محمد اليوبي :
أحالت الفرقة الجهوية للشرطة القضائية المكلفة بالجرائم المالية والاقتصادية بولاية أمن الرباط، أول أمس الخميس، النائب البرلماني عن حزب الاتحاد الاشتراكي، محمد لعسل، رفقة سبعة متهمين آخرين، على أنظار نائب الوكيل العام للملك المكلف بجرائم الأموال لدى محكمة الاستئناف بالرباط، من أجل تهمة تزوير محررات رسمية وتبديد واختلاس أموال عمومية بجماعة مشرع بلقصيري التابعة لإقليم سيدي قاسم، التي يترأسها هذا البرلماني.
وأفادت المصادر، أن الوكيل العام للملك أحال بدوره البرلماني لعسل المنتخب عن دائرة سيدي قاسم، على أنظار قاضية التحقيق بالغرفة الخامسة المكلفة بجرائم الأموال، لبنى لحلو، التي قررت مواصلة التحقيق معه رفقة باقي المتهمين، في حالة سراح، بتهم تتعلق بتزوير محررات رسمية واستعمالها وتبديد واختلاس أموال عمومية، وستشرع في التحقيق التفصيلي معهم في جلسات ستنعقد خلال شهر مارس المقبل، كما استمع نائب الوكيل العام وقاضية التحقيق للرئيس السابق لجماعة مشرع بلقصيري، عبد الرحيم نظير، بصفته مشتكيا.
وجاءت متابعه لعسل ومن معه بناء على الأبحاث والتحريات التي قامت بها الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بولاية أمن الرباط، بتعليمات من النيابة العامة المختصة، إثر توصلها بشكاية من الرئيس السابق للمجلس الجماعي بتاريخ فاتح فبراير 2023. ويتابع في هذا الملف إلى جانب البرلماني لعسل، موظف بالخزينة العامة «أ.ح» الذي يشغل حاليا منصب قابض بمدينة مكناس، بالإضافة إلى ستة موظفين بالجماعة، ويتعلق الأمر بالمهندس المتقاعد «ر.ب»، ومسؤول بمصلحة النفقات «ب.ز»، والمسؤول عن حظيرة السيارات «ع.ح»، ومسؤول مصلحة بالجماعة «ن.ك»، وكذلك تقني بالجماعة «ح.خ»، وكهربائي «ع.ح»، حيث يتابع بعضهم من أجل المشاركة في تبديد أموال عمومية.
وأفادت المصادر بأن الشكاية التي قدمها الرئيس السابق استندت على الاختلالات والخروقات التي رصدها المجلس الجهوي للحسابات بجهة الرباط سلا القنيطرة في تقريره الصادر في شهر غشت 2017، والتي شابت تسيير المجلس الجماعي لمدينة مشرع بلقصيري، خلال فترة رئاسته من طرف البرلماني لعسل، وذلك إلى غاية سنة 2009، وتتعلق هذه الاختلالات بقطاع التعمير وكذلك بأشغال صفقات فوتها المجلس لبعض المقاولات.
وأسفرت عمليات الافتحاص وكذا المعاينة الميدانية التي قام بها قضاة المجلس الجهوي للحسابات عن مجموعة من الملاحظات تخص مرحلة إعداد وإبرام تلك الصفقات وكذا مرحلة الإنجاز، من بينها إنجاز مشاريع دون تسوية الوضعية القانونية للأراضي، حيث تبين أن الجماعة لا تولي الاهتمام اللازم لموضوع تسوية الوضعية القانونية للأراضي التي همت تشييد بعض المشاريع بها، مما أدى إلى تعثر إنجاز بعض الصفقات، كما هو الحال بالنسبة للصفقة رقم 2009/01 المتعلقة ببناء فضاء للشباب، حيث صدر الأمر ببدء الأشغال بتاريخ 01 أكتوبر 2009، إلا أنه، وبعد إنجاز أشغال تسوية الأرضية ووضع الأحجار بالبلاط الأولي، تعرض أحد الأشخاص لادعائه ملكية الأرض المزمع إنجاز المشروع عليها مما أدى إلى توقف الأشغال من حينه حتى تم فسخ الصفقة بتاريخ 26 دجنبر 2011، أي بعد مرور أكثر من سنتين على تاريخ إصدار الأمر ببدء الأشغال. وبلغت قيمة الأشغال المؤدى عنها 54.810,26 درهم، كما تم بواسطة الصفقة رقم 2005/07 المشار إليها أعلاه إحداث سوق بيع الدجاج بقطعة أرضية تابعة لملك الدولة، والتي لم تتم تسوية وضعيتها القانونية من حينه.
وتضمن التقرير معطيات خطيرة تتعلق بصرف مبالغ مالية خاصة بأشغال وتوريدات لا أثر لها بأرض الواقع، كما يظهر من خلال كشف الحساب رقم 1 والأخير بتاريخ 26 يونيو 2008، كما قام رئيس المجلس في سنة 2008 بمنح بعض المخالفين لقانون التعمير قرارات بالتخلي عن المتابعة بدعوى أنهم قاموا بتسوية الوضعية، في حين أن مخالفات هؤلاء الأشخاص لا زالت قائمة لحد الساعة. وأظهرت دراسة سجلات المخالفات بمصلحة التعمير عدم استكمال الإجراءات المتعلقة بضبط مخالفات التعمير في بعض الملفات، حيث تم التخلي عن متابعة المخالفين لقانون التعمير بأمر من رئيس المجلس البلدي رغم أن الجماعة لا تتوفر على ما يفيد بإصلاح الوضع.
وأكد التقرير أن الجماعة لم تقم بالإجراءات التي تمكنها من الاطلاع على المعطيات التي تخص تنفيذ عدة مشاريع بترابها، ويتعلق الأمر بمشاريع بناء وتهيئة الشبكة الطرقية وبناء دار الشباب وإعادة تأهيل المركب الرياضي وتجهيز مركز التربية والتكوين وتجهيز وتهيئ ملعب رياضي وتقوية شارع عبد المومن وتهيئة شوارع 53 وتبليط شارع طارق بن زياد، وتهيئة شبكة الكهرباء للضغط المنخفض والمتوسط، ودراسة إعادة تأهيل شبكة التوزيع، ودراسة إعادة تأهيل وتوسعة شبكة تطهير السائل، وإنجاز شبكة تطهير السائل ومحطة الضخ وتهيئة المستعجلات الطبية للقرب وبناء إعدادية.
وكانت الغرفة الابتدائية المكلفة بجرائم الأموال لدى محكمة الاستئناف بالرباط أصدرت، أخيرا، حكما يقضي بإدانة الرئيس السابق لجماعة بلقصيري التابعة لإقليم سيدي قاسم، محمد كسوس، بسنتين حبسا نافذا، وغرامة مالية نافذة قدرها 10 آلاف درهم، وإلى جانب الرئيس السابق، الذي يشغل حاليا منصب المندوب الإقليمي لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية بإقليم سيدي سليمان، أدانت المحكمة موظفا بالجماعة بسنتين اثنتين حبسا نافذا في حدود سنة واحدة وموقوف التنفيذ في الباقي وغرامة نافذة بمبلغ 10 آلاف درهم، وكان الوكيل العام للملك تابع الرئيس السابق للجماعة والموظف من أجل «اختلاس وتبديد أموال عمومية».
وجاءت متابعة الرئيس السابق للجماعة رفقة الموظف بناء على أبحاث وتحريات قامت بها الضابطة القضائية المكلفة بجرائم الأموال حول التلاعب في صفقات فوتها عندما كان رئيسا للجماعة، كما كان الرئيس موضوع عدة شكايات موجهة إلى وزارة الداخلية تتعلق بتزوير مقرر دورة للمجلس، واستغلال النفوذ واختلاس وتبديد أموال عمومية والتزوير في محررات عمومية.