شوف تشوف

شوف تشوف

إلياسبوتين 3.1

 

 

 

في دولة تحترم قوانينها ودستورها لا يمكن أن يمر الاتهام الخطير الذي وجهه المحامي إسحاق شارية لرئيس جهة طنجة تطوان والأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة إلياس العماري دون أن تحسم فيه العدالة.

والتهمة كما جاءت على لسان المحامي أمام هيئة المحكمة وأكدها في ما بعد في تصريحات صحفية هي أن الأمين العام لثاني حزب في المغرب ورئيس جهة طنجة تطوان ظل، حسب ما أسر إليه به ناصر الزفزافي، يحرض نشطاء الحراك بالريف على رفع سقف مطالبهم وذلك في إطار مخطط للانقلاب على الملكية.

عناصر الفرقة الوطنية من جانبها تحركت نحو المركب السجني عكاشة للبحث مع ناصر الزفزافي حول هذا الادعاء فرفض هذا الأخير الحديث معها بحجة أنها خصم وليست طرفا محايدا.

بعد ذلك سمعنا محام آخر وهو محمد زيان يذهب أبعد من المحامي إسحاق شارية ويقول في حوار إن إلياس العماري كان يدفع نشطاء الحراك في اتجاه المطالبة باستفتاء، وهو ما يستدعي فتح تحقيق معمق مع هذين الأستاذين حول تصريحاتهما لخطورتها، في حالة تأكيدها أو نفيها، على استقرار المملكة.

فتهمة التآمر على الملكية باستغلال حراك شعبي ذي مطالب اجتماعية وتهمة الدفع في اتجاه المطالبة باستفتاء لانفصال الريف عن الرباط، ليست تهما بسيطة بل إنها تهم تصل عقوبتها في القانون الجنائي المغربي حد الإعدام، خصوصا أن “المتهم” لم يترك بلدا يطالب بالاستقلال عن السلطة المركزية إلا وزاره، فقد ذهب إلى كردستان وجالس البرزاني ولبس لباس الأكراد التقليدي، وذهب إلى كطالونيا وحمل راية الجمهورية الكطلانية.

اليوم نسمع أن المحامي إسحاق شارية قرر تعليق ترافعه عن معتقلي حراك الريف، وسمعنا أن الزفزافي لم ينف ولم يؤكد اتهامه لإلياس العماري لتحريضه على الانقلاب على الملك، لكن هذا لا يمنع من دفع التحقيق نحو مداه لمعرفة خلفيات هذا الخروج المزلزل لأعضاء في دفاع معتقلي الحراك.

فإما أن الزفزافي فعلا متشبث باتهامه لإلياس العماري بتحريضه للانقلاب على الملك وعليه يجب فتح تحقيق معه حول جريمة عدم التبليغ عن جناية التآمر ضد الدولة، وأيضا مع إلياس العماري ومتابعته في حالة ثبوت التهمة عليه بتهمة التحريض على المس بأمن الدولة الداخلي، وإما أن القصة كلها مختلقة من طرف المحاميين شارية وزيان، وبالتالي يجب فصلهما من هيئة المحامين ومتابعتهما بمحاولة تضليل العدالة ونشر أخبار زائفة بسوء نية والمس بالنظام للعام.

وعلى كل حال فهناك تحقيق معلق كان يجب أن يفتح مع إلياس العماري في أكثر من مناسبة حول تصريحات خطيرة منسوبة إليه لكنه لم يفتح أبدا، لا معه ولا مع من نشرها باسمه.

أخطرها ما كان قد نشره موقع “الأول” الذي ادعى أن لقاء جمع بين إلياس العماري ومجموعة من الشباب خريجي المدارس العليا في المغرب وفرنسا، بمنزل خديجة الرويسي، السفيرة الحالية في الدانمارك، وكان من الحاضرين الناشط الأمازيغي أحمد عصيد، والكاتب اليساري جواد بنعيسى، والفاعلة الجمعوية فوزية العسالي، والناشطة بحركة عشرين فبراير وداد ملحاف، بالإضافة إلى إلياس العماري الذي كان حينها نائبا للأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة.

وحسب موقع “الأول” فالنقاش كان عاديا إلى أن تدخل إلياس العماري وقال “لا يجب المراهنة على الملكية في محاربة الإسلام السياسي في المغرب، الملكية لا تراعي إلا مصالحها الخاصة وإذا اكتسح الإسلاميون الانتخابات المقبلة فليس مستبعدا أن يفرض الملك محمد السادس ارتداء الحجاب على زوجته لالة سلمى”.

ورغم خطورة الكلام فإن النيابة العامة، التي كانت خلال النشر بيد وزير العدل المصطفى الرميد، لم تحرك ساكنا لاستجواب الناشر حول ما نشر ولا استدعاء القائل لمساءلته حول حشره الملك وزوجته في نقاش سياسي بكل تلك الفجاجة.

وليس هذا فحسب، بل إن مقربين من إلياس العماري قالوا إنه أخبرهم مهددا بأنه إذا فتح فمه وتكلم فإن كثيرا من المسؤولين سيجمعون حقائبهم وسيغادرون المغرب، دون الحديث طبعا عن التدوينات المهددة التي نشرها في صفحته بالفيسبوك والتي يتوعد فيها من يريدون التنصل منه بعدما قضوا به مآربهم أنه لن يسكت وسيحكي في مذكراته، التي سيكتبها له صديقه اليساري عندما سيتفرغ، ما كان يروج في الليالي التي كان يحضرها.

وتحكي إحدى المقربات منه، المؤتمنات على أسراره، وبعض ممتلكاته العقارية، أنها سمعت داخل الحزب زعيمها يقول إن مهمة حكم المغرب سوف تؤول لهم عندما سيضعون يدهم على رئاسة الحكومة وأن الجالس على العرش سيفوض لهم تطبيق الملكية البرلمانية لكي يمارسوا صلاحيات واسعة في الحكم.

أما سخريته من دستور المملكة فقد سارت بذكرها الركبان وقد صرح بذلك علانية لمجلة تيل كيل عندما قال إن الذي كتب الدستور مصاب بالإسهال وأنك ملزم لقراءته بأخذ سيارة أجرة بسبب طوله.

وإذا أردنا أن نبحث عن الوقائع التي تؤكد ما قاله المحامي إسحاق شارية بخصوص تحريض إلياس على النظام فلن نعدم الأمثلة.

والجميع يتذكر المناظرة المخصصة لمناقشة أحداث الريف، التي دعا العماري إلى تنظيمها خلال شهر رمضان الأخير،  والتي منح فيها الكلمة لأشخاص وجهوا اتهامات خطيرة للدولة والنظام الملكي من منصة المناظرة، من بينهم عضوة في حزب الأصالة والمعاصرة، تنحدر من الأقاليم الصحراوية، التي اتهمت النظام بكونه يستأسد على المواطنين العزل، فيما يقبل بوجود الاستعمار الإسباني فوق أراضيه في سبتة ومليلية وجزر الكناري، كما صعد إلى المنصة ناشط من مدينة الحسيمة وهو يحمل علم “جمهورية الريف”، ووجه انتقادات للنظام الملكي، معتبرا تواجد السلطة بمنطقة الريف بأنه “احتلال”، داعيا سكان المنطقة إلى الانتفاضة لإسقاط النظام السياسي وتحرير منطقة الريف، متوعدا بعودة الأمازيغ إلى هذه المناطق بعد تحريرها، لبناء نظام حكم سياسي جديد.

والحقيقة أنني دائما ما كنت أَجِد تشابها في بعض الجوانب بين شخصية إلياس العماري الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة ورئيس جهة طنجة تطوان، وشخصية راسبوتينغ.

وللذين يجهلون من يكون راسبوتينغ فالرجل كان مجرد فلاح بسيط في سيبيريا، فإذا به رغم أميته يتحول إلى شخص مقدس وسط الجهلة من الفلاحين بسبب إتيانه لأفعال غريبة.

نجح راسبوتينغ بعد الانتقال إلى مدينة سانت بطرسبرغ في الدخول إلى القصر الملكي، وأنقذ الابن الأكبر للقيصر نيقولا الثاني من مرض غريب حار فيه الأطباء.

كان راسبوتينغ منعدم الأخلاق دائما ما يشاهد مترنحاً من السكر، مهاجما الجميع في البلاط القيصري دون اعتبار لأحد، ولذلك أطلق عليه لقب راسبوتينغ، أي الفاجر بالروسية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى