إعادة فتح صفقة توفر لوزارة الصحة 700 مليون
بعد سنتين من المناورات والتأجيلات، بسبب فضح اختلالات صفقة ضخمة بوزارة الصحة ظلت تحتكرها شركة لها ارتباطات خارجية بمبلغ مليار و400 مليون سنتيم، أعلنت الوزارة يوم 12 ماي الماضي، عن فتح أظرفة طلب العروض لاقتناء مستلزمات اختبار تحليلات خزان السكري، فازت به شركة بمبلغ لا يتجاوز 730 مليون سنتيم، مع منح الآلات المستعملة في التحليلات مجانا لكل المراكز الصحية.
وأوضحت المصادر، أن الوزارة خضعت لعدة ضغوطات لتمرير الصفقة للشركة التي ظلت تحتكرها منذ 15 سنة، والدليل على ذلك إلغاء الصفقة عدة مرات، قبل أن يتقرر تفويتها لشركة أخرى بمبلغ أقل بالنصف، حيث قدمت الشركة عرضا بمبلغ 730 مليون سنتيم لاقتناء 250 ألف تحليلة سنويا على مدى ثلاث سنوات، كما منحت 750 آلة لإجراء التحاليل مجانا للوزارة، ما يعني أن الدولة ربحت 700 مليون سنتيم، بالإضافة إلى الآلات التي كانت تخصص لها صفقة منفصلة وكانت تفوز بها نفس الشركة المحتكرة. وشاركت في طلب العروض 10 شركات، تم فتح أظرفة ست شركات، بعد إقصاء أربع شركات في العرض التقني، وكشفت المصادر أن هناك مناورات أخرى لإلغاء الصفقة قبل التأشير عليها من طرف الخازن المالي للوزارة.
شركات محظوظة
هناك شركات معروفة تفوز بجل الصفقات التي تعلنها وزارة الصحة، ويتم إلغاء الصفقات التي لا تفوز بها هذه الشركات، ما يضرب مبدأ المنافسة الشريفة، وسبق للوزير خالد آيت الطالب، أن وجه استفسارا حول أسباب إلغاء صفقة ضخمة تتعلق باقتناء آلات تحليلات خزان السكري، تبلغ قيمتها مليار و400 مليون سنتيم، ما حرم حوالي مليوني مواطن مغربي من إجراء تحاليل مرض السكري، وأفادت مصادر من الوزارة، أنه تم إلغاء فتح العروض المالية، بعد اجتياز المرحلة التقنية، التي شهدت منافسة بين ست شركات، تمكنت أربعة منها من اجتياز المرحلة، فيما خرجت الشركة التي ظلت تحتكر الصفقة منذ 15 سنة من المنافسة، ما جعل مسؤولين بالوزارة يتدخلون بشكل مباشر لـ«عرقلة» فتح الأظرفة المالية، ومارسوا ضغوطات لتأجيلها ثلاث مرات، قبل إلغاء الحصة رقم 52 من الصفقة رقم 13/2019/DA/CS/MDT/DM، وتخص اقتناء 250 ألف وحدة من التحليلات لتوزيعها على 250 مركزا صحيا بالمغرب، ورفضت الشركات المنافسة سحب العروض التي تقدمت بها للمشاركة في الصفقة، وقررت مراسلة مجلس المنافسة والمجلس الأعلى للحسابات بخصوص هذا الموضوع.
ولم تستبعد المصادر وجود ضغوطات لإلغاء الصفقة، وافتعال أزمة انقطاع تحليلات خزان السكري بالمراكز الصحية العمومية، من أجل تمديد استفادة الشركة المحتكرة للصفقة، والتي واجهت لأول مرة منافسة من طرف عدة شركات أخرى. وتسود تخوفات داخل الوزارة، من خضوعها لضغوطات «اللوبي» الذي ظل يحتكر الصفقة بأثمنة خيالية، حيث تم إلغاء الصفقة عدة مرات، بسبب الشروط التي فرضتها الشركة المحتكرة، حيث تم في المرة الأولى تقليص الكلفة التقديرية لهذه الصفقة من 14 مليون درهم إلى 7 ملايين و500 ألف درهم، لاقتناء 150 ألف وحدة من هذا الاختبار، بعدما فجرت «الأخبار» فضيحة هذه الصفقة، لكن المقاول صاحب الشركة التي تحتكر هذه الصفقة منذ سنوات رفض التكلفة المقترحة من طرف الوزارة، وفرض الثمن الأصلي المحدد في 14 مليون درهم، لكونه شارك لوحده في هذه الصفقة باسم علامة ألمانية معروفة، ظلت تحتكر كل الصفقات طيلة 15 سنة، ما يؤكد وجود ظاهرة احتكار الصفقات داخل الوزارة.
ورغم الاختلالات التي شابت الصفقة، خلال السنة الماضية، تم التحايل على الثمن المقترح من طرف الوزارة، حيث تم تقليص الكمية المطلوبة من 150 ألف وحدة إلى 120 ألف وحدة، مع تفويت الصفقة لنفس الشركة بكلفة تقدر ب 738 مليون سنتيم، دون احتساب نسبة 20 في المائة التي تضيفها الشركة سنويا على مبلغ الصفقة، ما يعني أن الشركة فرضت سعر البيع المقترح على الوزارة، والذي يقارب 80 درهما لكل وحدة، مع العلم أن نفس الشركة التي تفوز دائما بالصفقة، تبيع نفس المنتوج لمختبرات التحليلات الطبية الخاصة ولأطباء القطاع الخاص، بثمن أقل لا يتجاوز مبلغ 50 درهما للوحدة، وهو الثمن الحقيقي لهذا المنتوج في السوق، مع العلم أن شركات أخرى منافسة اقترحت أثمنة أقل بمبلغ لا يتجاوز 35 درهما للوحدة بجودة عالية مطابقة للمعايير الدولية، لكن يتم إقصاؤها من المشاركة في طلبات العروض، كما أن بعض الشركات اقترحت على الوزارة منحها آلات التحليلات الطبية الخاصة بمرض السكري، مجانا، مقابل اقتناء مستلزم التحليلات الطبية.
طلب عروض على المقاس
أوضحت المصادر أن مديرية الأوبئة التابعة لوزارة الصحة، تعلن سنويا عن طلب العروض الخاص بآلة التحليلات الطبية لمرض السكري «lecteur»، بحيث يتم تفصيل طلب العروض على مقاس الشركة المعلومة، حتى تفوز بهذه الصفقة، بعد إقصاء كل الشركات المنافسة، التي وجهت شكايات إلى الوزير، تطالبه بفتح تحقيق، وبعد ذلك يتم الإعلان عن طلب العروض الخاص بمستلزمات التحليلات الطبية«les reactifs» من طرف قسم التموين، مع التركيز على ضرورة مطابقة هذه المستلزمات للآلة التي تم اقتناؤها من طرف المديرية عبر طلب العروض الخاص بالآلة، وبالتالي يكون الفائز بالصفقة الأولى المتعلقة بالآلة هو نفسه الذي يفوز بالصفقة الثانية المتعلقة بالمستلزمات، لكن هذه السنة تم الإعلان عن صفقة واحدة تتضمن آلة قراءة التحليلات ومستلزمات التحليلات بنفس المبلغ المعلن عنه سابقا.