الأخبار
أكدت مصادر جد مطلعة لـ «الأخبار»، أن ثلاثة منتخبين كبار بإقليم سيدي قاسم، ضمنهم برلماني، تم منعهم منتصف الأسبوع الجاري من مغادرة التراب الوطني، بعدما اختار إثنان من المجموعة، السفر خارج أرض الوطن عبر ميناء طنجة المتوسطي، في حين فضل المنتخب الثالث السفر عبر مطار الرباط – سلا الدولي، حيث تفاجأ هؤلاء المنتخبون (برلماني ورئيس مجلس إقليمي ورئيس مجلس جماعي)، بصدور قرار إغلاق الحدود في وجوههم، على خلفية التحقيقات التي تباشرها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء مع عدد من المسؤولين الذين تربطهم صلة بما بات يعرف بفضيحة تحويل مركب اجتماعي أنجز من المال العام إلى فندق مصنف، تم تمريره لفائدة الخواص بسومة كرائية هزيلة، وهو الملف الذي انفردت جريدة «الأخبار» بالكشف عن ملابساته.
وأضافت المصادر ذاتها، أن المنتخبين الثلاثة «الممنوعين من السفر» خارج أرض الوطن، كان يرتقب الاستماع إليهم يوم الثلاثاء المنصرم، من طرف عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء، بتعليمات مباشرة من الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، غير أنه لحدود الساعة لم يتم الاستماع إليهم، بسبب تخلفهم عن تلبية الاستدعاءات الموجهة إليهم من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، في وقت أكدت مصادر «الأخبار»، أن عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية حلت منتصف هذا الأسبوع، بمقر عمالة إقليم سيدي قاسم، من أجل الاستماع لمسؤول رفيع، غير أن هذا الأخير، تغيب ذلك اليوم عن الحضور للعمالة، وتم إشعار المحققين من طرف مسؤول بالعمالة بغياب المعني بالأمر، في وقت استمعت عناصر الفرقة الوطنية بمقر المنطقة الإقليمية للأمن لبعض المسؤولين، الذين تم تدوين إفاداتهم بمحاضر رسمية، كما جرى استدعاء عضو بالمجلس الجماعي الحالي، لتضمين تصريحاته بمحضر رسمي، سبق أن وضع شكاية مباشرة لدى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، بقسم جرائم الأموال، تحمل عدد 16/3123/2024، موضوعها: تكوين عصابة إجرامية والتزوير في محررات رسمية واستعمالها وتبديد أموال عمومية والمشاركة، وسط ترقب متتبعين في أن يتم تجديد الاستدعاء للمنتخبين الثلاثة «الممنوعين من السفر»، في أفق إجراء مواجهة بين أطراف الملف، لتقرير الجزاءات القانونية.
يأتي ذلك بعدما سبق لعناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، وبتعليمات من الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، أن باشرت إجراء الاستماع لكل من المسؤول بالوكالة الحضرية للتعمير بملحقة سيدي قاسم، وكذا لمسؤول بالوكالة الحضرية للتعمير بالقنيطرة، ولإطار بإدارة أملاك الدولة، مثلما جرى استدعاء المندوب الإقليمي لمؤسسة التعاون الوطني لمقر الفرقة الوطنية بالدار البيضاء، للاستماع لأقواله، والذي بات يروج بمحيطه بعد عودته من مقر الفرقة الوطنية، بأن «الأمر عادي جدا ولا يدعو للقلق» وأن إجراءات تفويت المرفق سليمة من الناحية القانونية، متناسيا أن القضاء هو الجهة الوحيدة المخول لها الحق في تحديد مدى قانونية مساطر تفويت مركب اجتماعي تم بناؤه بملايين الدراهم من المال العام لفائدة الخواص بسومة كرائية تحومها العديد من التساؤلات والشبهات، حيث يرجع استدعاء مندوب التعاون الوطني، بسبب كون المشروع موضوع التحقيقات القضائية، يتعلق ببناء مركب اجتماعي رصد له غلاف مالي من المال العام بلغت قيمته 15500000.00 درهم، أَنْجَزَت بشأنه مديرية أملاك الدولة -الملك الخاص-، بتاريخ 30 يونيو 2011، عقد كراء لفائدة مؤسسة التعاون الوطني، وأكرت بموجبه القطعة الأرضية مساحتها 5268 مترا مربعا التابعة للرسم العقاري عدد 515/ر لمدة عشر سنوات، تنتهي عند متم سنة 2020، قابلة للتجديد التلقائي، في حين كانت اتفاقية الشراكة عدد 112/P/2016، حول اشغال بناء وتجهيز مركز الاستقبال والتكوين المستمر بسيدي قاسم، تندرج ضمن إطار برنامج محاربة الفقر والهشاشة والاقصاء الاجتماعي والتهميش، وهي الاتفاقية الموقع عليها من والي جهة الرباط بصفته رئيسا للجنة الجهوية للتنمية البشرية، وعامل إقليم سيدي قاسم، بصفته رئيسا للجنة الإقليمية للتنمية البشرية، ورئيس مجلس جهة الرباط.
جدير بالذكر، أن المركب الاجتماعي، عبارة عن مركز للاستقبال والتكوين المستمر وحماية الطفولة، تم بناؤه من مالية المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، قبل أن يتم تفويته لفائدة الخواص، الذين تمكنوا في ظروف «غامضة» من تحويله إلى فندق مصنف لفائدة العموم من فئة أربعة نجوم، يحمل اسم فندق بناصا، لفائدة شركة «بناصا سنتر» ذات السجل التجاري عدد 61453، والذي تتم الدعاية له عبر موقع BOOKING على الأنترنيت، إذ أنجز المشروع على مساحة تفوق الهكتار ونصف، وتمت إعادة تهيئة غرف النوم التي كانت معدة للضيوف، إلى غرف متعددة خاصة تابعة للفندق الذي أطلق عليه اسم Hôtel BANASA الذي تكلف ليلة المبيت الواحدة فيه أزيد من 500 درهم، وشهد تهيئة مكان الإطعام، وتحويله إلى مطعم و مقهى بمواصفات عالية، و إعادة تهيئة المسبح الذي كان تابعا لمنصة دار الشباب وعزل كل ذلك ( الفندق والمطعم والمقهى والمسبح ) بسياج حديدي عن القاعة الكبرى.
وانصبت تحقيقات عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، على كافة الوثائق التي تخص مشروع بناء مركز الاستقبال والتكوين المستمر وحماية الطفولة بسيدي قاسم، والتدقيق في الوثائق المتعلقة بالبناية المنجزة بدون ترخيص، وبدون الحصول على الرأي الملزم للوكالة الحضرية، ناهيك عن كون ملف مشروع التهيئة المقدم للجنة الشباك الوحيد، لا يتوفر على التصاميم والتراخيص المتعلقة بالبنايات القائمة، وهي المعطيات الواردة ضمن شكاية العضو بالمجلس الجماعي، الذي اتهم المشتكى بهم بالتزوير في الوثائق الرسمية، في إشارة منه لرخصة البناء وشهادة المطابقة، حيث أشار المشتكي إلى أن رخصة البناء «الأحادية» عدد 8 سلمت بتاريخ 11/5/2023، بينما سلمت شهادة المطابقة التي تفيد بانتهاء أشغال البناء ومطابقتها للتصميم، عدد 37 بتاريخ 23/5/2023، مشيرا إلى أن عملية بناء المشروع الضخم استغرقت فقط (12) يوما، في حين إن إنجاز عقد كراء المرافق التابعة للمشروع، تم بتاريخ 10/2/2023، أي قبل الحصول على رخصة البناء والمطابقة المسلمتين بتاريخ23/5/2023 مثلما هو الأمر بالنسبة لسمسرة كراء المرفق، التي كانت تستوجب توفر بناية المشروع المراد استغلاله على شهادة المطابقة.