولة، وها قد حل زمن تقزمت فيه الشبيبة إلى درجة أصبحت قيادتها مطية لكل من هب ودب.

واليوم أصبح منتهى طموح شبيبة لشكر هو مقايضة بقائهم إلى جانبه بمنصب في واحدة من الوزارات أو المؤسسات التي لدى لشكر فيها “معارف”.

والواقع أن هناك وجوها حزبية شابة انقرضت من الساحة مع انقطاع بزولة الريع البرلماني، وهذا يعني أن هذه الأحزاب تتعهد الشباب بالريع واللوائح وليس بالمبادئ والقناعات، ما يطرح ضرورة إلغاء نظام اللائحة الوطنية، لأن تجربة ولاية برلمانية أثبتت فشله في إنتاج نخب حزبية شابة، لأن الهدف الذي كان وراء إحداث لائحة خاصة بالشباب إلى جانب النساء، هو إدماج الشباب في العمل السياسي، لكن العكس هو ما حدث، فأغلب الشباب الذين استفادوا من “ريع” اللائحة الوطنية خلال الولاية البرلمانية السابقة ابتعدوا عن السياسة وعن أحزابهم.

وبتصفح لائحة المستفيدين من مقاعد اللائحة الوطنية للنساء والشباب، يظهر أن الأحزاب وظفت اللائحة بشكل سلبي، باعتماد معايير الزبونية والمحسوبية والقرابة العائلية في إعداد لوائح المترشحين، وبرز ذلك في الغياب السياسي والبرلماني لهؤلاء، لأن هناك منهم من بات وأصبح برلمانيا، وهناك من يعتبر البرلمان مجرد مجال للاستفادة من الامتيازات والسفريات وليس تكليفا بمهمة، وبمجرد انقطاع “بزولة” البرلمان طلقوا السياسة وابتعدوا عن العمل الحزبي.

ومن يذكر يونس السكوري مثلا، الذي تخلى عن “البام” بعد انتهاء ريع البرلمان وقدم استقالته من منصب المدير المركزي للحزب بطريق زعير، ووضع الحزب وراء ظهره وتفرغ لإنشاء مكتب دراسات والتكوين معتزلا حزب الجرار، خصوصا بعد انهيار حلمه بتولي منصب وزاري بعد سقطة “البام” في الانتخابات التشريعية الأخيرة.

ومن يذكر سمير بلفقيه الأستاذ الجامعي بالقنيطرة الذي كان يقدم نفسه خبيرا في قضايا التعليم ومثل حزب “الجرار” في المجلس الأعلى للتربية والتكوين واستفاد من ريع البرلمان عن لائحة الشباب، قبل أن يتحول إلى مناضل شبح بعد تبخر حلمه بتولي وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، فأصبح كل طموحه أن يصبح عضوا في ديوان صديقه سعيد أمزازي وزير التربية الوطنية والتعليم العالي، رغم أن حزبه في المعارضة.

ومن يذكر المهدي بنسعيد، مدلل إلياس العماري الذي كان يتغنى به هو وغيره كأنهم اكتشفوا معدنا نادرا، والذي وضعه “البام” كرئيس للجنة الخارجية بمجلس النواب رغم أنه لا يملك أي مؤهلات أو تجربة دبلوماسية، وعلى خلاف كل برلمانات العالم الذي تحظى فيه لجنة الخارجية بمكانة خاصة لا يرأسها سوى ذوي الأوزان الثقيلة في الحياة السياسية نجح ابن الثلاثين سنة في أن يرأس أهم لجنة بمجلس النواب بسبب ضغوطات إلياس العماري، لكن الشاب بنسعيد، وبعد فشله في الحصول على المقعد البرلماني لولاية ثانية، وضع مسافة كبيرة مع الحزب للتفرغ لتدبير مقاهيه في أكدال وحي الرياض بالرباط، وفشل في الحصول على مقعد بالمكتب السياسي، بعدما “تكردع” في انتخابات المجلس الوطني، بسبب إسقاط اسمه من اللائحة التي وزعها “الخياط الفيلسوف” في الكواليس.

أما خريجو مدرسة “اتحاد لشكر”، فقد ابتعدوا كلهم عن الحزب بمجرد انتهاء ولايتهم البرلمانية، فالشباب الثلاثة، الذين استفادوا من “ريع” اللائحة، هم المهدي المزواري، وعلي اليازغي، نجل الوزير السابق، محمد اليازغي، الذي ابتعد عن الحزب والعمل السياسي، بعد فشل محاولته تأسيس حزب جديد لقيادته، وكذلك حسن طارق، الذي تطوع للدفاع عن بنكيران وحزب العدالة والتنمية، بعد تلقيه وعود بالحصول على منصب وزاري، وما زال ينتظر مكافأة بالحصول على منصب سامي بإحدى الجامعات.

أما عبد الله الصيباري فهو يشكل نموذجا للشاب الذي يدور مع مصالحه، فهو الذي يجلس في مكان مرت منه أسماء كبيرة على رأس الشبيبة الاتحادية، إذ تحول من عون يقوم بنظام السخرة للوزير جمال أغماني، الذي كان يحسبه على خدام بيت الوزير إلى مستشار رئيس مجلس النواب الحبيب المالكي، وقدم استقالته من رئاسة الشبيبة بعد طرده من إدارة فريق الحزب بمجلس النواب، ومنعه من طرف الأمن من دخول البرلمان بسبب انتهاء عقدة وقعها معه إدريس لشكر خلال رئاسته للفريق البرلماني، فقد أصبح يأمر وينهى في عهد المالكي وهو بالكاد حصل على الإجازة بمشقة الأنفس، وهو مستعد للقيام بأي شيء في سبيل إرضاء “عمي دريس” و”عمي لحبيب” كما يناديهما.

طبعا لشكر كان ضروريا أن يبحث لهذا الشاب عن مكان عمل للتغطية على حرمانه من الاستفادة من لائحة الشباب التي منح أحد مقاعدها للمحامي إمام شقران رئيس الفريق الحالي، فيما تم حرمان المحامي الطاهر أبو زيد والشاب كمال الهشومي الذي تم تعويضه برئاسة ديوان الحبيب المالكي.

في المقابل وزع لشكر باقي شباب الاتحاد على الدواوين، وفي مقدمتهم ابنه حسن لشكر الذي حصل على الإجازة في القانون ووضعه في منصب رئيس ديوان محمد بنعبد القادر وزير الوظيفة العمومية.

أما بالنسبة لحزب الاستقلال، فقد حصل على أربعة مقاعد في اللائحة الوطنية للشباب في الولاية البرلمانية السابقة، اقتسمها “شيوخ” الشبيبة الاستقلالية في ما بينهم، ومنهم عبد القادر الكيحل، وعادل بنحمزة، اللذين وضعهما عباس الفاسي، وكانت حصيلتهما خلال الولاية الحالية هي تفرغهما لاستكمال دراستهما الجامعية، والحصول على صفة “دكتور”، بالإضافة إلى عادل تشيكيطو، الذي كل ما قام به هو إركاب شباط فوق حصان وإدخاله قاعة مخصصة لتجمع انتخابي.

وهكذا انتهى كل من الكيحل وبنحمزة من الحزب والبرلمان بمجرد فطمهما من بزولة الريع، الأول تفرغ لمنصبه الذي حصل عليه بكلية الحقوق بسلا، في صفقة عقدت بالتزامن مع مؤتمر الإطاحة بشباط من قيادة حزب الاستقلال، والثاني رفض العودة إلى منصبه الأصلي بالوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات “لانابيك” ويبحث عن منصب للمسؤولية بوزارة الشباب والرياضة.

وأين هي البرلمانية الشابة السابقة مونية غلام التي تبخرت من الحزب والبرلمان قبل أن تعود إلى الفريق الاستقلالي ولكن من نافذة التوظيف بالتعاقد بأجرة كبيرة تفوق تعويضات البرلماني.

أما تشيكيطو فقد انتهى منسيا في أزقة تمارة، وعاد إلى عمله بجريدة العلم لا يكتب رأيا ولا مقالا تحت إمرة بالون آخر اسمه البقالي، الذي لم يستطع المحافظة على مقعده البرلماني بالعرائش، كما لم يستطع الصمود أمام موجة التغيير التي ضربت مقر الحزب بباب الحد، ففشل في انتخابات اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال خلال المؤتمر الأخير.

وفِي الوقت الذي نرى فيه كيف أن الشباب هو من يقود الحكومات في أوربا ويصرخ في البرلمانات، نقرأ بكل أسف في التقارير الرسمية أن نسبة واحدا بالمائة من الشباب المغربي وحدها تهتم بالسياسة.

عندما نرى هذه النماذج من الشباب الحزبي التي استفادت من الريع السياسي والتي بمجرد ما تم فطمها انقرضت من الساحة، نفهم لماذا يئس الشباب المغربي من السياسة وأصبح يقول “إيخ من السياسة وما يجي منها”.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى