أين تعيش القردة الكبيرة؟
زينب بنموسى
هذا السؤال ليس نكتة، بل تمرين مدرسي وضعته مدرسة فرنسية بمدرسة تابعة لوكالة التعليم الفرنسي بالخارج وطلبت من التلاميذ الربط بين صور بعض أنواع القردة وأسمائها، ومن بين الأنواع التي خصها التمرين، حسب رأي الأستاذة، امرأة ذات بشرة داكنة.
طبعا، وكما كان متوقعا، فور انتشار صورة التمرين قدَّم مدير المدرسة، سيباسيتان غالار، اعتذاراً رسمياً لأولياء التلاميذ، وفتحت وكالة التعليم الفرنسي في الخارج تحقيقا عن الموضوع.
إلى هذا الحد ظلت الأمور طبيعية وعادية، أستاذة اقترفت خطأ، تبرأت منه المؤسسة والوكالة الوصية عليها، وانتهى الموضوع، لكن بعض أولياء الأمور «الأوبن مايند» فوق العادة، ونظرا لوضعهم الاعتباري الخاص الذي يمنعهم من التفكير مثلنا نحن مغاربة الصف الثاني الناطقين بالعربية، قرروا الدفاع عنها في التعاليق وبعض التدوينات معتبرين أن الموضوع أخذ أكثر من حجمه، وأن «حساسية» اللغة هي ما منعتنا من فهم الفكرة العظيمة التي أرادت الأستاذة إيصالها من التمرين، وتدفعنا لانتقاد مدارس البعثة وتلاميذها، الذين يفعلون ما يشاؤون دون أن يحاسبهم أحد.
وفي الحقيقة، الموضوع فعلا أخذ أكثر من حجمه، فأين المشكل إذا وضعت الأستاذة صورة امرأة وسط مجموعة من القردة وتساءلت أين تعيش القردة الكبيرة؟ الجميع يعرف جواب هذا السؤال، فالقردة الكبيرة تعيش فوق رؤوسنا نحن مغاربة الصف الثاني (هادشي إلى ما كناش حنا هوما شخصيا بالنسبة ليهم)، ولي طلعوها تما هوما هاد النوع الجديد من المغاربة «الكلاس» الذين يرفضون أن تعاقب أستاذة فرنسية لمجرد أنها استعملت صورة امرأة إفريقية بطريقة عنصرية، وينظم أبناؤهم الحفلات الصاخبة داخل المؤسسات التعليمية دون أدنى احترام للإجراءات الاحترازية التي يعتقل لأجلها ويدفع الغرامات باقي المواطنين.
فأين المشكل في استعمال صورة امرأة إفريقية بطريقة عنصرية، وما الفرق بينها وبين سارتجي بارتمان التي عاشت حياتها في قفص سعيدة بعدما حولها الأوروبيون إلى حيوان؟ وما المانع من تنظيم حفلة في الوقت الذي يتساءل فيه عمال المقاهي عن مصير قوت يومهم في رمضان؟
كما أن «حساسية» اللغة فعلا عامل رئيسي في ما حدث، فاللغة التي كتبت بها التدوينات والتعليقات المدافعة لا يمكن أن تصيبك كمغربي عادي إلا بالحساسية أو السعار، وهي التي شجعت تلاميذ ليسي ديكارت وليوطي على تنظيم الحفلات الراقصة، وعدم الانضباط واحترام الإجراءات الاحترازية التي تصدر البلاغات التي تحددها بالعربية، وهوما مساكن لا يعرفون إلا الفرنسية.
محاولة تماهي مغاربة فرنسا مع كل ما يجيء من هناك سواء كان جيدا أو سيئا ولد لدينا حاليا نوعا هجينا من المواطنين/الآباء، يعيشون خارج النسق المغربي، والفرنسي أيضا، فلاهم حافظو على مشية الغراب ولا أتقنوا مشية الحمامة، لدرجة أنهم يدافعون عن أستاذة أدانتها وتبرأت منها وكالة التعليم الفرنسي نفسها، ويخرقون البروتوكول الصحي المعمول به حتى هناك، حيت هوما ماشي غير كايقريو ولادهم فمدارس البعثة الفرنسية، ولكن يدافعون حتى عن الأخطاء التي تجرمها فرنسا، المهم يكونوا مختلفين عن الجميع. إوا الله يعفو!