شوف تشوف

الافتتاحية

إجماع عربي ضد الانفصال

نادرا ما يحدث إجماع عربي في قضية نزاع بين دولتين عربيتين كما يحدث الآن مع قضية مغربية الصحراء، فقد تناوب عدد من ممثلي الدول العربية داخل اجتماعات اللجنة الرابعة داخل الأمم المتحدة على خطاب يكاد يكون موحدا يدعم بشكل واضح لا لبس فيه سيادة المغرب على كل أراضيه.
ولعل ما يزيد من أهمية الإجماع العربي أنه تم داخل ردهات المنتظم الأممي، أثناء المشاركة العربية في مناقشات اللجنة الرابعة، وهو ما يوفر إطارا ديبلوماسيا مؤثرا بالنظر إلى ما يمكن أن يخلفه هذا الموقف المبدئي من تأثير ديبلوماسي إيجابي في صناعة القرار الأممي مستقبلا.
موقف عربي، إذن، يتجاهل الأطروحة الانفصالية وحاميها الجزائر، ويؤكد أنه لا يمكن قبولها مهما يكن، وهذا ما عبر عنه بوضوح قاطع ممثلو المملكة السعودية والإمارات العربية المتحدة ودولة قطر وإمارة البحرين ودولة الكويت والمملكة الأردنية الهاشمية، ومن ثم فإن الرسالة العربية من داخل ردهات الأمم المتحدة تسقط أوهام تقرير المصير الذي يروج له كابرانات الجزائر، وتؤكد أنه لا محل له من الإعراب ضمن الإجماع العربي ووحدة المصير، بل ترفضه رفضا باتا لأنه يسقط حق الدولة المغربية في وحدتها الترابية.
المغرب ليس من الدول التي تختبئ وراء دعم الآخرين مهما كان وازنا، فقضية الوحدة الترابية عادلة، ومبادرتنا بالحكم الذاتي في إطار السيادة الوطنية مبادرة جدية وواقعية، لكن ما قام به إخواننا العرب من مواقف جريئة بلا شك سيعرضهم للاستهداف الإعلامي وبلطجة الكابرانات، يلقي علينا عبئا ثقيلا ويزيد من قناعتنا بكوننا في المكان المناسب والتدبير المناسب، وفي المقابل يضع الدولة الجزائرية وصنيعها الانفصالي في عزلة قاتلة، ولن يزيدها مزيد من التعنت الديبلوماسي الذي لا يراعي سيادة الدول، وحسن الجوار، وحرمة البعثات الديبلوماسية، إلا مزيدا من العزلة داخل محيطها العربي والإفريقي والمتوسطي.
في المحصلة، المغرب، بالقيادة الحكيمة لجلالة الملك وتدبيره الرزين والهادئ للسياسة الخارجية، يتوفر الآن توافق عربي مهم على قبول كل ما تطرحه المبادرة المغربية في إطار حل سياسي شامل يستمد عناصره الأساسية من مبادرة الحكم الذاتي داخل السيادة الوطنية، والتحدي اليوم هو تفعيل ما تمخض عن هذا الإجماع، حيث إن إدانة الانفصال وداعميه وحدها لا تكفي، والمطلوب أن تترجم هذا الموقف إلى آلية عمل واضحة للضغط على نظام الكابرانات، وتوظف الرفض العربي العارم لأطروحة الانفصال للقضاء على ما تبقى من أوهام الجار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى