شوف تشوف

الرأيالرئيسية

إذا أكرمت اللئيم

حسن البصري

قبل أن يكتب عبد المجيد تبون كلمات التهنئة لمنتخب بلاده بعد الفوز بكأس العرب، كان اللاعب الدولي المغربي السابق عبد السلام تبون أول المهنئين للاتحاد الجزائري، عبر صفحته على «تويتر» مشيدا بالإنجاز العربي، قبل أن يختم التهنئة بعبارة «تحيا الجزائر».

تقول روايات تحتاج لتأكيد، إن عميد منتخبنا السابق اندس وسط الجزائريين المغتربين في فرنسا المحتفلين بالكأس العربية، وتقاسم معهم «سعادة» الظفر بكأس عربية، وقيل إن الهدف من التهاني لم الشمل العربي، ليتبين بعد دوران الكرة حول نفسها أن «لم» اختارت أن تصبح أداة جزم للمضارع.

تدوينة وادو كانت أكثر طولا من تدوينة رئيس الجمهورية الجزائرية عبد المجيد تبون، الذي اكتفى بما قل ودل، «مبروك يا أبطال العرب. الله يفرحكم كما فرحتونا». ويبدو أن الرئيس انتبه لمضاعفات خلطة التهاني ولم يدس فيها مسحوق السياسة كما تعود في السابق، بينما يرى بعض المحللين أن خلو تهنئة تبون من بهارات الضغينة يرجع لطبيعة الخصم التونسي، ولكون الانتصار جاء على حساب تونس البلد الذي اصطف إلى جانب حكام الجارة الشرقية، ولأن الفوز على حليف لا يفسد للود قضية.

في ما يشبه معلقات الشعر العذري يتبادل قيس وتبون رسائل الود، بل إن رئيس الجمهورية الجزائرية كان سباقا لتهنئة حليفه بفوز المنتخب الجزائري، وتبادلت بلاغات قصر قرطاج وقصر المرادية دفء مكالمة هاتفية بين الرئيسين، عبر فيها المنهزم عن سعادته بفوز الجزائر، وأثنى فيها على أداء منتخب قهر منتخب بلاده.

قال قيس إن «أهم الصور التي التقطها ليست الأهداف المسجلة بل صور الفرحة التي عمت الجماهير التونسية في نهاية اللقاء وهي ترفع العلمين التونسي والجزائري، في مشهد تاريخي يقيم الدليل على عمق الروابط الأخوية بين الشعب الواحد في تونس وفي الجزائر».

نحمد الله أن ملاعب الكرة لازالت تكشف لنا عن معدن الحكام، وتصحح في دواخلنا الكثير من الأخطاء الشائعة، التي تتحدث عن إحياء عظام الاتحاد المغاربي وهي رميم. فقد اختار قيس ليلاه بمحض إرادته وللناس في ما يعشقون مصالح.

هنأ قيس رئيس الجزائر وأثنى على الشيخ تميم بن حمد أمير دولة قطر، على التنظيم المتميز والرائع لكأس العرب وعلى “الفيفا”، لكنه نسي منتخب بلاده الذي لم ينل منه ولو سطر إشادة بالرغم من وصوله إلى النهائي وحصوله على لقب وصيف البطل.

في كثير من التهاني والأماني ضرب من تحت الحزام تارة و”تقلاز” من تحت الجلباب تارة أخرى، ومع كل تجمع عربي كروي يشيع جثمان الوحدة إلى مثواه الأخير، وتسقط آخر أحلام القومية وتحرق توصيات كتبت بالمياه العادمة.

في ملاعب الدوحة قال التوانسة للجزائريين «خاوة خاوة»، وفي ما بين الشوطين أبرموا معهم اتفاقية التشجيع المشترك، وتبادلوا الأعلام وتبين أن الشعب العربي إذا أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر المحتوم.

في كأس العرب بدا أن الناس يهتمون بتشكيل المنتخب أكثر من زحف الوباء، وأن اللقاح الأكثر فاعلية هو تلقيح شباك الخصوم بالجرعة الأولى والثانية والثالثة.

انتهى كأس العرب، لكن التحرش السياسي لن ينتهي بنهاية مسابقة، ففي الدورات الرياضية تنبت النعرات وتسقى من مجاريها العفنة، فقد شرع النظام الجزائري في غرس بذور العداء، حيث نشر الموقع الرسمي لدورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط التي ستحتضنها وهران في الصيف القادم، خريطة المملكة المغربية مبتورة، في محاولة جديدة لمزج السياسة بالرياضة.

أمام هذا الموقف العدائي، دعا بعض المتتبعين للشأن الرياضي إلى مقاطعة دورة وهران، إلا إذا استدرك المنظمون هفوة مع سبق الإصرار والترصد.

صدق الشاب خالد حين فطن لجور مسقط رأسه وغنى:

«روحي يا وهران بالسلامة القلب لي كان يبغيك أنا نكويه».

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى